الطلاق
الطلاق في اللغة يعني رفع الكيد، بينما في الشرع فهو يعني إنهاء عقد النكاح، إما عن طريق الطلاق البائن أو الطلاق الرجعي بلفظ معين. وقد اتفق الفقهاء على مشروعية الطلاق استنادًا إلى قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ). وقد أجمعت الأمة الإسلامية في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- على جواز الطلاق، ولكنه اختلف الفقهاء في الحكم الأصلي له. حيث ذهب معظم العلماء إلى أن الأصل فيه الإباحة، إلا في حالات معينة، بينما رأى بعض العلماء أن الأصل هو التحريم، مع إمكانية وجود استثناءات.
أحكام الطلاق
تتفق الفقهاء على أن الطلاق يخضع للأحكام التكليفية الخمسة: الوجوب، الندب، الإباحة، الكراهة، والتحريم، وذلك حسب الظروف التي تم فيها الطلاق، وذلك كما يلي:
- الوجوب: يُعتبر الطلاق واجبًا في حالة الزوج المولي، حيث يُعرّف الإيلاء بأنه حلف الزوج على عدم إتيان زوجته لأكثر من أربعة أشهر. إذا انقضت هذه المدة دون إتيان الزوج لزوجته، يُطلب منه الطلاق، وإذا رفض يُطلّق القاضي عليه.
- الندب: يستحب الطلاق إذا فرطت الزوجة في حقوق الله، كالصلاة والعفاف، أو في حالات وجود الشقاق.
- الإباحة: يُباح الطلاق عند الحاجة، مثل سوء خلق الزوجة، أو سوء المعاملة، أو عدم حب الزوج لها.
- الكراهة: يُعتبر الطلاق مكروهًا إذا لم يكن هناك ضرورة تدعو إليه، مستندين إلى ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق).
- التحريم: يصبح الطلاق محرمًا إذا تم في فترة حيض الزوجة أو كان في فترة طهر جامعها فيها.
شروط الطلاق
أوصى الفقهاء بأن يكون هناك شروط لصحة الطلاق تشمل الأطراف الثلاثة، فتفصيل هذه الشروط كما يلي:
- شروط تتعلق بالمطلِّق: يجب أن تتوافر في المطلّق عدة شروط، وهي:
- الزوجية: يجب أن يكون المطلّق زوجًا، ويعني ذلك أن يكون هناك عقد زواج صحيح.
- البلوغ: رأى جمهور الفقهاء أن طلاق الصبي لا يقع، بينما يوافق الحنابلة على صحة طلاق الصبي العاقل.
- العقل: لا يُقبل طلاق المجنون والمعتوه، وكذلك من هو في حالة إغماء أو نوم.
- القصد والاختيار: يشترط قصد لفظ الطلاق دون إجبار. وقد اتفق الفقهاء على صحة طلاق الهازل، ولكنهم اختلفوا في صحة طلاق الشخص المخطئ أو المكره أو الغضبان.
- المخطئ: وفقًا لآراء علماء، طلاق المخطئ الذي يخطئ في نية الطلاق لا يقع إذا ثبت خطأه، بينما يختلف الفقهاء في حال عدم إثبات الخطأ.
- المكره: طلاق المكره بغير حق ليس له أثر إذا كان الإكراه شديداً.
- الغضبان: إذا بلغ الغضب مرحلة الحيرة، فلا يقع الطلاق.
- السفيه: طلاق السفيه يقع، إلا إذا كان هناك قول بعدم وقوعه.
- المريض: اتفق الفقهاء على صحة طلاق المريض، إلا إذا أثر المرض على العقل.
- شروط تتعلق بالمُطلَّقة: يجب أن تتحقق شروط معينة في الزوجة المطلقة:
- قيام الزوجية: يجب أن تكون المطلقة زوجة للمطلِّق.
- تعيين المُطلَّقة: يجب تحديد المرأة المطلقة، إما بالإشارة أو الوصف أو النية.
- شروط تتعلق بصيغة الطلاق: يتطلب الطلاق استخدام ألفاظ معينة أو الإشارة أو الكتابة، ولكل منها شروط:
- شروط اللفظ: يجب أن يكون اللفظ واضحًا ومعناه مفهومًا، مع نية إيقاع الطلاق، خاصةً عند استخدام ألفاظ كناية.
- شروط الكتابة: يُشترط أن تكون الكتابة واضحة وصريحة، وأن تعتمد على الصيغ المتعارف عليها.
- شروط الإشارة: بحالة إشارة القادر على الكلام، فهي لا تُعتبر معتبرة إلا في حالات معينة وفق بعض الآراء.
أركان الطلاق
تختلف آراء الفقهاء حول أركان الطلاق كما يلي:
- الحنفية: تذهب إلى أن الطلاق له ركن واحد وهو اللفظ المعبر عن الطلاق.
- المالكية: يعتبرون أن الطلاق له أربعة أركان تتضمن الزوج أو الوكيل ولفظ الطلاق ومكانه.
- الشافعية: يرون أن للطلاق خمسة أركان تشمل المُطلِّق وصيغة الطلاق ومكانه والنية.