تعريف سجود السهو
عرف علماء اللغة السجود بأنه وضع الجبين على الأرض، في حين أن السهو يُشير إلى نسيان أمر ما أو الغفلة عنه، مما يدفع القلب للتوجه إلى شيء آخر. وقد وضح ابن الأثير -رحمه الله- مفهوم سجود السهو بأنه حدوث ترك في الصلاة دون علم. لذا، تم إطلاق مصطلح سجود السهو كمؤشر على ارتباط الفعل بالسبب، حيث يُعتبر هذا السجود تعبيرًا عن السهو. وفقًا لآراء أهل العلم، يتكون سجود السهو من سجدتين يُؤديه المصلي لتصحيح خطأ غير متعمد وقع أثناء صلاته، سواء كان ذلك بزيادة أو نقص. وقد ذهب بعض العلماء إلى أن سجود السهو يعتبر واجبًا إذا حدث ما يستلزم ذلك، حيث استندوا إلى عدة أدلة، منها الحديث الذي رواه عبدالله بن مالك بن بحينة -رضي الله عنه- حيث قال: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات، ثم قام، فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما انتهت الصلاة ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم، فسجد سجدتين وهو جالس، ثم سلم).
أسباب سجود السهو
حدد العلماء ثلاث حالات تستدعي سجود السهو، وهي: الزيادة، والنقص، والشك. فإذا قام المصلي بزيادة أو نقصان متعمد في أركان الصلاة أو الواجبات، فإن صلاته تبطل وفقًا لإجماع العلماء. أما إذا نُسيت سنة من السنن، فقد ذهب بعض العلماء إلى أن سجود السهو في هذه الحالة يكون مستحبًا. فيما يلي تفصيل ذلك:
الحالة الأولى: الزيادة في الصلاة
قسم العلماء الزيادة في الصلاة إلى نوعين:
- زيادة أفعال: إذا كانت الزيادة تعود إلى نوع الصلاة نفسها، كأن يقوم الشخص في موضع الجلوس، أو يجلس في موضع الوقوف، أو يزيد على عدد الركعات. في حال حدوث ذلك سهواً ودون قصد، فإنه يتوجب عليه أداء سجود السهو.
- زيادة أقوال: مثل أن يتلفظ المصلي بكلمة مشروعة ولكن في مكان غير مناسب، كأن يقرأ في موضع الركوع أو السجود، أو يُشهد في موضع القيام. إذا قام بفعل ذلك سهواً، يُحبذ له أداء سجود السهو، أما إذا أتى بذكر في مكانه الصحيح كالتسبيح في الركوع والسجود، ثم أضاف شيئًا غير واجب، فلا يجب عليه السجود، بل يُستحب له. إذا حفظ عن عمد كلامًا ليس من الصلاة، فإن صلاته تعتبر باطلة بإجماع العلماء.
الحالة الثانية: النقص في الصلاة
إذا ترك المصلي أحد أركان الصلاة، مثل الركوع أو السجود، وإذا كان ذلك عن عمد فإن صلاته تبطل. أما إذا حدث الخطأ سهواً وترك تكبيرة الإحرام، فإن صلاته لا تُعتبر صحيحة، ولا يُمكن أن تُغني عنه سجود السهو. أما إذا كان الأمر يتعلق بركن آخر، فعندئذٍ يجب عليه العودة لأداء الركن الناقص أو تذكره عند الوصول إلى موضعه، وفي هذه الحال يلغي الركعة الناقصة وتُعتبر التي هو فيها مكانها. في حال ذكره بعد التسليم، فعليه أداء الركن المُتروك وما بعده.
الحالة الثالثة: الشك في الصلاة
ينقسم الشك في الصلاة إلى حالتين:
- الحالة الأولى: إذا كان المصلي يميل لأحد الأمرين المتنازَع فيهما، فعليه العمل بناءً على ما يُفضله، ثم يُسلم من الصلاة، وبعد ذلك يقوم بأداء سجود السهو ثم يسلم مرة أخرى.
- الحالة الثانية: إذا لم يتضح عند المصلي أحد الأمرين، فيمثل له أن يبني صلاته على اليقين بالنقص، وبعدها يُسجد للسهو قبل التسليم، ثم يُسلم من الصلاة.