بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
قال الشاعر كعب بن زهير هذه الأبيات التي تعبر عن عواطفه نحو الرسول:
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولٌ
مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفَدْ مَكبولٌ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولٌ
هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طُولٌ
تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت
كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولٌ
شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ
صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولٌ
تَجلو الرِياحُ القَذَى عَنه وَأَفرَطَهُ
مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلٌ
يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت
ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولٌ
لَكِنَّها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها
فَجعٌ وَوَلعٌ وَإِخلافٌ وَتَبديلٌ
فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها
كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ
وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت
إِلّا كَما تُمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ
كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً
وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ
أَرجو وَآمُلُ أَن يَعجَلنَ في أَبَدٍ
وَما لَهُنَّ طِوالَ الدَهرِ تَعجيلُ
فَلا يَغُرَّنَكَ ما مَنَّت وَما وَعَدَت
إِنَّ الأَمانِيَ وَالأَحلامَ تَضليلُ
صحا القلب إلا من خُمار أماني
تأتي هذه الأبيات من شاعر العصر الحديث أحمد شوقي:
صحا القلبُ، إلاَّ من خُمارِ أَماني
يجاذبُني في الغِيدِ رَثَّ عِناني
حنانيك قلبي، هل أعيدُ لك الصِّبا؟
وهل للفتى بالمستحيل يَدان؟
نحنُّ إلى ذاك الزمانِ وطيبه
وهل أَنتَ إلا من دم وحَنان؟
إذا لم تصن عهداً، ولم ترعَ ذمةً
ولم تدكر إلفاً؛ فلست جناني
أَتذكر إذ نُعْطِي الصَّبابة َ حقَّها
ونشرب من صرف الهوى بدنان؟
وأَنتَ خَفوقٌ، والحبيبُ مباعدٌ
وأَنت خفوقٌ، والحبيبُ مدان؟
وأَيامَ لا آلو رِهاناً مع الهَوى
وأَنت فؤادي عند كل رِهان
لقد كنت أشكو بعد ما عللك الصِّبا
فكيف ترى الكاسين تختلفان؟
ومازلتُ في رَيْعِ الشباب، وإنما
يشيبُ الفتى في مصرَ قبلَ أوان
ولا أكذبُ الباري، بنى اللهُ هيكلي
صنيعة إحسانٍ، ورِقَّ حِسان
أدينُ إذا اقتاد الجمالُ أَزمّتي
وأَعنو إذا اقتادَ الجميلُ عِناني
قد أمات الهجران صبيان قلبي
هذه الأبيات الحزينة تتناول موضوع الهجر والبعد، من تأليف الجاحظ:
قَد أَماتَ الهِجرانُ صِبيانُ قَلبي
فَفُؤادي مُعَذَّبٌ في خِبال
كَسَرَ البَينُ لَوحَ كَبدي فَما أَط
مَعَ مِمَّن هَوَيتَهُ في وِصال
رَفَعَ الرَقَمُ مِن حَياتي وَقَد أَط
لَقَ مَولايَ حَبلَهُ مِن حِبالي
مَشقُ الحُبِّ في فُؤادي لَو حي
نَ فَاِغرى جَوانِحي بِالسِلالِ
لاقَ قَلبي بَنانَه فَمَدادُ ال
عَينِ مِن هَجرِ مالِكي في اِنهِمالِ
كَرَسفِ البَينِ سودُ الوَجهِ مِن وَص
لي فَقَلبي بِالبَينِ في اِشعالِ
قلبي يحدثني بأنك متلفي
هذه الأبيات الغزلية من تأليف ابن الفارض:
قلْبي يُحدّثُني بأنّكَ مُتلِفي،
روحي فداكَ عرفتَ أمْ لمْ تعرفِ
لم أقضِ حقَّ هَوَاكَ إن كُنتُ الذي
لم أقضِ فيهِ أسىً، ومِثلي مَن يَفي
ما لي سِوى روحي، وباذِلُ نفسِهِ،
في حبِّ منْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ
فَلَئنْ رَضيتَ بها، فقد أسْعَفْتَني؛
يا خيبة َ المسعى إذا لمْ تسعفِ
يا مانِعي طيبَ المَنامِ، ومانحي
ثوبَ السِّقامِ بهِ ووجدي المتلفِ
عَطفاً على رمَقي، وما أبْقَيْتَ لي
منْ جِسميَ المُضْنى ، وقلبي المُدنَفِ
فالوَجْدُ باقٍ، والوِصالُ مُماطِلي،
والصّبرُ فانٍ، واللّقاءُ مُسَوّفي
لم أخلُ من حَسدٍ عليكَ، فلاتُضعْ
سَهَري بتَشنيعِ الخَيالِ المُرْجِفِ
واسألْ نُجومَ اللّيلِ:هل زارَ الكَرَى
جَفني، وكيفَ يزورُ مَن لم يَعرِفِ؟
لا غَروَ إنْ شَحّتْ بِغُمضِ جُفونها
عيني وسحَّتْ بالدُّموعِ الدُّرَّفِ
وبماجرى في موقفِ التَّوديعِ منْ
ألمِ النّوى ، شاهَدتُ هَولَ المَوقِفِ
إن لم يكُنْ وَصْلٌ لَدَيكَ، فَعِدْ بهِ
أملي وماطلْ إنْ وعدتَ ولاتفي
فالمطلُ منكَ لديَّ إنْ عزَّ الوفا
يحلو كوصلٍ منْ حبيبٍ مسعفِ
أهفو لأنفاسِ النَّسيمِ تعلَّةً
ولوجهِ منْ نقلتْ شذاهُ تشوُّفي
فلَعَلَ نارَ جَوانحي بهُبوبِها
أنْ تَنطَفي، وأوَدّ أن لا تنطَفي
يا أهلَ ودِّي أنتمُ أملي ومنْ
ناداكُمُ يا أهْلَ وُدّي قد كُفي
عُودوا لَما كُنتمْ عليهِ منَ الوَفا،
كرماً فإنِّي ذلكَ الخلُّ الوفي
وحياتكمْ وحياتكمْ قسماً وفي
عُمري، بغيرِ حياتِكُمْ، لم أحْلِفِ
لوْ أنَّ روحي في يدي ووهبتها
لمُبَشّري بِقَدومِكُمْ، لم أنصفِ
لا تحسبوني في الهوى متصنِّعاً
كلفي بكمْ خلقٌ بغيرِ تكلُّفِ
أخفيتُ حبَّكمُ فأخفاني أسىً
حتى، لعَمري، كِدتُ عني أختَفي
وكَتَمْتُهُ عَنّي، فلو أبدَيْتُهُ
لَوَجَدْتُهُ أخفى منَ اللُّطْفِ الخَفي
ولقد أقولُ لِمن تَحَرّشَ بالهَوَى:
عرَّضتَ نفسكَ للبلا فاستهدفِ
أنتَ القتيلُ بأيِّ منْ أحببتهُ
فاخترْ لنفسكَ في الهوى منْ تصطفي
قلْ للعذولِ أطلتَ لومي طامعاً
أنَّ الملامَ عنِ الهوى مستوقفي
دعْ عنكَ تعنيفي وذقْ طعمَ الهوى
فإذا عشقتَ فبعدَ ذلكَ عنِّفِ
بَرَحَ الخَفاءَ بحُبّ مَن لو، في الدّجى
سفرَ الِّلثامَ لقلتُ يا بدرُ اختفِ
وإن اكتفى غَيْري بِطيفِ خَيالِهِ،
فأنا الَّذي بوصالهِ لا أكتفي
وَقْفاً عَلَيْهِ مَحَبّتي، ولِمِحنَتي،
بأقَلّ مِنْ تَلَفي بِهِ، لا أشْتَفي
وهَواهُ، وهوَ أليّتي، وكَفَى بِهِ
قَسَماً، أكادُ أُجِلّهُ كالمُصْحَفِ
لوْ قالَ تِيهاً: قِفْ على جَمْرِ الغَضا
لوقفتُ ممتثلاً ولمْ أتوقفِ
أوْ كانَ مَنْ يَرْضَى ، بخدّي، موطِئاً
لوضعتهُ أرضاً ولمْ أستنكفِ
لا تنكروا شغفي بما يرضى وإنْ
هوَ بالوصالِ عليَّ لمْ يتعطَّفِ
غَلَبَ الهوى، فأطَعتُ أمرَ صَبابَتي
منْ حيثُ فيهِ عصيتُ نهيَ معنِّفي
مني لَهُ ذُلّ الخَضوع، ومنهُ لي
عزُّ المنوعِ وقوَّة ُ المستضعفِ
ألِفَ الصّدودَ، ولي فؤادٌ لم يَزلْ،
مُذْ كُنْتُ، غيرَ وِدادِهِ لم يألَفِ
ياما أميلحَ كلَّ ما يرضى بهِ
ورضابهُ ياما أحيلاهُ بفي
لوْ أسمعوا يعقوبَ ذكرَ ملاحةٍ
في وجههِ نسيَ الجمالَ اليوسفي
أوْ لوْ رآهُ عائداً أيُّوبُ في
سِنَة ِ الكَرَى، قِدماً، من البَلوَى شُفي
كلُّ البدورِ إذا تجلَّى مقبلاً
تَصبُو إلَيهِ، وكُلُّ قَدٍّ أهيَفِ
إنْ قُلْتُ: عِندي فيكَ كل صَبابةٍ؛
قالَ: الملاحة ُ لي، وكُلُّ الحُسْنِ في
كَمَلتْ مَحاسِنُهُ، فلو أهدى السّنا
للبدرِ عندَ تمامهِ لمْ يخسفِ
وعلى تَفَنُّنِ واصِفيهِ بِحُسْنِهِ،
يَفْنى الزّمانُ، وفيهِ ما لم يُوصَفِ
ولقدْ صرفتُ لحبِّهِ كلِّي على
يدِ حسنهِ فحمدتُ حسنَ تصرُّفي
فالعينُ تهوى صورةَ الحسنِ الَّتي
روحي بها تصبو إلى معنىً خفي
أسْعِدْ أُخَيَّ، وغنِّ لي بِحَديثِهِ،
وانثُرْ على سَمْعي حِلاهُ، وشَنِّفِ
لأرى بعينِ السّمعِ شاهِدَ حسْنِهِ
معنىً فأتحفني بذاكَ وشرِّفِ
يا أختَ سعدٍ منْ حبيبي جئتني
بِرسالَةٍ أدّيْتِها بتَلَطّفِ
فسمعتُ مالمْ تسمعي ونظرتُ ما
لمْ تنظري وعرفتُ مالمْ تعرفي
إنْ زارَ، يوماً ياحَشايَ تَقَطَّعي،
كَلَفاً بهِ، أو سارَ، يا عينُ اذرِفي
ما للنّوى ذّنْبٌ، ومَنْ أهوى مَعي،
إنْ غابَ عنْ إنسانِ عيني فهوَ في