حب الوطن
الوطن هو المكان الذي يتجذر فيه الشخص ارتباطًا تاريخيًا عميقًا، حيث يمثل مقره وموطن انتمائه، وهو المكان الذي وُلِدَ فيه الآباء والأجداد. إن الوطن يجسد شعور الأمان والاستقرار والحياة الكريمة، ويُعبر عنه بالأهل والأصدقاء. إن حب الوطن هو جزء لا يتجزأ من محبتنا لعقيدتنا الإسلامية.
قصائد ابن الرومي عن الوطن
وَلِي وطنٌ أَلَيْتُ أَلَّا أَبيعهُ
وَأَلّا أَرَى غَيْري لَهُ الدَّهْر مالِكاً
عَهِدْتُ بِهِ شَرخَ الشَباب وَنعمةً
كَنعْمَةِ قَوْمٍ أَصبَحوا فِي ظلالِكَ
وحبَّبَ أوطانَ الرِجَالِ إِلَيْهِمُ
مآربُ قَضّاها الشَبابُ هُنالِكَ
إذا ذَكَروا أوطانَهُم ذَكَّرتُهُمُ
عُهودَ الصِّبا فِيها فَحَنُّوا لذاكَ
فَقَدْ أَلِفَتْهُ النَّفْسُ حَتَّى كَأَنَّهُ
لَهَا جَسدٌ إِن بان غُدِرَ هَالِكاً
وطنُ الإِنسانِ أُمٌ فَإِذا
عَقَّهُ الإِنسانُ يَوماً عَقَّ أُمَّهُ
وطنٌ ولكنْ للغريبِ أُمَّةٌ
مَلْهى الطُغاةِ ومَلْعَبُ الأَضدادِ
يا أُمَّةً أَعْيَتْ لِطولِ جِهادِها
أَسُكُونُ مَوْتٍ أَم سُكُونُ رُقادِ
يا مَوطناً عاثَ الذئابُ بأرضهِ
عَهدي بأنكَ مَرْبَضُ الأَسَادِ
ماذا التَّمَهُّلُ في المَسيرِ كَأَنَّنا
نَمشي على حَسَكٍ وشَوْكِ قَتَادِ
هل نَرقى يَوماً ومِلْءُ نُفوسِنا
وَجَلُ المَسُوقِ وَذُلَّةُ المُنقَادِ
هل نَرقى يَوماً وَحَشَورُ رِجالِنا
ضَعفُ الشُيوخِ وَخِفَّةُ الأَوْلَادِ
واهاً لأصفادِ الحديدِ فَإِنَّنا
مِن آفَةِ التَّفْرِيقِ فِي أَصْفَادِ
شعر أحمد شوقي عن الوطن
اختلاف النهار والليل ينسى
أَذْكَرَ لي الصِبَا، وأيّام أنسٍ
وصِفَ لي مُلاوةً من شَبابٍ
صُوِّرَتْ مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ
عَصَفَتْ كَالصِبَا اللَّعُوبِ
ومَرَّت سَنَةً حَلُوةً وَلَذَّةً خَلَسَ
وَسَلا مِصْرَ: هَل سَلا القَلْب عَنْهَا
أو أَسا جُرْحَهُ الزَّمان المُؤَسِّي؟
كُلَّمَا مَرَّتِ اللَّيَالِي عَلَيْهِ رَقَّ
وَالْعَهْدُ فِي اللَّيَالِي تَقَسَّى
مُسْتَطارٌ إِذا البَوَاخِر رَنَّتْ
أوَّلَ اللَّيلِ أَوْ عَوَتْ بَعْدَ جَرَسٍ
رَاهِبٌ فِي الضلُوعِ لِلْسُفُنِ فَطُن
كُلَّمَا ثَرْنَ شَاعَهُنَّ بِنَقْسٍ
يا ابنةَ اليم، مَا أَبُوكِ بِخيلٍ
مَا لَهُ مُولَعًا بِمَنْعٍ وَحَبْسٍ؟
أَحَرَامٌ عَلَى بِلَابِلَهِ الدُوحِ
حَلاَلٌ لِلطَّيَرِ مِن كُلِّ جِنْسٍ؟
كُلُّ دَارٍ أَحَقُّ بِالأَهْلِ إِلَّا
في خبيثٍ مِن المَذاهِبِ رَجَسٍ
نَفْسِي مَرْجَلٌ، وَقَلْبِي شَرَاعٌ
بِهِمَا فِي الدُّموعِ سِيرِي وَأَرْسِي
واجعلي وَجْهَكِ الفُنَارَ وَمَجْرَاكِ
يَدُ الثغْرِ بَيْنَ رَمْلٍ ومَكْسٍ
وطني لو شغِلتُ بالخلد عنه
نازعتني إِلَيْهِ فِي الخَلْدِ نَفْسِي
وهفا بالفؤاد فِي سَلْسَبيلٍ
ظَمَأٌ للسواد مِن عَيْنِ شَمَسٍ
شَهِدَ الله، لَم يَغِبْ عَن جُفُونِي
شخصُهُ سَاعَةً وَلَم يَخْلُ حُسِّي
يُصَبحُ الفكْرُ وَالمسلةُ ناديه
وبالسَّرحةِ الزكيَّة يُمسي
وكأني أرى الْجَزِيرَةَ أيْكَاً
نَغمت طَيْرِهَا بِأَرْخَمَ جَرَسٍ
هي بلقيسٌ فِي الخمائلِ صَرْحٌ
مِن عَبَابٍ، وَصاحِبٍ غَيْر نَكْسٍ
حَسَبُهَا أَنْ تَكونَ لِلنِّيلِ عُرسًا
قبْلَهَا لَم يُجَنَّ يَوماً بِعُرْسٍ
لَبِستْ بالأصِيل حُلَّةً وَشِيًّا
بَيْنَ صِنْعَاءَ فِي الثِّيَابِ وَقَسِّي
قدَّهَا النيل، فَاستَحَت، فَتَوَارَتْ
مِنْهُ بِالجِسْرِ بَيْنَ عُرٍ ولُبْسٍ
وَأَرَى النيلَ كالعَقِيقِ وَادِيَهُ
وَإنْ كانَ كَوْثَرَ المُتَحَسِّي
إبْنُ مَاءِ السَّماءِ ذُو المَوْكَبِ الفَخْمِ
الَّذِي يُحَسِرُ العُيُونَ ويُخْسِي
لا تَرَى فِي رُكُوبِهِ غَيْرَ مُثَنٍ
بِخَمِيلٍ، وَشَاكِرِ فَضْلِ عُرْسٍ
وَأَرَى الجيزةَ الحَزِينَةَ ثَكَلى
لَم تَفِقْ بَعْدُ مِن مَنَاحَةِ رَمْسٍ
أكْثَرْتِ ضَجَّةَ السَّوَاقِي عَلَيْهِ
وَسُؤالُ اليرَاعِ عَنْهُ بِهَمْسٍ
وَقِيَامُ النَّخيل ضَفَرْنَ شَعْرًا
وَتَجَرَّدْنَ غَيْرَ طَوْقٍ وَسَلَسٍ.
قصائد حبيب الزيودي عن الوطن
سَكَبْتُ أَجْمَلَ شِعْرِي فِي مَغَانِيهَا
لا كُنتَ يَا شِعْرَ لِي إِن لَم تَكُنْ فِيهَا
هَذِهِ بِلَادِي ولا طُولٌ يَطَاوِلُهَا
فِي سَاحَةِ المجد أَو نَجمٍ يُدَانِيها
وَمَهْرَةُ العَرَبِ الأَحْرَارِ لو عَطِشَت
نَصَبٌ مِن دَمِنَا مَاءً وَنَرْوِيها
يا أَيُّهَا الشِّعْرُ كُنْ نَخْلًا يُظَلِّلُهَا
وَكُنْ أَمَانًا وَحُبًّا فِي لَيَالِيها
وَأَيُّهَا الْوَطَنُ الْمُمْتَدُّ فِي دَمِنَا
حُبًّا أَعَزُّ مِنَ الدُّنْيا وَمَا فِيهَا
بِغَيْرِ كَعْبَتِكَ الشَّمَاءِ مَا وَقَفْتُ
هَذِهِ الْقَصَائِدُ أَوْ طَافَتْ مَعَانِيها
هَذِهِ صِفَاتُكَ إِنِّي إِذْ أُعَدِّدُهَا
عَلَى الأَنْامِ فَإِنِّي لَسْتُ أُحْصِيها
وَأَيُّهَا الأَوْفِيَاءُ الحَافِظُونَ عَلَى
عُهُودِهِ الْبِيضِ آتِيها وَمَاضِيها
كُنتُمْ قَنَادِيلَهُ فِي لَيْلهِ فَإِذا
مَادَتْ بِهِ الأَرْضُ أَصْبَحْتُمْ رَوَاسِيها
لَكُم أَزِفْ أَنَاشِيدِي وَإِنَّ بِهَا
مِن حُبِّكُمْ عَبَقًا بِالنورِ يُذَكِّيها
هَذِهِ بِلَادِي بِهَا الأَحْرَارُ قَد طَلَعُوا
أَقْمَارُ حَقٍّ أَضَاءَتْ فِي دِيَاجِيها
وَعَطَّرُوا بِالْدَّمِ الْقَانِي مَدَائِنَهَا
وزَيَّنُوا بِأَمَانِيهم بَوَادِيها
وَعَلَّمُوا النَّاسَ أَنَّ الْمَوْتَ أُغْنِيَّةٌ
كَانَ الشَّهِيدُ بِإِيمَانٍ يُغَنيها
وَلَوْ تَطُولُ دُرُوبُ الْفَتْحِ نَحْنُ عَلَى
قُلُوبِنَا وَعَلَى الأَهْدَابِ نَمْشِيها
إِنَّا رَفَعْنَا لَكَ الرَّايَاتِ عَالِيَةً
وَحَسَبُنَا أَنَّا كُنَّا سُوَارِيها
وَحَسَبُنَا أَنَّنا فِي الْبَرِّ نَحْمِلُهَا
بَيْنَ الضلُوعِ وَلَمْ نَخْذُلْ أَمَانِيها
وَهَذِهِ الْأَرْضُ لَوْ مِن قِلَّةٍ هَلَكَتْ
فَنَحْنُ بِالْحُبِّ لَا بِالمَالِ نُحْيِيها.
شعر عن الوطن لإبراهيم المنذر
أَنَا حُرٌّ هَذِهِ الْبِلَادُ بِلَادِي
أَرْتَجِي عِزَّهَا لِأَحْيَا وَأَغْنَمُ
لَسْتُ أَدْعُو لِثَوْرَةٍ أَوْ يَزَالٍ
لَسْتُ أَدْعُو لِعَقْدِ جَيْشٍ مُنَظَّمٍ
لَسْتُ أَدْعُو إِلَّا لِخَيْرِ بِلَادِي فَهِيَ
نُورِي إِذَا دَجَى الْبُؤْسُ خَيَّمَ
إنَّمَا الخَيْرُ فِي الْمَدَارِسِ يُرْجَى
فَهِيَ لِلْمَجْدِ وَالْمَفَاخِرِ سَلَّمٌ
وَحِّدُوهَا وَعَمِّمُوا الْعِلْمَ فِيهَا
فَدَوَاءُ الْبِلَادِ عَلْمٌ مُعَمَّمٌ
إنَّ مَنْ يُبَذِّلُ النُّقُودَ عَظِيمٌ
وَالَّذِي يُنَشِّرُ الْمَعَارِفَ أَعْظَمُ
لَا أُبَاهِي بِمَا أَنَا الْيَوْمَ فِيهِ
نَائِبًا يُجَابِهُ الْخُطُوبَ وَيُقَحِمُ
تَارَةً صَارِخًا وَطُورًا سُكُوتًا
وَالْبَلَايَا تَجُوزُهُ وَهُوَ مُرْغَمٌ
إنَّمَا مَفْخَرِي بِمَا كُنتُ فِيهِ
وَصِغَارُ الْحُمَى حَوَالَيْ تَزْحَمُ
عَرَفُوا فِي سَمَا الْبَرِيَّةِ رَبًّا
لِجَمِيعِ الوَرَى يُغِيثُ وَيَرْحَمُ
وَدَرُوا أَنَّهُمْ جَمِيعًا بَنُوهُ
إخْوةٌ لِلْجِهَادِ تَسْعَى لِتَغْمُرَ
هَكَذَا تَرْتَقِي الْبِلَادُ وَإِلَّا
فَخْرَابُ الْبِلَادِ أَمْرٌ مُحَتَّمٌ
أَيُّهَا الْأَغْنِيَاءُ عِشْتُمْ كَمَا شِئْتُمْ
إِلَى الْيَوْمِ لَم تُصَابُوا بِمَغْرَمٍ
أَيُّهَا الْأَغْنِيَاءُ صُونُوا وَانْشُرُوا
العِلْمَ وَأَعْضُدُوا كُلَّ يَتِيمٍ
أَيُّهَا الْأَغْنِيَاءُ جُودُوا وَإِلَّا
فَضَعِيفُ الدِّيَارِ لَا بُدَّ يَنْقِمُ
إنَّ عَرْشَ الْغَنِيِّ وَهُوَ عَقِيمٌ
وَلَئِنْ طَالَ عَهْدُهُ يَتَحَطَّمُ.
شعر مصطفى صادق الرافعي عن الوطن
بِلَادِي هَوَاهَا فِي لِسَانِي وَفِي دَمِي
يُمَجِّدُهَا قَلْبِي وَيَدْعُو لَهَا فَمِي
وَلَا خَيْرَ فِي مَنْ لَا يُحِبُّ بِلَادَهُ
وَلَا فِي حَلِيفِ الْحُبِّ إِن لَمْ يَتَيَّمِ
وَمَن تُؤَوِّهِ دَارٌ فيجْحَدُ فَضْلَهَا
يَكُن حَيَوَانًا فَوْقَهُ كُلِّ أَعْجَمِ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الطَّيْرَ إِن جَاءَ عِشَّهُ
فَآوَاهُ فِي أَكْنَافِهِ يَتَرَنَّمُ
وَلَيْسَ مِنَ الأَوْطَانِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا
فِدَاءً وَإِن أَمْسَى إِلَيْهِنَّ يَنْتَمِي
عَلَى أَنَّهَا لِلنَّاسِ كَالشَّمْسِ لَمْ تَزَلْ
تُضِيءُ لَهُمْ طَرًّا وَكَمْ فِيهمُ عُمِي
وَمَن يَظْلِمِ الأَوْطَانَ أَوْ يَنْسَ حَقَّهَا
تَجُبُّهُ فُنُونُ الْحَادِثَاتِ بِأَظْلَمِ
وَلَا خَيْرَ فِي مَنْ إِن أَحَبَّ دَيَارَهُ
أَقَامَ لَيَبْكِي فَوْقَ رُبْعٍ مُهَدَّمِ
وَقَدْ طَوَيْتِ تِلْكَ اللَّيَالِي بِأَهْلِهَا
فَمَن جَهِلَ الْأَيَّامَ فَلْيَتَعَلَّمِ
وَمَا يَرْتَفِعُ الأَوْطَانَ إِلَّا رِجَالُهَا
وَهَلْ يَتَرَقَّى النَّاسُ إِلَّا بِسِلَّمِ
وَمَن يَكُ ذَا فَضْلٍ فِيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ
عَلَى قَوْمِهِ يَسْتَغْنَى عَنْهُ وَيُذَمُّ
وَمَن يَتَقَلَّبُ فِي النَّعِيمِ شَقِيْ بِهِ
إِذا كَانَ مِنْ آخَاهُ غَيْرُ مُنَعَّمٍ.