أسلوب التشبيه في معلقة طرفة بن العبد
تتميز قصيدة طرفة بن العبد بقدرتها على التعبير عن مشاعر إنسان تعرض لظلم شديد من أقربائه. وقد حوت هذه القصيدة على معانٍ وصور فنية غنية ومعبرة. وكما كان معتادًا لدى شعراء عصره، بدأت القصيدة بعتاب الشاعر لمعشوقته والتغني بذكريات الأماكن التي شهدت لقائهما. لقد اجتهد الشاعر في استخدام أساليب التشبيه المتنوعة، ومن أبرزها:
تتسم المعلقة بالحس الإنساني البارز، حيث تغلبت عليها عاطفة الظلم الذي عاشه الشاعر. لقد كان أسلوب التشبيه من أكثر الأساليب قربًا وسهولة في التعبير عن مشاعره، مما ساعد القارئ على التفاعل مع تلك المشاعر بشكل أعمق. من يتأمل في جوهر القصيدة، أو من يمر بتجارب مماثلة، يدرك معاناة الشاعر بشكل صريح. يتجلى تأثير أسلوب التشبيه في النصوص كوسيلة لعرض قوة الشاعر وفصاحته، وهو ما يتضح في هذه القصيدة. لا يمكن إغفال الصعوبات التي واجهها الشاعر، حيث جاء التشبيه ليعبر عن تلك الظروف بوضوح ويسر.
التشبيه التمثيلي
ظهر ذلك في المثال التالي:
كأنَّ حدوج المالكية غُدوة
خلايا سفين بالنواصف من دد
في هذا البيت، يشبه طرفة مراكب محبوبته بالسفن العملاقة. ويستمر في التشبيه قائلاً:
التشبيه البليغ
يشق حباب حيزومها كما
قسم الترب المفايل باليد
هنا يشبه قائد المركب بالملاح الذي يتوسط البحر ويتحكم في السفينة كما يتحكم المرء بالتراب في يده.
التشبيه المفصل
وتبسم عن ألمى كأنَّ منوراً
تخلَّل حر الرمل دعصٌ له ندى
يصور الشاعر ابتسامة محبوبته التي تضيء وجهها كزهر الأقحوان الذي ينسجم مع رمال الصحراء ويضفي جماله عليها.
التشبيه المجمل
وجهٌ كأنَّ الشمس حلَّت ردائها
عليه نقي اللون لم يتخدد
يشبه الشاعر وجه المحبوبة بالشمس من حيث ضيائها وإشعاعها، دون أن يظهر به أي عيب.
التشبيه المرسل
أمونٍ كألواح الأران نصأتها
على لاحب كأنَّه نهر برجد
يستحضر الشاعر الناقة مشبهاً إياها بعظام التابوت العظيمة والقاسية.
التشبيه الضمني
جماليَّة وجناء تردي كأنَّها
سفنَّجة تبري لأزعر أربد
هنا يشبهها بالنعام في قلة الشعر وكثرة اللحم وجمال اللون المائل إلى الحمرة. وفي مقطع آخر، يشبه شعر ذنبها بجناح نسر أبيض قائلاً:
التشبيه الملفوف
كأنَّ جناحي مصرخيَّ تكنَّفا
حفافية شُكَّا في العسيب بمسرد
يشبه الشاعر فخذي الناقة بمصرعي قصر عالٍ، مما يبرز صلابتهما وقوتهما، فيقول:
لها فخذان أُكمل النحض فيهما
كأنَّهما بابا منيف ممرَّد
يتضح أن الشاعر استثمر أسلوب التشبيه بكل أركانه من أداة ومشبه به ومشبه، مما يجعل هذا الأسلوب واضحًا وصريحًا.