قصيدة أمن آل مية رائح أو مغتد
تُعد قصيدة “أمن آل مية رائح أو مغتد” من أجمل أعمال الشاعر النابغة الذبياني في فن الغزل:
أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدِ
عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدِ
أَفِدَ التَرَجُّلُ غَيرَ أَنَّ رِكابَنا
لَمّا تَزُل بِرِحالِنا وَكَأَن قَدِ
زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً
وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدُ
لا مَرحَباً بِغَدٍ وَلا أَهلاً بِهِ
إِن كانَ تَفريقُ الأَحِبَّةِ في غَدِ
حانَ الرَحيلُ وَلَم تُوَدِّع مَهدَداً
وَالصُبحُ وَالإِمساءُ مِنها مَوعِدي
في إِثرِ غانِيَةٍ رَمَتكَ بِسَهمِها
فَأَصابَ قَلبَكَ غَيرَ أَن لَم تُقصِدِ
غَنيَت بِذَلِكَ إِذ هُمُ لَكَ جيرَةٌ
مِنها بِعَطفِ رِسالَةٍ وَتَوَدُّدِ
وَلَقَد أَصابَت قَلبَهُ مِن حُبِّها
عَن ظَهرِ مِرنانٍ بِسَهمٍ مُصرَدِ
نَظَرَت بِمُقلَةِ شادِنٍ مُتَرَبِّبٍ
أَحوى أَحَمِّ المُقلَتَينِ مُقَلَّدِ
وَالنَظمُ في سِلكٍ يُزَيَّنُ نَحرَها
ذَهَبٌ تَوَقَّدُ كَالشِهابِ الموقَدِ
صَفراءُ كَالسِيَراءِ أُكمِلَ خَلقُها
كَالغُصنِ في غُلَوائِهِ المُتَأَوِّدِ
وَالبَطنُ ذو عُكَنٍ لَطيفٌ طَيُّهُ
وَالإِتبُ تَنفُجُهُ بِثَديٍ مُقعَدِ
مَحطوطَةُ المَتنَينِ غَيرُ مُفاضَةٍ
رَيّا الرَوادِفِ بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ
قامَت تَراءى بينَ سَجفَي كِلَّةٍ
كَالشَمسِ يَومَ طُلوعِها بِالأَسعُدِ
أَو دُرَّةٍ صَدَفِيَّةٍ غَوّاصُها
بَهِجٌ مَتى يَرَها يُهِلَّ وَيَسجُدِ
أَو دُميَةٍ مِن مَرمَرٍ مَرفوعَةٍ
بُنِيَت بِآجُرٍّ تُشادُ وَقَرمَدِ
سَقَطَ النّصيفُ، ولم تُرِدْ إسقاطَهُ
فتناولتهُ واتقتنا باليدِ
بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأنّ بنانَهُ
عنم يكاد من اللطافة يعقدِ
نظرَتْ إليك بحاجةٍ لم تَقْضِها
نظرَ السقيمِ إلى وجوهِ العودِ
تَجلو بِقادِمَتَي حَمامَةِ أَيكَةٍ
بَرَداً أُسِفَّ لِثاتُهُ بِالإِثمِدِ
كَالأُقحُوانِ غَداةَ غِبَّ سَمائِهِ
جَفَّت أَعاليهِ وَأَسفَلُهُ نَدي
زَعَمَ الهُمامُ بِأَنَّ فاها بارِدٌ
عَذبٌ مُقَبَّلُهُ شَهِيُّ المَورِدِ
زَعَمَ الهُمامُ وَلَم أَذُقهُ أَنَّهُ
عَذبٌ إِذا ما ذُقتَهُ قُلتَ اِزدُدِ
زَعَمَ الهُمامُ وَلَم أَذُقهُ أَنَّهُ
يُشفى بِرَيّا ريقِها العَطِشُ الصَدي
أَخَذَ العَذارى عِقدَها فَنَظَمنَهُ
مِن لُؤلُؤٍ مُتَتابِعٍ مُتَسَرِّدِ
لَو أَنَّها عَرَضَت لِأَشمَطَ راهِبٍ
عَبَدَ الإِلَهِ صَرورَةٍ مُتَعَبِّدِ
لَرَنا لِبَهجَتِها وَحُسنِ حَديثِها
وَلَخالَهُ رُشداً وَإِن لَم يَرشُدِ
بِتَكَلُّمٍ لَو تَستَطيعُ سَماعَهُ
لَدَنَت لَهُ أَروى الهِضابِ الصُخَّدِ
وَبِفاحِمٍ رَجلٍ أَثيثٍ نَبتُهُ
كَالكَرمِ مالَ عَلى الدِعامِ المُسنَدِ
فَإِذا لَمَستَ لَمَستَ أَجثَمَ جاثِماً
مُتَحَيِّزاً بِمَكانِهِ مِلءَ اليَدِ
وَإِذا طَعَنتَ طَعَنتَ في مُشَهدِفٍ
رابي المَجَسَّةِ بِالعَبيرِ مُقَرمَدِ
وَإِذا نَزَعتَ نَزَعتَ عَن مُستَحصِفٍ
نَزعَ الحَزَوَّرِ بِالرَشاءِ المُحصَدِ
وَإِذا يَعَضُّ تَشُدُّهُ أَعضائُهُ
عَضَّ الكَبيرِ مِنَ الرِجالِ الأَدرَدِ
وَيَكادُ يَنزِعُ جِلدَ مَن يُصلى بِهِ
بِلَوافِحٍ مِثلِ السَعيرِ الموقَدِ
لا وارِدٌ مِنها يَحورُ لِمَصدَرٍ
عَنها وَلا صَدِرٌ يَحورُ لِمَورِدِ
قصيدة أهاجك من سعداك مغنى المعاهد
تتناول هذه القصيدة من تأليف النابغة الذبياني مدح النعمان بن المنذر:
أَهاجَكَ مِن سُعداكَ مَغنى المَعاهِدِ
بِرَوضَةِ نُعمِيٍّ فَذاتِ الأَساوِدِ
تَعاوَرَها الأَرواحُ يَنسِفنَ تُربَها
وَكُلُّ مُلِثٍّ ذي أَهاضيبَ راعِدِ
بِها كُلُّ ذَيّالٍ وَخَنساءَ تَرعَوي
إِلى كُلِّ رَجّافٍ مِنَ الرَملِ فارِدِ
عَهِدتُ بِها سُعدى وَسُعدى غَريرَةٌ
عَروبٌ تَهادى في جَوارٍ خَرائِدِ
لَعَمري لَنِعمَ الحَيِّ صَبَّحَ سِربَنا
وَأَبياتَنا يَوماً بِذاتِ المَراوِدِ
يَقودُهُمُ النُعمانُ مِنهُ بِمُحصَفٍ
وَكَيدٍ يَغُمُّ الخارِجِيَّ مُناجِدِ
وَشيمَةِ لا وانٍ وَلا واهِنِ القُوى
وَجَدٍّ إِذا خابَ المُفيدونَ صاعِدِ
فَآبَ بِأَبكارٍ وَعونٍ عَقائِلٍ
أَوانِسَ يَحميها اِمرُؤٌ غَيرُ زاهِدِ
يُخَطَّطنَ بِالعيدانِ في كُلِّ مَقعَدٍ
وَيَخبَأنَ رُمّانَ الثُدِيِّ النَواهِدِ
وَيَضرِبنَ بِالأَيدي وَراءَ بَراغِزٍ
حِسانِ الوُجوهِ كَالظِباءِ العَواقِدِ
غَرائِرُ لَم يَلقَينَ بَأساءَ قَبلَها
لَدى اِبنِ الجُلاحِ ما يَثِقنَ بِوافِدِ
أَصابَ بَني غَيظٍ فَأَضحَوا عِبادَهُ
وَجَلَّلَها نُعمى عَلى غَيرِ واحِدِ
فَلا بُدَّ مِن عَوجاءَ تَهوي بِراكِبٍ
إِلى اِبنِ الجُلاحِ سَيرُها اللَيلَ قاصِدِ
تَخُبُّ إِلى النُعمانِ حَتّى تَنالَهُ
فِدىً لَكَ مِن رَبٍّ طَريفي وَتالِدي
فَسَكَّنتَ نَفسي بَعدَما طارَ روحُها
وَأَلبَستَني نُعمى وَلَستُ بِشاهِدِ
وَكُنتُ اِمرَأً لا أَمدَحُ الدَهرَ سوقَةٍ
فَلَستُ عَلى خَيرٍ أَتاكَ بِحاسِدِ
سَبَقتَ الرِجالَ الباهِشينَ إِلى العُلى
كَسَبقِ الجَوادِ اِصطادَ قَبلَ الطَوارِدِ
عَلَوتَ مَعَدّاً نائِلاً وَنِكايَةً
فَأَنتَ لِغَيثِ الحَمدِ أَوَّلُ رائِدِ
قصيدة دعاك الهوى واستجهلتك المنازل
تُعتبر قصيدة “دعاكَ الهوى واستجهلتك المنازل” من أجمل ما كتب النابغة الذبياني:
دعاكَ الهوَى واستَجهَلَتكَ المنازِلُ
وكيفَ تَصابي المرء والشّيبُ شاملُ
وقفتُ بربعِ الدارِ قد غيرَ البلى
مَعارِفَها، والسّارِياتُ الهواطِلُ
أسائلُ عن سُعدى وقد مرّ بعدَنا
على عَرَصاتِ الدّارِ سبعٌ كوامِلُ
فسَلّيتُ ما عندي برَوحة ِ عِرْمِسٍ
تخبّ برحلي تارة وتناقلُ
موثقةِ الأنساءِ مضبورةِ القرا
نعوبٍ إذا كلّ العتاقُ المراسلُ
كأني شَددَتُ الرّحلَ حينَ تشذّرَتْ
على قارحٍ مما تضمنَ عاقلُ
أقَبَّ كعَقدِ الأندَريّ مُسَحَّجٍ
حُزابِية قد كَدمَتْهُ الَمساحِلُ
أضرّ بجرداءِ النسالة سمحج
يقبلها إذْ أعوزتهُ الحلائلُ
إذا جاهدتهُ الشدّ جدّ وإنْ ونتْ
تَساقَطَ لا وانٍ ولا مُتَخاذِلُ
وإنْ هبطا سهلاً أثارا عجابةً
وإنّ عَلَوَا حَزْناً تَشَظّتْ جَنادِلُ
ورَبِّ بني البَرْشاءِ ذُهْلٍ وقَيسِها
وشيبانَ حيثُ استبهلتها المنازلُ
لقد عالني ما سرها وتقطعتْ
لروعاتها مني القوى والوسائلُ
فلا يَهنئ الأعداءَ مصرَعُ مَلْكِهِمْ
وما عشقتْ منهُ تميمٌ ووائلُ
وكانتْ لهمْ ربعيةٌ يحذرونها
إذا خضخضتْ ماءَ السماءِ القبائلُ
يسيرُ بها النعمانُ تغلي قدورهُ
تجيشُ بأسبابِ المنايا المراجلُ
يَحُثّ الحُداةَ، جالِزاً برِدائِهِ
يَقي حاجِبَيْهِ ما تُثيرُ القنابلُ
يقولُ رجالٌ يُنكِرونَ خليقَتي:
لعلّ زياداً لا أبا لكَ غافلُ
أبَى غَفْلتي أني إذا ما ذكَرْتُهُ
تَحَرّكَ داءٌ في فؤاديَ داخِلُ
وأنّ تلادي إنْ ذكرتُ وشكتي
ومُهري وما ضَمّتْ لديّ الأنامِلُ
حباؤكَ وو العيسُ العتاقُ كأنها
هجانُ المها تحدى عليها الرحائلُ
فإنْ تَكُ قد ودّعتَ غيرَ مُذَمَّمٍ
أواسيَ ملكٌ تبتتها الأوائلُ
فلا تبعدنْ إنّ المنيةَ موعدٌ
وكلُّ امرئٍ يوماً به الحالُ زائلُ
فما كانَ بينَ الخيرِ لو جاء سالماً
أبو حجرٍ إلاّ ليالٍ قلائلُ
فإنْ تَحيَ لا أمْلَلْ حياتي وإن تمتْ
فما في حياتي بعد موتِكَ طائِلُ
فآبَ مصلوهُ بعينٍ جلية
وغُودِرَ الجَولانِ حزْمٌ ونائِلُ
سقى الغيثُ قبراً بينَ بصرى وجاسمٍ
بغيثٍ من الوسمي قطرٌ ووابلْ
ولا زالَ ريحانٌ ومسكٌ وعنبرٌ
على مُنتَهاهُ، دِيمَةٌ ثمّ هاطِلُ
وينبتُ حوذاناً وعوفاً منوراً
سأُتبِعُهُ مِنْ خَيرِ ما قالَ قائِلُ
بكى حارِثُ الجَولانِ من فَقْدِ ربّه
وحورانُ منه موحشٌ متضائلُ
قُعُودا له غَسّانُ يَرجونَ أوْبَهُ
وتُرْكٌ ورهطُ الأعجَمينَ وكابُلُ
قصيدة كليني لهم يا أميمة ناصب
في هذه القصيدة، يعبر الذبياني عن مشاعره بالشكوى من همومه وطول الليل قائلاً:
كليني لهمٍ يا أميمة ناصبِ
وليلٍ أقاسيهِ بطيءِ الكواكبِ
تطاولَ حتى قلتُ ليسَ بمنقضٍ
وليسَ الذي يرعى النجومَ بآيبِ
وصدر أراحَ الليلُ عازبَ همهِ
تضاعَفَ فيه الحزْنُ من كلّ جانبِ
عليَّ لعمرو نعمة بعد نعمة
لوالِدِه ليست بذاتِ عَقارِبِ
حَلَفْتُ يَميناً غيرَ ذي مَثْنَوِيّة
ولا علمَ إلا حسنُ ظنٍ بصاحبِ
لئِن كانَ للقَبرَينِ قبرٍ بجِلّقٍ
وقبرٍ بصَيداء الذي عندَ حارِبِ
وللحارِثِ الجَفْنيّ سيّدِ قومِهِ
لَيَلْتَمِسَنْ بالجَيْشِ دارَ المُحارِبِ
وثقتُ له النصرِ إذ قيلَ قد غزتْ
كتائبُ منْ غسانَ غيرُ أشائبِ
بنو عمه دنيا وعمرو بنُ عامرٍ
أولئِكَ قومٌ بأسُهُم غيرُ كاذبِ
إذا ما غزوا بالجيشِ حلقَ فوقهمْ
عَصائبُ طَيرٍ تَهتَدي بعَصائبِ
يُصاحِبْنَهُمْ، حتى يُغِرْنَ مُغارَهم
مِنَ الضّارياتِ، بالدّماءِ، الدّوارِبِ
تراهنّ خلفَ القوْمِ خُزْراً عُيُونُها
جُلوسَ الشّيوخِ في ثيابِ المرانِبِ
جوَانِحَ، قد أيْقَنّ أنّ قَبيلَهُ
إذا ما التقى الجمعان أولُ غالبِ
لُهنّ علَيهِمْ عادةٌ قد عَرَفْنَها
إذا عرضَ الخطيّ فوقَ الكواثبِ
على عارفاتٍ للطعانِ عوابسٍ
بهنّ كلومٌ بين دامٍ وجالبِ
إذا استُنزِلُوا عَنهُنّ للطّعنِ أرقلوا
إلى الموتِ، إرقالَ الجمالِ المصاعبِ
فهمْ يتساقونَ المنيةَ بينهمْ
بأيديهمُ بيضٌ رقاُ المضاربِ
يطيرُ فضاضاً بينها كلُّ قونسٍ
ويتبَعُها مِنهُمْ فَراشُ الحواجِبِ
ولا عَيبَ فيهِمْ غيرَ أنّ سُيُوفَهُم
بهنّ فلولٌ منْ قراعِ الكتائبِ
تورثنَ منْ أزمانِ يومِ حليمة
إلى اليومِ قد جربنَ كلَّ التجاربِ
تَقُدّ السَّلُوقيَّ المُضاعَفَ نَسْجُهُ
وتُوقِدُ بالصُّفّاحِ نارَ الحُباحِبِ
بضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عن سَكَناتِهِ
وطعنٍ كإيزاغِ المخاضِ الضواربِ
لهمٌ شيمة لم يعطها اللهُ غيرهمْ
منَ الجودِ والأحلامُ غيرُ عوازِبِ
محلتهمْ ذاتُ الإلهِ ، ودينهمْ
قويمٌ فما يرجونَ غيرَ العواقبِ
رقاقُ النعالِ ، طيبٌ حجزاتهمْ
يُحيَوّنْ بالريحانِ يومَ السبَّاسِبِ
تُحَيّيهم بيضُ الولائِدِ بينَهُم
وأكسِية الأضريج فوق المشاجِبِ
يصونونَ أجساداً قديماً نعيمُها
بخَالصَةِ الأرْدَانِ خُضرِ المناكِبِ
ولا يحسِبُونَ الخيرَ لا شَرّ بعدهُ
ولا يحسِبُون الشرّ ضربةَ لازب
حَبَوتُ بها غسّانَ إذْ كنتُ لاحقاً
بقَومي وإذْ أعْيَت عليَّ مذاهبي
قصيدة إِنّي كَأَنّي لَدى النُعمانِ خَبَّرَهُ
إِنّي كَأَنّي لَدى النُعمانِ خَبَّرَهُ
بَعضُ الأُوُدَّ حَديثاً غَيرَ مَكذوبِ
بِأَنَّ حِصناً وَحَيّاً مِن بَني أَسَدٍ
قاموا فَقالوا حِمانا غَيرُ مَقروبِ
ضَلَّت حُلومُهُمُ عَنهُم وَغَرَّهُمُ
سَنُّ المُعَيدِيَّ في رَعيٍ وَتَعزيبِ
قادَ الجِيادَ مِنَ الجَولانِ قائِظَةً
مِن بَينِ مُنعَلَةٍ تُزجى وَمَجنوبِ
حَتّى اِستَغاثَت بِأَهلِ المِلحِ ما طَعِمَت
في مَنزِلٍ طَعمَ نَومٍ غَيرَ تَأويبِ
يَنضَحنَ نَضحَ المَزادِ الوُفرِ أَتأَقَها
شَدُّ الرُواةِ بِماءٍ غَيرِ مَشروبِ
قُبُّ الأَياطِلِ تَردي في أَعِنَّتِها
كَالخاضِباتِ مِنَ الزُعرِ الظَنابيبِ
شُعثٌ عَلَيها مَساعيرٌ لِحَربِهِمُ
شُمُّ العَرانينِ مِن مُردٍ وَمِن شيبِ
وَما بِحِصنٍ نُعاسٌ إِذ تُؤَرِّقُهُ
أَصواتُ حَيٍّ عَلى الأَمرارِ مَحروبِ
ظَلَّت أَقاطيعُ أَنعامٍ مُؤَبَّلَةٍ
لَدى صَليبٍ عَلى الزَوراءِ مَنصوبِ
فَإِذ وُقيتِ بِحَمدِ اللَهِ شِرَّتَها
فَاِنجي فَزارَ إِلى الأَطوادِ فَاللوبِ
وَلا تُلاقي كَما لَقَت بَنو أَسَدٍ
فَقَد أَصابَتهُمُ مِنها بِشُؤبوبِ
لَم يَبقَ غَيرُ طَريدٍ غَيرِ مُنفَلِتٍ
وَموثَقٍ في حِبالِ القِدِّ مَسلوبِ
أَو حُرَّةٍ كَمَهاةِ الرَملِ قَد كُبِلَت
فَوقَ المَعاصِمِ مِنها وَالعَراقيبِ
تَدعو قُعَيناً وَقَد عَضَّ الحَديدُ بِها
عَضَّ الثِقافِ عَلى صُمِّ الأَنابيبِ
مُستَشعِرينَ قَدَ الفَوا في دِيارِهِمُ
دُعاءَ سوعٍ وَدُعمِيٍّ وَأَيّوبِ
قصيدة يا عامِ لَم أَعرِفكَ تَنكِرُ سُنَّةً
يا عامِ لَم أَعرِفكَ تَنكِرُ سُنَّةً
بَعدَ الَّذينَ تَتابَعوا بِالمَرصَدِ
لَو عايَنَتكَ كُماتُنا بِطُوالَةٍ
بِالحَزوَرِيَّةِ أَو بِلابَةِ ضَرغَدِ
لَثَوَيتَ في قِدٍّ هُنالِكَ موثَقاً
في القَومِ أَو لَثَوَيتَ غَيرَ مُوَسَّدِ