قصيدة أبي غرب هذا الدمع إلا تسرعا
أبَى غَرْبُ هَذا الدّمْعِ إلاّ تَسَرُّعَا
وَمَكْنُونُ هَذا الحُبّ إلاّ تَضَوُّعَا
وكانت نظرتي أنني مع العزم واحد،
إذا أردتُ أن أستمر في طريقي وإن شئتُ عَدتُ جَزعا
ولكن عندما استمر الحب في غلوائه،
رَعَيتُ في مضيعة الحب كما رُعِي
فَحُزْني يُشبه حزن الهائمين مُبَرِّحاً،
وسري قد أصبح شأناً للعاشقين مُضَيعا
خَلِيلَيّ، لماذا لا تبكياني شوقاً،
أأبدلتما بالوحدان فرحة بؤسٍ؟
عليَّ، لمن ضنت عليَّ جفونهُ
غَوَارِبُ دَمْعٍ تغمر الحيَّ أجمَعَا
وهبتُ شَبَابي، والشبابُ مَضَنَّةٌ،
لأضجُّ مِن أبناء عمي، أروَعَا!
أبيّتُ مُعانياً، مخافة عِتبه،
وأصبحُ محزوناً، وأمسي، مروعًا!
وعندما مضى عصر الشباب كُلّه،
وفارقني شَرْخُ الشباب مُودِّعَا
تطلبت بين الهجر والعَتب فرجةً،
فحاولت أمراً لا يُرام ممنعاً
وصرتُ إذا ما رمتُ في الخير لذّةً
أتبعتها بين الهُموم، تَتابعَا
وها أنا قد حلا الزمان مفارِقي،
وتوجني بالشيب تاجاً مُرصَعًا
فلو أنني مكنت مما أريدهُ
من العيش يوماً، لم يجدْ فيَّ موضعا!
أما ليلةٌ تمضي ولا بعضُ ليلةٍ!
أسُرُّ بهذه الروح المُفَجَّعة؟
أمَا صاحبٌ فردٌ يَدُومُ وفاؤهُ!
فيُصفي لمن أصفى ويرعى لمن رعَى؟
أفي كلّ دارٍ لي صَدِيقٌ أوَدّهُ،
إذا ما تَفَرّقنا حَفِظتُ وضَيَّعَا؟
أقمتُ بأرض الروم عامين، لا أرى
منَ الناس محزوناً ولا مُتَصنّعَا
إذا خِفتُ مِنْ أخوالي الروم خطةً
تخوفتُ من أعمامي العرب أربعا
وإن أوجعتني من أعدائي شيمةٌ
لقيتُ من الأحباب أدهيَ وأوجعَا
ولو قد رجوت الله لا شيء غيرهُ
رجعتُ إلى أعلي وآملتُ أوْسَعَا
لقد قنعوا بعدي من القطر بالنَّدى،
ومن لم يجد إلا القنوع تقنعا
وما مرَّ إنسانٌ إلا وخلّفَ مثلهُ؛
ولكن يزجي الناس أمراً موقعا
تنكّر “سيف الدين” لما عاتبتهُ،
وعرّض بي، تحت الكلام، فقَرّعَا
فاقول له: من أصدق الوّد أنني
جعلتكَ مما رابني، الدهر مفزعا
ولو أنني أكنتهُ في جوانحي
لأورقَ ما بين الضّلوع وفَرّعَا
فلا تغتَر بالناس، ما كل من ترى
أخوك إذا أوضعتَ في الأمر، أوضَعَا
ولا تتقلّد ما يُروّعُك حليهُ
تقلّد، إذا حاربتَ، ما كانَ أقطعا!
ولا تقبلن القول من كل قائلٍ!
سأرضيكَ مرأى لستُ أرضيكَ مسمعا
قصيدة أبيت كأني للصبابة صاحب
أبِيتُ كأني للصَّبَابَةِ صَاحِبُ
وللنوم مذ بان الخليط، مجانبُ
وما أَدَّعِي أن المخاوف تُخيفني
لقد خبرتني بالفراق النوائبُ
ولكنني ما زلتُ أرجو وأتقي
وجدّ وشِيكُ البين والقلبُ لاعِبُ
وما هذه في الحب أول مرةٍ
أساءت إلى قلبي الظّنُونُ الكَوَاذِبُ
عليَّ لربع “العامرية” وقفةٌ
تُمِلُّ عليّ الشوقَ والدّمعُ كاتبُ
فلا، وأبي العشاق، ما أنا عاشقٌ
إذا هي لم تلعب بصبري الملاعِبُ
ومن مذهبي حب الديار لأهلها
وللناس فيما يعشقون مَذاهبُ
عتادي لدفع الهم نفسٌ أبيةٌ
وقلبٌ على ما شئتَ منه مصاحبُ
حسودٌ على الأمر الذي هو عائبُ
وخرُوصٌ كأمثال القسِيّ نَجَائِبُ
تكاثرَ لوامي على ما أصابني
كأن لم تنب إلا بأسري النوائبُ
يقولونَ: لمْ ينظروا عواقبَ أمرهِ
ومثلي من تجري عليه العواقبُ
ألألمْ يعلم الذّلّان أنَّ بني الوغى
كَذاكَ، سَليبٌ بالرماح وسالبُ
أرى ملءَ عيني الردى فأخوضهُ
إذ الموت قدامي وخلفي المعايبُ
وإن وراء الحزم فيها ودونه
مواقف تُنسى دونهن التجاربُ
وأعلم قوماً لو تَعَتْعتُ دونها
لأجهضني بالذّم مِنهُمْ عَصَائِبُ
ومضطغنٍ لم يحمل السرّ قلبهُ
تَلَفَّتَ ثم اغتابني، وهو هَائِبُ
تردّى رداء الذل لمّا لقيتهُ
كما تتردّى بالغبار العناكبُ
ومن شرفي ألا يزال يعيبني
حسودٌ على الأمر الذي هو عاتبُ
رَمَتْني عيُونُ الناس حتى أظنّها
ستحسدني، في الحاسدين، الكواكبُ
فَلَسْتُ أرى إلا عدواً مُحارباً،
وآخر خيرٌ منه عندي المحاربُ
ويرجونَ إدراكَ العُلا بنفوسهم
ولم يعلموا أن المعالي مواهبُ
فكم يطفئون المجد واللهُ موقدٌ
وكم ينقصون الفضلَ واللهُ واهبُ
وهل يرتجي للأمر إلا رجالهُ
ويأتي بصوب المزن إلا السحائبُ!؟
وعندي صدق الضرب في كل معركٍ
وليسَ عليّ إن نبون المضاربُ
إذا كان “سيف الدولة” الملكُ كافلي
فلا الحزم مغلوبٌ ولا الخصم غالِبُ
إذا الله لم يحرزك مما تخافُهُ،
عليَّ لسيف الدولة القرم أنعمٌ
ولا سابق مما تَخيَّلتَ سابقٌ،
ولا صاحب مما اخترتَ صاحبُ
أأجحده إحسانه فيّ، إنني
لكافر نعمة، إن فعلتُ، مواربُ
لعل القوافي تعوق عما أردتهُ،
فلا القول مردودٌ ولا العذر ناضبُ
ولا شك قلبي ساعةً في اعتقادهِ
ولا شاب ظني قطّ فيه الشوائبُ
تؤرّقني ذكرى له وصبابةٌ،
وتَجذُبني شوقاً إليه الجَوَاذِبُ
ولي أدمع طوعٌ إذا ما أمرتها،
وهُنّ عواصٍ في هواه، غَوَالِبُ
قصيدة تقر دموعي بشوقي إليك
تُقِرُّ دُمُوعي بشَوْقي إليكَ
ويشهد قلبي بطول الكربْ
وإني لمُجْتَهِدٌ في الجحودِ،
ولكن نفسي تأبى الكذبْ
وإني عليك لجاري الدموعِ،
وأنا لصَبٌّ وصِبْ
وما كنتُ أبقي على مهجتي
لَوَ أني انْتَهَيْتُ إلى مَا يجبْ
ولكنْ سمحتُ لها بالبقاءِ
رجاءَ اللقاء على ما تُحبْ
ويبقي اللبيب له عدةً
لوقت الرضا في أوان الغضبْ
قصيدة قلبي يحن إليه
قَلبي يَحِنُّ إليه
نعم وَيَحنو عَلَيهِ
وما جنى أو تَجنى
إلا اعتذرتُ إليه
فكيفَ أَمْلِكَ قَلبي
والقلب رهنٌ لديهِ
وكيفَ أدعوهُ عبدي
وَعهدتي في يديهِ
من لي بكتمان هوى شادنٍ
من لي بكتمانِ هوى شادنٍ
عيني لهُ عونٌ على قلبي؟
عرّضتُ صبري وسلوى لهُ
فاستشهدا في طاعةِ الحبِّ