الحرب الباردة
الحرب الباردة هي حالة من التوتر والصراع بين دولتين أو مجموعة من الدول، دون استخدام وسائل القتال التقليدية، لذا سُميت بهذا الاسم. تعتمد الدول المعنية في هذه الحرب على أساليب حديثة للتأثير على بعضها البعض، مثل الضغط الاقتصادي والسياسي.
كُشف النقاب عن مفهوم الحرب الباردة لأول مرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث نشأ صراع بين الاتحاد السوفيتي (الذي تحول لاحقًا إلى روسيا الاتحادية) والولايات المتحدة الأمريكية، مما أدى إلى تقسيم العالم إلى معسكرين: المعسكر الشرقي الاشتراكي والمعسكر الغربي الرأسمالي. عُرف هذا الانقسام والصراع باسم الحرب الباردة، وكان الهدف منه تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية. ولا تزال أصداء هذه الحرب قائمة حتى يومنا هذا، وإن كانت بطرق وأساليب مختلفة عن الماضي.
أسباب اندلاع الحرب الباردة
هناك عدة عوامل أدت إلى نشوء الحرب الباردة، أهمها:
- الاختلاف الفكري بين المعسكرين الشرقي والغربي؛ حيث كان الهدف الأساسي لكل معسكر هو القضاء على الآخر وإزالة أفكاره بطرق شتى.
- تبني بعض الدول الأوروبية للفكر الشيوعي.
- اندلاع أزمات دولية، مثل العصيان والاضطرابات السياسية في اليونان والهند الصينية.
- السعي نحو الحصول على أسلحة متطورة، خاصة منها النووية.
- قلق الحكومات الرأسمالية من انتشار الأحزاب الشيوعية في بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا.
أساليب الحرب الباردة
استخدم كل معسكر وسائل محددة للتأثير على البلدان الأخرى، بهدف استقطابها وضمها إلى صفه. ومن هذه الأساليب:
- تقديم المساعدات الاقتصادية للدول، وتوفير الموارد اللازمة لها، خصوصًا الدعم المالي.
- تفعيل أسلوب التجسس للحصول على معلومات دقيقة حول الأوضاع في كل معسكر.
- استغلال وسائل الإعلام بمختلف أنواعها لزيادة عدد المؤيدين.
- إثارة النزاعات بين الدول.
- إعداد الإحصاءات حول القوى الاقتصادية والعسكرية لكل معسكر.
مراحل الحرب الباردة
المرحلة الأولى (1945-1949)
- الدور السوفيتي: شهدت هذه الفترة انتهاء التحالفات بين الاتحاد السوفيتي والدول الغربية، حيث عمل الاتحاد السوفيتي على تأمين حدوده وتعزيز انتشار الأحزاب الشيوعية في بعض الدول.
- الدور الأمريكي: اتخذت الولايات المتحدة موقف الرئيس هاري ترومان بإرسال المساعدات المالية والعسكرية للدول المتحالفة معها، وذلك لمنع السيطرة السوفيتية. رد الاتحاد السوفيتي عبر تأسيس مكتب استخبارات يهدف للتجييش الإعلامي ضد أمريكا. بالإضافة إلى ذلك، اقترح وزير الخارجية الأمريكي جورج مارشال مشروعًا يهدف إلى حصار السوفيتيين في أوروبا من خلال تقديم دعم أكبر للدول الأوروبية، بما في ذلك تلك المرتبطة بالاتحاد السوفيتي، لكن هذا الاقتراح قوبل بموافقة أوروبا الغربية ورفض السوفييت.
- برلين: بعد الحرب العالمية الثانية، انقسمت ألمانيا، بما في ذلك عاصمتها، إلى قسمين: ألمانيا الشرقية التي ولّت تحت النفوذ السوفيتي، وألمانيا الغربية التي خضعت لسيطرة الولايات المتحدة، مما أدى إلى توسيع نطاق الحرب الباردة في أوروبا.
المرحلة الثانية (1950-1977)
-
- حرب كوريا: بدأت بعد أن هاجمت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية بدعم من الاتحاد السوفيتي، مما استدعى تدخل الولايات المتحدة لدعم كوريا الجنوبية، وفي نهاية الحرب تم تقسيم كوريا رسميًا إلى قسمين: شمالية برأسها العاصمة بيونغ يانغ وجنوبية برأسها العاصمة سيول.
- التحالفات: بعد الانتقال بالحرب الباردة من أوروبا إلى شرق آسيا، تم تأسيس تحالف في الفلبين ضم الولايات المتحدة، بهدف منع انتشار الشيوعية. في المقابل، عمل الاتحاد السوفيتي على كسب بعض الدول العربية، مما أدى إلى إنشاء تحالف عُرف باسم “حلف بغداد.”