قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول
فقد كان لفضل النبوة، ختمٌ له
مؤشرٌ من الله، يظهر ويشهد
وأضاف الله اسم النبي الكريم إلى اسمه
حين يقول المؤذن في النداء أشهد
ورُسم له من اسمه لكي يُعظم
فالمحمودُ ذي العرش، وهذا محمدُ
نبيٌّ جاءنا بعد يأس وفترة
بين الرسل، والأصنام في الأرض تُعبدُ
فأصبح منارةً مُضيئةً وهاديةً
يضيء كما يضيء السيفُ المصقولُ
وأنذرنا من النار، وأخبرنا عن الجنة
وعلّمنا الإسلام، فلله نحمدُ
وأنت أيها الإلهُ ربي وخالقي
بذلك ما عشتُ، فيا أيها الناسُ أشهدُ
تَعَالَيْتَ يا ربُ الناسِ عن قول مَن دعا
سِوَاكَ إلهاً، فأنت أعلى وأمجدُ
لك كل شيء، ونعماءُ، والأمرُ كلهُ
فإياك نستعين، وإياك نعبدُ
قصيدة محمود درويش في حب الوطن
علقوني على جدائل النخلة
وشنقوني.. فلن أخون النخلة!
هذه الأرض لي.. وقد كنتُ قديماً
أحلب النوقَ راضياً ومتيمًا
وطني ليس مجرد حكاية
ليس ذكرى، ولا حقلاً مُزهرًا
ليس ضوءًا على سراديب الفرح
وطني هو غضب الغريب على الألم
وطفلٌ يتوق لعيدٍ وقبلة
ورياحٌ اختنقت في زوايا السجن
وسيدةٌ تبكي أبناءها.. وحقله
هذه الأرض هي جلدي وعظامي
وقلبي يطير فوق أعشابها كنخلة
علقوني على جدائل النخلة
واشنقوني.. فلن أخون النخلة!
قصيدة نزار قباني في الغزل
أحبيني .. ولا تتسائلي كيف؟
ولا تتلعثمي خجلاً
ولا تتساقطي خوفاً
أحبيني .. بلا شكوى
أيشكو الغمد .. حين يستقبل السيف؟
وكوني البحر والميناء
كوني الارض والمنفى
وكوني الصفاء والعاصفة
كوني الود والمحبة
أحبيني .. بكل طريقة ممكنة
ولا تتكرري كفصل الصيف
فإني أكره الصيف
أحبيني .. وعبّري عنها
لأرفض أن تحبيني في صمت
وأرفض أن أخفي الحب في قبر من الصمت
أحبيني .. بعيداً عن بلاد القهر والضيق
بعيداً عن مدينتنا التي شبعت من الموت
بعيداً عن تعصبها..
بعيداً عن جمودها..
أحبيني .. بعيداً عن مدينتنا
التي منذ زمن بعيد
إليها الحب لا يأتي..
قصيدة الشافعي في حب الله
إليك إله الخلق أرفع رغبتي
وإن كنتُ- يا ذا المنِّ والجود- مذنباً
وعندما قسا قلبي، وضاقت سُبلي
جعلتُ الرجا مني لعفوك سُلماً
تعاظم ذنبي فلما قارنتهُ
بعفوك يا ربي كان عفوك أعظماً
فما زلت ذا عفوٍ عن الذنب لم تزل
تجودُ وتمنحُ كرمًا ورحماً
فلولاكَ ما صمدَ لإبليس عابدٌ
فكيف وقد أغوى صفياك آدماً
فيا ليت شعري هل أصير إلى جنة
أم هنا أم للنار فأندم؟
فإن تعفُ عنّي تعفُ عن متمردٍ
ظلّومٍ غشومٍ لا يزايل مأثماً
وإن تنتقم مني فلست بآيسٍ
ولو أُلقيت في جُرم جهنماً
فللله در العارف الندب إذا
تفيض لفَرْط الوجد أجفانه دماءَ
يُقيم إذا ما الليلُ مُدَّ ظلامه
على نفسه من شدة الخوف مأتماً
فيصيرُ بإذَا ما كان في ذكر ربه
وفيما سواه في الورى كان أعجماً
ويستذكرُ أياماً مضت من شبابه
وما كان فيها بالجهالة أجرماً
فصار قرين همٍّ طوال نهاره
أخا السهد والنجوى إذا الليلُ أظلم
يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي
كفى بك للراجين سؤلاً ومغنماً
ألست الذي غذيتني، هديتني
ولا زلتَ مناناً علي ومنعماً
عسى من له الإحسان يغفر زلتي
ويستر أوزاري وما قد تقدما
قصيدة حافظ إبراهيم في مدح اللغة العربية
عدتُ إلى نفسي فاتهمتُ صحتي
وناديت قومي فاحتسبتُ حياتي
رموني بعُقمٍ في الشباب وليتني
عَقِمتُ فلم أجزع لقَوْلِ عِداتي
وُلِدتُ ولمّا لم أجد لعرائسي
رجالاً وأكفاءً أودعت بناتي
وسعتُ كتاب الله لفظاً ومعنىً
وما ضِقتُ عن آي به وعظاتِ
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
وتنسيق أسماءٍ لمخترعاتِ
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟
فيا ويحي، أبلى وتبلى محاسني
ومَن مِنكم، وإن عزَّ الدواء، أساتي
فلا تكلوني للزمان؛ فإنني
أخاف عليكم أن تحين وفاتي
أرى لرجال الغرب عِزةً ومنعةً
وكم عزّ أقوامٌ بعزة لغاتِ
أتوا أهلهم بالمعجزات تفنناً
فيا ليتكم تأتون بالكلماتِ
أيُطرِبكم من جانب الغرب ناعبٌ
ينادي بوادٍ في ربيع حياتي؟
ولو تزجرون الطير يوماً علمتمُ
بما تحتج من عثرة وشَتاتِ
سقى الله في بطن الجزيرة أعظماً
يَعِزُّ عليها أن تلينَ قناتي
حفظتُ ودادي في البلى وحفظتُه
لَهن بقلبٍ دائمِ الحسراتِ
وفاخرتُ أهل الغرب، والشرقُ مطرقٌ
حياءً بتلك الأعظُم النّخِراتِ
أرى كل يومٍ بالجرائد مزلَقاً
من القبر يهديني بغيرِ أناةِ
وأسمعُ للكتّاب في مصر ضجّةً
فأعلمُ أن الصائحين نُعاتي
أيهجرني قومي – عفا الله عنهم –
إلى لغةٍ لم تتصل برواةِ
سرت لوثةُ الأفرنج فيها كما سرت
لُعاب الأفاعي في مسيل فُراتِ
فجاءت كثوبٍ ضمّن سبعين رقعةً
مشكّلةً الألوانِ مُختلفاتِ
إلى معشر الكتاب، والجمعُ حافلٌ
بسطتُ رجائي بعد بسط شكاتي
فإما حياةٌ تبعث الميت في البلى
وتنبّت في تلك الرمُوس رُفاتي
وإما مماتٌ لا قيامَة بعدهُ
مماتٌ لعَمري لم يُقَسّم بموتِ