أشجار الجنة وثمارها
خلق الله -سبحانه وتعالى- الجمال في كل ما هو حسن، وأشع نور وجهه ليضيء عتمة الليل، ليهتدي به الناس نحو فجر الإسلام والفضيلة. إن شمس الهدى تشرق في قلوب المتقين الذين يعبدون خالقهم طمعًا في جنته وخشوعًا لقدرته.
إنه الرحيم العظيم الذي أعطى للإنسان الحياة ليعبده، ومن خلال عبادته يرفع من قدره. وقد أنشأ الجنة ليكافئ بها عباده على طاعتهم وصبرهم، إذ يناديهم يوم القيامة أن ادخلوا الجنة بسلام وأمان.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيم) تلك النعيم التي تنعش قلب المؤمن بحب الله، وتزهر زهور دنياه بجنة الإيمان، تمامًا كما تفتح الطريق نحو جنة الفردوس الأعلى. إنها جنة لا يمكن تصورها، ولا يراها إلا من أعده الله لذلك. قال تعالى: (إِنَّ لِلمُتَّقِينَ مَفَازًا* حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا)، وهذا الفوز هو مكافأة من الله لعباده في حدائق مدهشة تفوق الوصف بثمارها وأشكال أشجارها.
تتميز أشجار الجنة بتنوعها، وقد ورد ذكر بعضها في القرآن الكريم. فالناس في الجنة يختارون من تلك الأشجار ما تشتهيه قلوبهم، كما جاء في قوله: (إِنَّ المُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَفَواكِهَ مِمَّا يَشتَهُونَ). وفيما يلي بعض من تلك الأشجار:
شجرة السدر
قال الله تعالى: (فِي سِدْرٍ مَّخْضُود). يُعتقد أن هذه الشجرة هي شجرة النبق، ولكنها في الجنة تُقتَل أشواكها.
شجرة الطلح
قال الله تعالى: (وَطَلْحٍ مَّنضُود). إنها شجرة من شجر الحجاز التي تحتوي على شوك، لكن هذا الشوك يُنزع في الجنة، مما يجعل ثمارها في متناول يد الجميع بلا مشقة. ويتفق العديد من المفسرين على أنها تعني شجرة الموز.
شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (في الجنَّة شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها). وهذه الشجرة ضخمة، حيث يحتاج الفارس إلى مئة عام لاجتيازها بأقصى سرعته.
شجرة طوبى
تعتبر شجرة طوبى مصدرًا للثياب لأهل الجنة، تشبه شجرة تعرف باسم الجوزة في الشام. تنمو على ساق واحدة ثم تتفرع لأعلى، ولها ثمار ضخمة، حيث تشبع عائلة كاملة كما ورد في الحديث، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(فيها شجرة تُدعى طوبى، تشبه شجرة في الشام تُدعى الجوزة، تنبت على ساق واحدة ثم تنتشر أعلاها. قال: وما عظم أصلها؟ فقال: لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك لما قطعتها حتى تنكسر ترقوتها هرمًا.)
نخيل الجنة
قال ابن عباس: (نخل الجنة جذوعها من زمرد أخضر، وكرابها من ذهب أحمر، وسعفها ككسوة لأهل الجنة، منها مقطعاتهم وحللهم، وثمرها مثل القلال والدلاء، أحلى من العسل وألين من الزبد). فهذه الأشجار تجعل الجنة مكانًا مميزًا.
سدرة المنتهى
تتميز سدرة المنتهى بجمالها، حيث أوراقها كبيرة مثل آذان الفيلة، وثمارها تشبه الجِرار الكبيرة. كما ورد في حديث عن مالك بن صعصعة أن رسول الله قال: (ورُفِعَت لي سِدْرَة المُنْتَهَى، وإذا نبقها كأنَّه قلال هجر، وورقُها كأنَّه آذان الفيلة).
ثمار الجنة وصفاتها
فاكهة دائمة اللذة
أنعم الله على عباده بفاكهة متنوعة لا تنقطع لذتها. كل ثمرة في الدنيا لها طعم مختلف في الآخرة. قال تعالى: (وَفَاكِهَة كَثِيرَة* لَّا مَقطُوعَة وَلَا مَمنُوعَة)، مما يعني وجود أصناف متعددة من الفواكه، البعض مشترك بين الدنيا والآخرة، ولكنها تختلف في الطعم.
قال تعالى: (أُكُلُهَا دَائِمٌ)، بمعنى أن الثمار لا تسقط، بل تظل دائمة ومنهلة، وهي قريبة ومتاحة للجميع.
تدلّي الفاكهة للمؤمن
حتى وإن كانت الثمار بعيدة في أعلى الأشجار، فهي تتدلى قرب المؤمن ليتمكن من تناولها. قال تعالى: (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا)، مما يعني أن الفاكهة تُقرب للمؤمن بسهولة.
تربة الجنة مسك وزعفران، وشجرها من ذهب، مما يعكس عظمة الثواب في الجنة، ويتخطى جميع التصورات البشرية.
تنوع الفواكه
قال تعالى: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ). وتخصيص النخل والرمان بالذكر يدل على فضلهما. كما قال تعالى: (وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ)، مما يعني أن ثمار الجنة في تنوعها وجودتها لا تحصى، بما في ذلك ثمار أشجار السدر والطلح.
وحتى النوع الواحد منهما قد يتضمن مجموعات متنوعة من النكهات والألوان، مما يجعلها متفردة في لذتها. وهذا يجعل ثمارها مرتفعة للغاية خصوصًا في مقارنة بأشجار الفاكهة اللذيذة في الدنيا.
ريحان الجنة
قال تعالى: (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ)، ويعبر ريحان الجنة عن جميع النباتات ذات الروائح العطرة.