قصيدة الشوق إلى الوطن
- يقول الشاعر محمد محمود الزبيري:
ذكريات تفوح بعطر الجنان
فتسكن خواطري وتزعزع كياني
عمر يستعاد في لحظة
وأعوام تُطلّ من ثواني
وكأن الماضي قد تأخر في النفس
أو أن الأماني استرجعت أصداءها
ما وجدنا خلفها سوى الغاباتِ
وحوشٍ من الدماء تندُّ
لم تُغمض لنا عين ولم تهدأ
قلوبنا تعاني من الخفقانِ
ما يهب النسيم إلا وجدنا
فيه زفرة من الوطنِ
تحمل الطل إلى الرياض وتوقظ
في الحشا لهباً من النيرانِ
آه ويح الغريب، ما الذي يقاسي
من عذاب الفراق وما يعاني
ظهر لي في غربيتي عورات الحياة
ولاح لعياني ضياع آمالي
كلما حصلت على لذة أنذرتني
فتلفت خيفة من زماني
وإذا تمنيت بسمة راودني
وطني، فاستفزني ونهاني
ليس في الأرض للمغترب سوى الدمع
ولا في السماء غير الأماني
حطميني، يا ريح، ثم انثري أشلائي
في أرجاء تلك الجنانِ
وزعي من روحي في كل حقل علي الأزهار
بين القدود والأشجارِ
زفراتي، طوفي سماء بلادي
وانهلي من إشعاعها المتلألئ
أطفئي لوعتي فيها، واغمسي
روحي في أحضانها، وبلّلي ألحاني
وصلي جيرتي وأهلي وأحبابي
واخبريهم بما حلّ بي
وانثري في ترابهم قبلاتي
واملئي آفاقهم من جناني
واسأليهم ما تصنع الروضة الغنّاء
وأغانيها الممتدة
هل رثاني زريابها؟ هل بكاني
ورقها هل يتوجع لما قد أحزنني؟
ليت للحديقة قلباً ليعود الزمن
لبكائه كما بكاني
طاردتني البلاد لتستخرج خالص
من منطقي ومن وجداني
ورمتني كي تستريح لآهاتي
وألحاني الآلام الحسانِ
ما تهوى مني سوى الصوت
الذي يشجيني وإن كان فيه هدم كياني
يجلب العود غالياً ثم لا يرجى
انتفاعٌ منه سوى الدخانِ
فلئن لم أعد إليها فقد خلّدت
في سمعها شجو الأغاني
وطني، أنت نفحة الله، ما تبرح
لا عن قلبي ولا عن لساني
صنع الله منك طينة قلبي
وبرى من شذاك روحي التواصلي
هاك ما قد طهرته لك في دمعي
وما صهرته في جَناني
شعلة القلب لو أذيعت لقالوا:
مرّ عبر الأثير نصل يماني
قصيدة أحتاج إلى إذن من الوطن
- يقول الشاعر نزار قباني:
يا صديقتي
في هذه الأيام، يا صديقتي
تخرج من جيوبنا فراشة صيفية تُدعى الوطن
تخرج من شفتينا عريشة شامية تُدعى الوطن
تخرج من قمصانا
مآذن… بلابل.. جداول .. قرنفل.. سفرجل
عصفورة مائية تُدعى الوطن
أريد رؤيتك، يا سيدتي
لكنني أخاف أن أجرح شعور الوطن
أريد أن أصرخ إليك، يا سيدتي
لكنني أخشى أن تسمعني نوافذ الوطن
أريد ممارسة الحب بطريقتي
لكنني أشعر بالخجل من حماقتي
أمام أحزان الوطن
قصيدة يا وطن العزة
- يقول الشاعر جبران خليل جبران:
يا وطننا العزيز
تلق نصراً وتملأ الفرح
لم يكن العيد مشوشاً، بل
علمتنا قضايا ضلّت الطريق
يا عيد ذكرى من تناسى أننا
لم نكن من الأرقاء المنسيين
كنا أحراراً رغم القيود
فالآلام ألزمتنا حداً
كنا نجمع القوة رغم العجز
كالنهر الذي يلاقي سداً
حتى تدفقنا نحو غايتنا
تدفق الأمل أو أشد
وكل شعب يكسر قيوده
بالحق الذي لا يُعتدى عليه
فلم نكن إلا كراماً ظلموا
فاستنصفوا، ولم نقع في الهلاك
إني أشعر في الصدور بضغوط
تقيمها وتنهي صرخات العذاب
احذروا الفتنة، فهي إذا انتشرت
في أوج النار ستفني الشجعان
أما رأيتم صدأ السيف وقد
طغى العدو ثم أصاب الأرض
فلا تتفرقوا ولا تتنازعوا
أعداؤنا باقون وليسوا بسيطين
أخشى أن نمكنهم منا بما
يحقق لهم الثأر ويشفي الحقد
أو نقيم حججاً واضحة
لهم علينا، فنقع في الفخ
قد زعموا أن الشورى لنا مفسدة
على صلاحها، أفتكون حقيقية؟
وهل أزلنا مستبداً واحداً
عنّا لنستبدل، كما ادعوا
دعاة الاستئثار، إن لم يتوقفوا
ويرعوا خوف فاسد
بصحة الشورى نصحنا جميعاً
فإن قتلنا، فقد ذهبوا الأعزاء
في كل شعب توجد أجناس
لا شيء كالقسط يصون العقد
تشاركوا في الحكم واختاروا له
خيارات جميع الطوائف
إن السراج لمن جاوره
أوضح من النجم وسيرشد
تعاونوا ترتقوا، فإن تفرقتوا
على الأنقاض لن تصيبوا مجداً
أغلى تراث في أيدينا فاحفظوه
من الفرصة حتى لا تفقدوه
دولتنا، دولتنا، نتذكرها
بقلوب تدمى لأجلها بحب
أحباء وطني، نحن أبناء الأرض
نستثمر الأعزاء والقلوب تفدى
احذروا علينا اليتيم منه، فقد
أرى أمر اليتم كالعطر
وأنتم يا أمتي، أريدكم
بثقتي وحكمة ورشداً
يا أمتي، بالعلم تصعدون إلى القمة
وتحققون العلو والتقدير
وبالوفاق تسودون أمركم
وتنعمون بالعيش طلقاً وسخاءً
فمن يخالف صابروا، فهو
إشارة للرجوع عما سبق
قصيدة ليس لي وطن غير هذا الوطن
- يقول الشاعر سليمان جوادي:
ليس لي وطن غير هذا الوطن
ليس لي وطن إلا هذا الذي
ينشر الحب فيــه
وتتجول فيه الأغنيات
غير هذا الذي يكثر العشق فيه
وتزدهر الخواطر
ليس لي وطن غير هذا الذي
يسكن في دمائي
ليس لي جزر غير تلك التي اتخذت
أضلعي مقراً للأوجاع
آه يا جسداً ظل يحملني
هل أنا مرفأ أم سفن
هل أنا واحة للحب أم مدن
آه يا جسدي
أنا غارقة في عشق وطني كالأذن
أنا عاشقة ولدت قبل أن يستقر الزمن
ولدت قبل أن يُعرَف الحب
من رحم الكلمات
قبل أن يعرف الناس ما النور وما الظلمات
أنا عاشقة
فاجعلوني نشيداً على شفاه الأبرياء
أنا عاشقة
فاتركوني أمارس حبي
كما يشتهي وطني وكما أشتهي
فأنا ليس لي وطن غير هذا الوطن
ليس لي زمن غير هذا الزمن
غير هذا الزمن
غير هذا الزمن