هل هناك أطعمة تسهم في تسريع الهضم؟
تبدأ عملية الهضم فور دخول الطعام إلى الجسم، حيث ينتقل الطعام عبر الجهاز الهضمي الذي يقوم بتحليله إلى أجزاء صغيرة ليتمكن الجسم من الاستفادة منها. وعلى الرغم من عدم وجود نوع واحد محدد من الأطعمة أو المشروبات يؤكد على تسريع الهضم بشكل قاطع، إلا أن هناك عدة أطعمة ومشروبات يمكن أن تدعم وتعزز من فعالية هذه العملية. فيما يلي نستعرض بعضاً من هذه الخيارات.
أطعمة تساهم في تحسين عملية الهضم
يمكن لبعض الأطعمة أن تسهم في تعزيز عملية الهضم، حيث يعمل بعضها على تحسين الهضم في المعدة بينما يدعم البعض الآخر وظيفة الأمعاء. ومن بين هذه الأطعمة، نورد ما يلي:
الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية
تلعب الألياف الغذائية دوراً كبيراً في تقليل الوقت اللازم لهضم الطعام، بحسب نوع الألياف المستخدمة. فالألياف القابلة للذوبان تمتص الماء، مما يسهل حركة البراز، في حين تدفع الألياف غير القابلة للذوبان الطعام عبر الجهاز الهضمي وتعمل على الحفاظ على استمرار حركته. تشمل الأطعمة الغنية بالألياف:
- خبز الحبوب الكاملة.
- الأرز البني.
- الخضراوات.
- البقوليات مثل الفاصولياء.
- الشوفان.
- الفواكه مثل التفاح، والبرتقال، والموز.
ومع ذلك، قد تسبب بعض الحبوب والبقوليات الانتفاخ ومتلازمة القولون العصبي لدى بعض الأفراد. في هذه الحالة، يُفضل تناول الألياف من الخضراوات والفواكه. من المهم أيضاً إدخال الألياف إلى نظامك الغذائي بشكل تدريجي، إذ قد يؤدي تناول كميات كبيرة منها فجأة إلى حدوث الانتفاخ، والإمساك، والغازات.
للمزيد من المعلومات حول الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية، يمكنك الاطلاع على مقال “أين توجد الألياف الغذائية”.
الأطعمة الغنية بالدهون الصحية
تساعد الدهون غير المشبعة، مثل الزيوت النباتية، على امتصاص الفيتامينات. كما تتعاون مع الألياف لتحسين حركة الأمعاء، فعلى سبيل المثال، يسهم زيت الزيتون في تسهيل مرور البراز عبر الأمعاء ويعمل على الاحتفاظ بالماء في البراز، مما يجعله أكثر ليونة. لذا فإن تناول ملعقة كبيرة من زيت الزيتون على معدة فارغة صباحاً قد يساعد في تخفيف الإمساك للكثير من البالغين الأصحاء.
أشارت دراسة نُشرت في عام 2015 في مجلة Journal of Renal Nutrition، والتي شملت 50 مريضًا يخضعون لغسيل الكلى ويعانون من الإمساك، إلى أن الاستخدام اليومي لزيت الزيتون أو زيت بذور الكتان كان له تأثير إيجابي في تخفيف الإمساك. ومع ذلك، يجب استهلاك الدهون بشكل معتدل؛ حيث ينبغي ألا يتجاوز استهلاك البالغين الذين يتبعون نظامًا غذائيًا يحتوي على 2000 سعرة حرارية 77 جراماً من الدهون.
الأطعمة الغنية بالبوت probiotics والبريبايوتك prebiotics
البروبيوتيك (Probiotics) هي بكتيريا نافعة تساهم في استعادة التوازن البكتيري في الجسم عن طريق تقليل نمو البكتيريا الضارة في الأمعاء. تشمل مصادر البروبيوتيك اللبن، والكفير (Kefir)، وملفوف التخليل (Sauerkraut)، والكمتشي (Kimchi)، والميسو (Miso)، والخضراوات المخمّرة. أما البريبايوتك (Prebiotics)، فهي ألياف غير قابلة للهضم تغذي البكتيريا النافعة. تجدر الإشارة إلى أن البريبايوتك تتخمر في الأمعاء، مما يسهم في الحفاظ على بيئة صحية.
تعمل البروبيوتيك والبريبايوتك معاً على المحافظة على انتظام حركة الأمعاء. كما أشارت مراجعة نُشرت في مجلة Best Practice & Research Clinical Gastroenterology عام 2003 إلى أن اللبن قد يساعد على هضم سكر اللاكتوز. وقد تشير بعض الأدلة غير المؤكدة إلى أن اللبن قد يسهم في تحفيز امتصاص الماء، وتسريع مرور الفضلات في الأمعاء بمساعدة بعض أنواع البكتيريا، ولكن يتطلب الأمر مزيدًا من الأبحاث لتأكيد ذلك.
من المهم تناول كميات كافية من الأغذية الغنية بالألياف والبريبايوتك لتغذية كل من البروبيوتيك التي يتم تناولها وتلك الموجودة أصلاً في القولون. بالإضافة إلى وجود البروبيوتيك في المصادر الطبيعية مثل اللبن، فهي تيسر أيضًا كمكملات غذائية، وينبغي تناولها يومياً لمدة 4 أسابيع لتحقيق تأثير إيجابي، وذلك بعد استشارة مقدم الرعاية الصحية.
لمزيد من المعلومات حول الأطعمة الغنية بالبكتيريا النافعة، يمكنك الاطلاع على مقال “أين توجد البكتيريا النافعة في الطعام”.
مشروبات تعزز من تحسين عملية الهضم
تساهم بعض المشروبات أيضاً في تحسين عملية الهضم، ومن بينها:
الماء
يرتبط نقص شرب السوائل بزيادة خطر الإصابة بالإمساك لدى كل من الأطفال والبالغين. فتساهم استهلاك كميات كافية من الماء والسوائل في تقليل مخاطر الإمساك والمحافظة على حركة الطعام في الجهاز الهضمي. تختلف احتياجات الجسم من السوائل بين الأفراد، ولكن بوجه عام يوصي الخبراء بشرب 3.7 لترات للرجال و2.7 لتر للنساء، تشمل هذه الكميات السوائل المستحصل عليها من الأطعمة والمشروبات بشكل عام. يمكن أن يساعد تناول كمية من الفواكه والخضراوات في تحقيق الاحتياجات اليومية من السوائل.
لمعرفة المزيد حول فوائد الماء للجسم، يمكنك قراءة مقال “فوائد شرب الماء للجسم”.
الأعشاب
تحتوي بعض الأعشاب على مركبات تعرف بالعوامل اللاذعة، والتي تساهم في تعزيز عملية الهضم. ومن هذه الأعشاب:
- الهندباء: تشير دراسة نُشرت في عام 2015 في مجلة Scientific Bulletin Series F. Biotechnologies إلى أن مستخلص جذور الهندباء يعد مصدراً جيداً للألياف ومضادات الأكسدة، مما قد يساهم في تحسين الهضم والوقاية من الأمراض المرتبطة بالإجهاد التأكسدي.
لمعرفة المزيد حول فوائد عشبة الهندباء، يمكنك قراءة مقال “فوائد الهندباء”.
- الشيح: أظهرت مراجعة نُشرت في عام 2017 في مجلة International Journal of Innovative Research and Advanced Studies أن خصائص مستخلصات الشيح قد تجعل لهذا النبات دوراً في تحسين الشهية وتخفيف أعراض عسر الهضم وتشنجات الجهاز الهضمي.
للمزيد من المعلومات حول فوائد عشبة الشيح، يمكنك الاطلاع على مقال “فوائد عشبة الشيح”.
لقراءة المزيد من المعلومات حول دور الأعشاب في عملية الهضم، يمكنك قراءة مقال “أعشاب للهضم والغازات”.
العوامل المؤثرة في سرعة الهضم
اعتماد مدة عملية الهضم على مجموعة متنوعة من العوامل، من بينها:
- الوراثة.
- العمر.
- صحة الجهاز الهضمي وأي مشاكل موجودة فيه.
- الحالة النفسية.
- معدل الأيض.
- مستوى النشاط البدني.
- نوع الطعام المستهلك.
- كمية الطعام المستهلكة.
- ترطيب الجسم.
- جودة النوم.
نصائح عامة لتحسين عملية هضم الطعام
يستحسن اتباع النصائح التالية لضمان سلاسة حركة الطعام في الجهاز الهضمي وعدم التعرض للإسهال أو الإمساك:
- ممارسة النشاط البدني: يعزز النشاط الجسدي من فاعلية الجهاز الهضمي. يساعد المشي بعد تناول الوجبات على منع الانتفاخ والغازات، والمحافظة على الوزن، مما يقلل من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان والأمراض المتعلقة بالجهاز الهضمي. يُنصح بممارسة 150 دقيقة من النشاط البدني أسبوعياً، بالإضافة إلى تمارين المقاومة مرتين في الأسبوع لتقوية العضلات.
- التقليل من التوتر والإجهاد: يمكن أن يؤدي الضغط النفسي إلى إبطاء عملية الهضم وظهور أعراض مثل حرقة المعدة، التشنجات، والانتفاخ. يُنصح بممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، اليوغا، والتأمل لتقليل مستويات التوتر، بالإضافة إلى أهمية الحصول على قسط كافٍ من النوم كل ليلة لدعم عملية الهضم.
- تناول المشروبات المناسبة: قد تسبب بعض المشروبات كالقهوة والمشروبات الغازية زيادة حموضة المعدة، مما يزيد من خطر التعرض لحرقة المعدة. تستخدم المشروبات الغازية أيضاً وتؤدي إلى الانتفاخ. لذلك يُنصح بتناول المشروبات غير الغازية وخالية الكافيين مثل الأعشاب، الحليب، والماء. أما للأشخاص الذين لا يستطيعون الاستغناء عن الشاي أو القهوة، فيفضل الحد من تناولهم إلى كوب أو كوبين فقط يومياً.
- التقليل من تناول الدهون: تعتبر الأطعمة الدهنية مثل رقائق البطاطس والأغذية المقلية والبرغر صعبة الهضم، مما قد يؤدي إلى ألم وحرقان في المعدة. لذا، يُفضل تقليل استهلاك هذه الأطعمة لتخفيف العبء على المعدة، واستبدالها بمصادر بدنية دهنية أقل مثل اللحوم الخالية من الدهون والأسماك والحليب منزوع أو قليل الدسم. يمكن أيضًا اختيار الشوي بدلاً من القلي.
- تحديد الأطعمة التي تهيج الجهاز الهضمي: قد تساهم بعض الأطعمة والمشروبات في مشكلات الهضم لدى الأفراد، حيث يختلف التأثير من شخص إلى آخر. يساعد استخدام مفكرة الطعام في تحديد هذه الأطعمة من خلال تسجيل الأطعمة والمشروبات المستهلكة وأي مشاكل قد تحدث بعدها في الجهاز الهضمي، ثم البحث عن الأطعمة المحتمل تسببها للمشاكل. يمكن أن تكون هذه المفكرة أداة مفيدة لخبراء التغذية لتقديم تقييم دقيق.
على سبيل المثال، قد يتسبب تناول الأطعمة الحامضية مثل الطماطم أو الفواكه الحمضية في حرقة المعدة لدى بعض الأفراد، بينما قد تنتج مشاكل هضمية عند تناول القمح أو البصل أو الحليب أو الأجبان لدى آخرين. ومن المهم أن نلاحظ أن الأطعمة الحارة تعتبر من الأسباب الشائعة للحرقة وآلام المعدة والإسهال، لذا يُفضل تجنبها.