آداب زيارة المرضى
تعتبر زيارة المريض من الأعمال النبيلة التي يشجع عليها الإسلام، فهي حق من حقوق المسلم على أخيه المسلم. وقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ).
ولزيارة المريض مجموعة من الآداب التي يجب الالتزام بها لضمان أن تكون الزيارة ذات فائدة للمريض، ومن أبرز هذه الآداب:
اختيار الأوقات المناسبة
يجب على الزائر أن يختار الوقت المناسب لزيارة المريض، بحيث لا تتعارض الزيارة مع أوقات الراحة أو تناول الطعام، حيث يمكن أن يُشعر المريض بالخجل أو الانزعاج إذا تمت زيارته في أوقات غير مناسبة. ينبغي أن تكون الزيارة في أوقات يستطيع الجميع فيها استقبال الضيوف براحة. قال ابن القيم -رحمه الله-: “لم يكن من هديه -صلى الله عليه وسلم- أن يخصص يوماً بعينه لعيادة المريض، بل شرعها ليلاً ونهاراً”.
تقليل السؤال
يتعين على الزائر تقليل الأسئلة والتركيز على الكلام الإيجابي والدعاء، مع مراعاة الحالة الصحية للمريض ومحاولة تخفيف عناءه. فقد روت أم سلمة -رضي الله عنها- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا حضَرْتُمُ الميِّتَ، أوِ المريضَ، فقولوا خيرًا، فإنَّ الملائكةَ يُؤمِّنونَ على ما تقولون).
إظهار الاهتمام بالمريض
يمكن إظهار الاهتمام بالمريض بطرق متنوعة، منها:
- الاقتراب من المريض، الجلوس بالقرب منه، سؤاله عن أحواله، وما يرغب فيه، ومساعدته في القيام والجلوس.
- تشجيعه بكلمات طيبة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا بأس، طهور إن شاء الله)، وتنبيهه للصبر وتذكيره بالأجر.
- التحدث بلطف ورقة مع المريض، وتوجيه الدعوات له بالصحة والعافية.
عدم العبث بالأجهزة الطبية
من الممارسات الخاطئة التي قد يقوم بها البعض هو العبث بالأجهزة الطبية. من المهم أن يقتصر لمس هذه الأجهزة على الطاقم الطبي فقط، لأن العبث بها قد يؤدي لتدميرها. يجب على الزائر أن يحترم ممتلكات المستشفى وراحة المريض بأن يتجنب التلاعب بتلك الأجهزة.
تعد مراعاة هذه الآداب عاملًا رئيسيًا لجعل الزيارة تجربة تخفف معاناة المريض وتكون عوناً له.
الآثار الإيجابية الناجمة عن الالتزام بآداب زيارة المريض
تنعكس زيارة المريض بفوائد كبيرة ترجع بالنفع على المريض، ومن أبرز تلك الآثار:
- تخفيف الضغط النفسي عن المريض نتيجة شعوره بالدعم والتفهم.
- تساعد زيارة الأصدقاء والمقربين على تحسين المزاج وتقليل مستويات القلق والاكتئاب.
- تشجيع النصائح التي يقدمها الزوار على الالتزام بتعليمات الطبيب مما يعزز فرص الشفاء.
إن لزيارة المريض أثر إيجابي يعجل بتماثله للشفاء.
الجزاء المرتبط بزيارة المرضى
تكتسب زيارة المريض مكانة عظيمة في الشريعة الإسلامية، إذ تنطوي على ثواب دنيوي وآخروي. وفيما يلي توضيح لأهمية هذا الجزاء:
الجزاء الدنيوي
تحقق زيارة المريض معاني الألفة والمحبة بين المسلمين؛ كما تعالج قسوة القلب للزائر الذي يعايش مشاعر الرحمة، ويذكره بنعمة الصحة والعافية. كما يقول بعض العلماء: “زر السجن مرة لتعرف فضل الله على الحرية”.
الجزاء الأخروي
ينال زائر المريض أجراً عظيماً لعمله الصالح. ومن ثواب زيارة المريض:
- كسب رضا الله -عز وجل-، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن اللهَ -عزَّ وجلَّ- يقول: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي).
- صلاة الملائكة على زائر المريض، وعنه -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن مسلِمٍ يعودُ مُسلِمًا غدوةً إلَّا صلَّى عليهِ سبعونَ ألفَ ملَكٍ حتَّى يُمسيَ).
- نزول الرحمة عن الله -عز وجل- على من يعود مريضاً، كما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- سعادة قلب الزائر، فعن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ المسلمَ إذا عادَ أخاهُ المُسلمَ، لَم يزلْ في خُرْفَةِ الجنَّةِ حتَّى يرجعَ).
إن زيارة المريض تحمل آثاراً على نفسيته، كما أن لها فوائد عظيمة على الزائر، فهي تحقق له القرب إلى الله، وتعزز روح الطاعة والإيثار.
الأدلة الشرعية على آداب زيارة المريض
توجد أدلة شرعية تؤكد على أهمية وآداب زيارة المريض، منها:
- الدليل على اختيار الوقت المناسب: عن أنس بن مالك، قال: (كَانَ النبي -صلى الله عليه وسلم لاَ يَعُودُ مَرِيضًا إِلاَّ بَعْدَ ثَلاَثٍ).
- الدليل على تقليل السؤال: كما ورد عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (فقولوا خيرًا).
- الدليل على عدم إطالة الزيارة: عن أبي ذَرٍّ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا أَبَا ذَرٍّ، زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا).
- الدليل على إظهار الاهتمام: كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل عن حال الصحابي أكحل.
- الدليل على الدعاء للمريض: (لا بأس، طهور إن شاء الله).
تعد زيارة المريض من الأعمال الصالحة التي تعود بالخير على الزائر والمريض على حد سواء، الأمر الذي يدل على ضرورة الالتزام بالآداب والأخلاقيات المرتبطة بها.