الدولة الحفصية
تأسست الدولة الحفصية في تونس على يد أبو زكريا الحفصي، عقب هزيمة الموحدين في معركة العقاب عام 1212م. وقد أعلن أبو زكريا استقلال الدولة دون أي مقاومة ملحوظة. شهدت هذه الدولة في عهده فترة من الازدهار الكبير، وأصبحت تتمتع بسمعة قوية واحترام واسع على مستوى الدول، مما دفع العديد من القوى الأوروبية إلى السعي لعقد اتفاقيات معها بهدف تعزيز الاقتصاد وضمان سلامة طرق التجارة البحرية.
العوامل المساهمة في انهيار الدولة الحفصية
عانت الدولة الحفصية من مجموعة من العوامل التي أدت إلى تراجعها ومن ثم انهيارها، ويمكن تصنيف هذه العوامل إلى داخلية وخارجية، ومن أبرزها:
أسباب داخلية
تشمل العوامل الداخلية التي أسهمت في سقوط الدولة الحفصية ما يلي:
- انشغال الأمراء بمصالحهم الشخصية على حساب مصلحة البلاد العامة، مما أثر سلباً على وحدة الدولة.
- الموقع الجغرافي الذي جعل من الدولة مستهدفة، حيث كانت محاطة بالدولة الإسبانية من الغرب والدولة العثمانية من الشرق.
- الصراعات الداخلية العنيفة بين ورثة العرش، مما خلق نزاعات مستمرة أثرت على استقرار الحكم.
- التمردات الداخلية من بعض المدن التي أعلنت استقلالها، مما استدعى تدخل الجيوش لإخماد هذه الفتن، وهو ما أضعف القدرة العسكرية للدولة، وقد تفاقمت الأمور في الفترة الأخيرة من حكم الحفصيين حين استنجد أميرهم بملك إسبانيا، مما أدى إلى ثورة شعبية كبدت إسبانيا خسائر فادحة نتيجة المعارك المحتدمة.
- انكشاف زيف العقيدة التومرتية التي اتبعتها الدولة، مما أدى إلى تمرد السكان وفقدان الثقة في السلطة.
- انحراف الأمراء اللاحقين عن تعاليم الدين الحنيف الذي اتبعه أسلافهم، حيث أقدموا على ارتكاب المحرمات واستغلال الأموال بغير حق، مما أشعل ثورات داخلية تطالب بالتخلص من حكمهم.
- الجذور البربرية للدولة في ظل غياب التأثير العربي والحضارة الشرقية، مما ساهم في سوء الإدارة والمشاكل السياسية.
- بالرغم من الازدهار الكبير الذي شهدته الدولة خلال عهدها الأول، سواء في المجالات العلمية أو الاقتصادية أو العسكرية، كانت النزاعات على العرش سبباً رئيسياً في إهمال شؤون البلاد وتدهور أحوالها.
أسباب خارجية
أما بالنسبة للأسباب الخارجية التي ساهمت في انهيار الدولة الحفصية، فتشمل:
- الغزوات المتكررة التي شنتها المريدية من المغرب على الدولة، على الرغم من إحكام الحفصيين السيطرة في البداية، إلا أن تكرار الغزوات أدى إلى ضعف عام، وانتشار الأوبئة التي أوقعت خسائر كبيرة في السكان.
- تحالف الحفصيين مع إسبانيا كوسيلة للدفاع عن أنفسهم ضد العثمانيين، مما أدى في النهاية إلى اعتقال الأمير الحفصي وإعدامه بتهمة التواطؤ مع الأعداء بعد سيطرة العثمانيين على تونس.
- الهجمات المتكررة من قبل القراصنة على السفن التجارية المتجهة إلى أوروبا أو العائدة منها، مما أثر سلباً على الاقتصاد المحلي.