توقيت قراءة القرآن الكريم
تعد قراءة القرآن الكريم فريضة مرافقة للمسلم في مختلف الأوقات، إذ يُمكن للمسلم أن يتلوه في أي وقت يراه مناسبا. ومع ذلك، تبرز مجموعة من الآراء حول الأوقات المثلى لتلاوته. فقد أشار ابن الصلاح والسيد قطب -رحمهما الله- إلى أن ساعة الفجر تعتبر من أوقات القراءة المفضلة، مستندين إلى قوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا). بدء اليوم بقراءة القرآن وذكر الله -تعالى- يعزز الإحساس بالسكينة والطمأنينة، ويجلب التوفيق في شتى الأمور.
كما أوضح الإمام النووي -رحمه الله- ضرورة الحرص على تلاوة القرآن الكريم في الليل، بناءً على قوله تعالى: (مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّـهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ). وقد ورد عن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: (مَن قام بعشْرِ آياتٍ لم يُكتَبْ مِن الغافلينَ، ومَن قام بمئةِ آيةٍ كُتِب مِن القانتينَ، ومَن قام بألفِ آيةٍ كُتِب مِن المقنطِرينَ). إذ تتضمن قيام الليل الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله -تعالى-.
وفي هذا السياق، أكد الإمام ابن باز -رحمه الله- أنه من الأفضل أن يختار المسلم اللحظات التي يكون فيها قلبه وذهنه متفرغين، لكي يتمكن من تدبر معاني القرآن وفهمه بشكل جيد. ليس هناك وقت محدد لقراءة القرآن، إذ يختلف الناس في تفضيلاتهم. ومع ذلك، يُعتبر الليل هو الوقت الأمثل للقراءة، لما يوفره من صفاء الذهن. قال الله تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)، أو بعد صلاة الفجر قبل الانغماس في مشاغل الحياة.
فضل قراءة القرآن في وقت الفجر
تحظى قراءة القرآن في وقت الفجر بمكانة خاصة وفضيلة عظيمة، كما ورد في كتاب الله، حيث يقول -تعالى-: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا). هنا يُشير قرآن الفجر إلى صلاة الفجر، إذ تُبرِز تلاوة القرآنlichkeiten الأخرى في تلك اللحظة، حيث يكثر حضور الملائكة في هذا الوقت. وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (قُرْآنَ الْفَجْرِ، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا، تَشْهَدُهُ ملائكةُ الليلِ وملائكةُ النهارِ). ومن المكافآت العظيمة عن صلاته في جماعة، ثم الاشتغال بذكر الله -عز وجل- وقراءة القرآن حتى طلوع الشمس، ثم صلاته ركعتين، فهو مثل أجر من أدى عمرةً وحجّةً كاملة، كما روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ).
القرآن الكريم: مصدر حياة القلوب
يُعتبر القرآن الكريم هو النور المُبين، والذكر الحكيم، وهو السبيل إلى الهداية نحو الصراط المستقيم، لا يعتريه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. يُخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الهدى، كما جاء في قوله -سبحانه وتعالى-: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا … وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ). يعتبر أفضل ما يمكن للعبد الاستفادة منه تلك المجالس التي تتناول مدارات القرآن الكريم، وتأمل معانيه، والعمل بتعاليمه.
يتجلى تأثير القرآن الكريم في حياة القلب والروح، إذ يحمل في طياته الخير والطمأنينة والسعادة. من أعرض عنه فقد حرم قلبه من نور الهداية، لذا يُوصى المسلم بتدبره، والمداومة على قراءته، واستحضاره في حياته اليومية، تماشياً مع قول الله -تعالى-: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا). إن تأمل القرآن وفهم معانيه يُسهم في تجاوز المحن وإصلاح القلوب لتزدهر بحياة جديدة، فهو شفاء للإنسان من داء الشبهات والشهوات، لما يحتويه من عِظات وعبر، كما أشار -تعالى-: (يا أَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدورِ وَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلْمُؤمِنينَ).