أشعار حول الوطن
- محمود سامي البارودي يقول:
وَاطُولَ شَوْقِي إِلَيْكَ يَا
وَطَنُ وَإِنْ عَرَتْنِي بِحُبِّكَ الْمِحَنُ.
أَنْتَ الْمُنَى وَالْحَدِيثُ إِنْ أَقْبَلَ الـ
ـصُبْحُ وَهَمِّي إِنْ رَنَّقَ الْوَسَنُ.
فَكَيْفَ أَنْسَاكَ بِالْمَغِيبِ وَلِي
فِيكَ فُؤَادٌ بِالْوُدِّ مُرْتَهَنُ.
لَسْتُ أُبَالِي وَقَدْ سَلِمْتَ عَلَى الدْ
دَهْرِ إِذَا مَا أَصَابَنِي الْحَزَنُ.
لَيْتَ بَرِيدَ الْحَمَامِ يُخْبِرُنِي
عَنْ أَهْلِ وُدِّي فَلِي بِهِمْ شَجَنُ.
أَهُمْ عَلَى الْوُدِّ أَمْ أَطَافَ بِهِمْ
وَاشٍ أَرَاهُمْ خِلافَ مَا يَقِنُوا.
فَإِنْ نَسُونِي فَذُكْرَتِي لَهُمُ
وَكَيْفَ يَنْسَى حَيَاتَهُ الْبَدَنُ.
- نزار قباني يقول:
عندما أشتاق للوطن
أحمله معي إلى خمارة المدينة..
وأضعه على الطاولة
أشرب معه حتى الفجر
وأحاوره حتى الفجر
وأتسكع معه في داخل القنينة الفارغة..
حتى الفجر..
وعندما يسكر الوطن في آخر الليل..
ويعترف لي أنه هو الآخر.. بلا وطن..
أخرج منديلي من جيبي
وأمسح دموعه..
- أحمد شوقي يقول:
وطن جمالك فؤادي يهون عليك ينضام
شهد معالم ودادي وتضيع الأعلام.
يا ده العجائب شوف فرحة اللوام
اللي ما يعرف العادي تعرفه الأيام.
- محمود درويش يقول:
تَكَبَّرْ…تَكَبَّر!
فمهما يكن من جفاك
ستبقى، بعيني ولحمي، ملاك
وتبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك
نسيمك عنبر
وأرضك سكَّر
وإني أحبك… أكثر
يداك خمائلْ
ولكنني لا أغني
ككل البلابلْ
فإن السلاسلْ
تعلمني أن أقاتلْ
أقاتل… أقاتل
لأني أحبك أكثر!
غنائي خناجر وردْ
وصمتي طفولة رعد
وزنبقة من دماء
فؤادي،
وأنت الثرى والسماء
وقلبك أخضر…!
وَجَزْرُ الهوى، فيك، مَدّ
فكيف، إذن، لا أحبك أكثر
وأنت، كما شاء لي حبنا أن أراك:
نسيمك عنبر
وأرضك سكَّر
وقلبك أخضر…!
وإنِّي طفل هواك
على حضنك الحلو
أنمو وأكبر!
أشعار حول الفراق
- ابن دنينير يقول:
ولى فأسرع في الفراق وما شفى
صبّا أقام من السقام على شفا.
ريم صفا ماء الجمال بوجه
لما غدا والقلب منه كالصفا.
راثت لواحظه لقتلى اسهما
واستلّ منه القدّ سيفا مرهفا.
فأصاب قلبي دون جسمي سهمه
وأذاب جسمي إذ غدا متحيفا.
وسألته صفحا بردّ صفيحه
فعفا ولكن بعد جسم قد عفا.
عجبوا الدقة خصره وقد اغتدى
جسدي على حبيه منها أنحفا.
فلو أنّ جسمي كان تحت هباءة
وعتمّدوا نظراً إليه لاختفى.
يا قاتلي بمحاسن قد اعزبت
في الحسن حتى جاوزت أن توصفا.
ضعفت عهودك لي ونحن بذي الحمى
لكن صبري راح منها أضعفا.
فارحم فديتك مغرما أسلمتهُ
بعد الوصال إلى القطيعة والجفا.
يخفي هواك عن الوشاة ودمعه
من شأنه سرّ الهوى أن يكشفا.
أعربت في حبّي له ورفعتهُ
فعسى بواوي صدغه أن يعطفا.
- ويقول أيضاً:
أما الفراق فإنّ موعده غد
فإلى ما يعذل عاذل ويفند.
قد ازمعوا للبين حتى أنه
قرب البعاد وحان منه الموعد.
فدموع عيني ليس ترقأ منهم
ولهيب قلبي في الهوى لا يخمد.
أورثتموني بالنوى من عزكم
ذلا ومثل الذل ما يتعوّد.
يا جيرة العلمين قلّ تصبّر
عن وصلكم حقا وعزّ تجلّد.
أنى ذكرتكم فصبر غائر
عنكم وقلب في هواكم منجد.
أوشمت بارقة الشآم فإنما
بين الأضالع زفرة تتوقّد.
- البحتري يقول:
أَعوذُ بِبَدرٍ مِن فِراقِ حَبيبي
وَمِن لَوعَتي في إِثرِهِ وَنَحيبي.
وَمِن فَجعَتي مِنهُ بِقُرَّةِ أَعيُنٍ
إِذا شُرِعَت فيهِ وَشُغلِ قُلوبِ.
يَروحُ قَريبَ الدارِ وَالهَجرِ دونَهُ
وَرُبَّ قَريبِ الدارِ غَيرُ قَريبِ.
وَمِثلُ أَبي النَجمِ المُهَذَّبِ فِعلُهُ
رَثى لِمَشوقٍ أَو أَوى لِغَريبِ.
أشعار حول الطبيعة
- نازك الملائكة تقول:
اقنعوا من حياتكم بهوى الفنّ
وسحر الطبيعة المعبود.
واحلموا بالطيور في ظلل الأغصان
بين التحليق والتغريد.
اعشقوا الثلج في سفوح جبال الأرض
والورد في سفوح التلال.
وأصيخوا لصوت قمريّة الحقّ
تغني في داجيات الليالي.
اجلسوا في ظلال صفصافة الوادي
وأصغوا إلى خرير الماء.
استمدّوا من نغمة المطر الساكت
أحلى الإلهام والإيحاء.
وتغّنوا مع الرعاة إذا مروا
على الكوخ بالقطيع الجميل.
وأحبوا النخيل والقمح والزهور
وهيموا في فاتنات الحقول.
شجرات الصفصاف أجمل ظلا
من ظلال القصور والشرفات.
وغناء الرعاة أطهر لحنا
من ضجيج الأبواق والعجلات.
وعبير النارنج أحلى وأندى
من غبار المدينة المتراكم.
وصفاء الحقول أوقع في النفس
من القتل والأذى والمآثم.
وغرام الفراش بالزهر أسمى
من صبابات عاشق بشريّ.
ونسيم القرى المغازل أوفى
لعهود الهوى من الآدميّ.
وحياة الراعي الخيالي أهنأ
من حياة الغنيّ بين القصور.
في سفوح التلال حيث القطيع الحلو
يرعى على ضفاف الغدير.
حيث تثغو الأغنام في عطفة المرّج
وتلهو في شاسعات المجالي.
وينام الراعي المغرّد تحت السّرو
مستسلما لأيدي الخيال.
في يديه الناي الطروب يناجيه
ويشدو على خطى الأغنام.
مستمدّا من همس ساقية السفح
لحون الشباب والأحلام.
آه لو عشت في الجبال البعيدة
أسوق الأغنام كل صباح.
وأغنّي الصفصاف والسرو أنغامي
وأصغي إلى صفير الرياح.
أعشق الكرم والعرائش والنبع
وأحيا عمري حياة إله.
كلّ يوم أمضي إلى ضّفة الوادي
وأرنو إلى صفاء المياه.
أصدقائي الثلوج والزهر والأغنام,
والعود مؤنسي ونجّيي.
ومعي في الجبال ديوان شعر
عبقريّ لشاعر عبقريّ.
أتغّنى حينا فتصغي إلى لحني
مياه الوادي ومرتفعاته.
وأناجي الكتاب حينا وقربي
هدهد شاعر صفت نغماته.
وخرير من جدول معشب الضفّة
يجري إلى حفاف الوادي.
وثغاء عذب من الغنم النشيط
وهمس من النسيم الشادي.
آه لو كان لي هنالك كوخ
شاعريّ بين المروج الحزينة.
في سكون القرى ووحشتها أقضي حياتي
لا في ضجيج المدينة.
ليتني من بنات تلك الجبال الغنية
حيث الجمال في كل ركن.
أشعار حول السعادة
- الحطيئة يقول:
ولست أرى السعادة جمع مالٍ
ولكن التقي هو السعيد.
وتقوى الله خير الزاد ذخرا
وعند الله للأتقى مزيد.
وما لا بد أن يأتي قريبٌ
ولكن الذي يمضي بعيد.
- عمارة اليمني يقول:
إن السعادة قد أظل زمانها
وافتر عن ثغر الهناء أوانها.
وافاك أول عامها بمسرة
لا الفطر أهداها ولا رمضانها.
عام كأن شهوره من حسنها
درر تضاحك في السلوك جمانها.
فتحت فتوحك بالسعادة بابها
فأسعد بمملكة عظيم شأنها.
متقسم يوم الندى معروفها
متبسم يوم الهدى عرفانها.