أحكام زكاة الفطر وفقًا لابن باز
شرعية زكاة الفطر
سنتناول تفصيل حكم زكاة الفطر كما ورد عن ابن باز فيما يلي:
- تعتبر زكاة الفطر واجبة ومفروضة على المسلمين.
إنها عبادة متفق عليها بين المسلمين، كما يوضح قوله -عز وجل-: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ). وقد ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الذكر والأنثى، الصغير والكبير، الحر والعبد من المسلمين، وأمر أن تؤدى قبل صلاة العيد).
- زكاة الفطر واجبة على جميع المسلمين.
تُلزم زكاة الفطر الذكر والأنثى، الكبير والصغير، الحر والعبد من المسلمين، الذين يتواجدون عند غروب الشمس في ليلة عيد الفطر. في حين أنها لا تُفرض على غير المسلمين، إذ لا يعتبرون من أهل الطهارة أو من المتلقين للزكاة حتى يدخلوا في الإسلام. ومن المستحب إخراج زكاة الفطر عن الأجنة، استنادًا إلى فعل عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.
تكون زكاة الفطر واجبة على الفرد وأسرته، بدءًا من نفسه، ثم زوجته نظرًا لوجود واجب النفقة عليها، وبعدها أولاده ومن يتولى نفقتهم. كما جاء في حديث جابر -رضي الله عنه-: (ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل لأهلك شيء فلذي قرابتك، وهكذا دواليك).
- الحكمة من مشروعية زكاة الفطر
ذكر الإمام ابن باز أن زكاة الفطر قد شرعها الله -سبحانه وتعالى- لمواساة الفقراء وتوفير الطعام للمحتاجين. وأشار إلى أنه لا يجوز إعطاء زكاة الفطر للأصول أو الفروع، أي أنه لا تحق للابنة المتزوجة أو أولادها، بالإضافة إلى عدم جواز إعطائها للجد أو الأب أو الأم.
موعد إخراج زكاة الفطر
الوقت المحدد لإخراج زكاة الفطر هو عند غروب شمس آخر يوم من رمضان، حيث ذكرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، برئاسة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز: “إن الوقت يعبر عن ليلة العيد وحتى قبيل الصلاة”. ويجوز تقديم الزكاة بيوم أو يومين، ولكن لا يجوز تأخيرها بعد عيد الفطر.
كما أشار الشيخ ابن باز إلى أن البداية تكون من لحظة غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو بداية شهر شوال، وينتهي موعد إخراج الزكاة مع بدء صلاة العيد، حيث أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإخراجها قبل الصلاة. ومن ينسى إخراج زكاة الفطر في وقته، فلا إثم عليه، ولكن يُطالب بأدائها وأن يسأل الله -تعالى- قبولها.
أما من يهمل إخراجها بشكل متعمد، فعليه إخراجها مع الاستغفار وطلب التوبة من الله -عز وجل-، ولتكن توبته صحيحة تتضمن الندم والتصميم على عدم تكرار هذا الخطأ.
مقدار زكاة الفطر
تقدر زكاة الفطر بصاع واحد من الطعام المتاح في البلد، من أرز، أو قمح، أو تمر، وما شابه ذلك. وقد أوضح الشيخ ابن باز أن مقدار الصاع يعادل أربعة حفنات باليدين المعتدلتين. وبالنسبة للوزن، يقدر بـ 480 مثقالاً، ومقدارها المالي في السعودية يساوي حوالي 192 ريالاً.
وأشار أيضاً إلى أن الوزن يقارب ثلاثة كيلوغرامات، وإذا أخرج المسلم من الطعام بالوزن فهو أكثر احتياطًا من القياس بالكيل. وبالتالي، يكون الصاع يعادل أربع حفنات بالب اليدين المعتدلتين الممتلئتين. مع التأكيد على عدم جواز إخراج قيمة الزكاة نقديًا بدلاً من الطعام، إذ يجب إخراجها كما كانت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أهل الزكاة
وفقًا لما ورد عن الشيخ ابن باز -رحمه الله-، يُفضل توزيع زكاة الفطر بين فقراء البلد الذي تتواجد فيه. وذلك لما في ذلك من مواساة لهم، وتيسير أمورهم في يوم العيد. وإذا كان الشخص مسافرًا إلى بلد إسلامي، فيكون الأفضل إخراج زكاة الفطر هناك.
أما إذا سافر إلى مناطق غير إسلامية، فيمكنه البحث عن بعض الفقراء المسلمين وتوزيع الزكاة عليهم. وقد ذكر الشيخ جواز إعطاء زكاة الفطر لغير المسلمين من أجل كسب قلوبهم مثل شيوخ العشائر والكبار في المجتمع، والذين إذا تم منحهم يُرجى اندماجهم في الإسلام.
هذا بناءً على قوله -عز وجل-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، حيث تشمل هذه الآية كلاً من المسلمين وغير المسلمين.