أنْ المُضْمَرَة
تُعتبر أنْ المُضْمَرَة حرفًا من حروف النصب، وهي تعمل على نصب الفعل المضارع، مُحدِثةً تغيرًا في الحكم الإعرابي عند دخولها على الفعل المضارع، حيث تُبدل إعرابه من الرفع إلى النصب. وتعد أنْ المُضْمَرَة من الأنواع المُخففة من أنَّ.
أمثلة على أنْ المُضْمَرَة
يمكننا أن نرى أمثلة على ذلك في القرآن الكريم، مثل:
- قوله تعالى: {إنما يرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.
- قوله تعالى: {إن الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا}.
- قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّـهِ}.
حكم عمل أنْ المُضْمَرَة وأمثلة عليها
تعمل أنْ المُضْمَرَة بشكلٍ ظاهرة أو مضمرة، حيث يكون العمل مضمراً جوازًا أو وجوبًا. أدناه توضيح لذلك مع أمثلة:
حالات العمل جوازًا
هنا بعض الحالات التي تتطلب عمل (أنْ) مُضمَرة جوازًا مع أمثلة مهنية:
- بعد لام التعليل، كما في قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم وَلَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ}؛ حيث يأتي الفعل (تُبيّن) مُنصَبًا بأنْ المُضْمَرَة جوازًا، والتقدير هنا هو: “لأن تُبيّن”. وإذا وُجدت النافية قبلها، فتظهر (أنْ) وجوبًا كما في قوله تعالى: {لِّئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}؛ حيث تكون أنْ موجودة ظاهرة مع اندغام النون في لام “ألا”.
- بعد حروف العطف (أو) و (و) و (ثم) إذا سبقها اسم صريح، كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}؛ حيث يُعَد الفعل (يُرسلَ) فعلًا مضارعًا منصوبًا بأنْ المُضْمَرَة جوازًا بعد (أو) الأولى، مع تواجد (وحيًا) كاسم صريح.
- ومن الأمثلة الشعرية (للمؤلف مصطفى وهبي التل):
ولُبس عباءة وتقرّ عيني
:: لعمر أبيك خير من مدير
فيرتبط الفعل (تقرّ) بأنْ المُضْمَرَة جوازًا، بعد العطف بـ “و”.
- ومن الأشعار الأخرى:
إني وقتلي سليكا ثم أعقله
كالثور يضرب لما عافت البقر
حيث يكون الفعل (أعقل) أيضًا مُنصبًا بأنْ المُضْمَرَة جوازًا في سياق مشابه.
حالات العمل وجوبًا
بينما هنا بعض الحالات التي تجب فيها عمل (أنْ) مُضمَرة مع الأمثلة:
- تأتي بعد لام الجحود التي تسبقها نفي، كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فِيهِم وَمَا كَانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُم وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}؛ حيث يُعد الفعل (يعذّب) مضارعًا منصوبًا بأن المُضْمَرَة وجوبًا.
- بعد حتى، التي تعني “إلى أن”، كما في قوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّـهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ}؛ حيث يكون الفعل (يقولَ) منصوبًا بأنْ المُضْمَرَة وجوبًا.
- بعد (أو) حين تأتي بمعنى “إلا أو إلى” وقبلها فعل يدل على انقضاء الحدث شيئًا فشيئًا، كما في قول الشاعر:
لأستسهلنّ الصعب أو أدرك المنى
فما انقادت الآمال إلا لصابر
- بعد واو المعية، حيث يكون الفعل بعدها مضارعًا غالبًا، كما في قول الشاعر:
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ
::: عارٌ عَلَيكَ إِذا فَعَلْتُ عَظِيمُ
حيث يُعتبر (تأتي) فعلًا مضارعًا منصوبًا بأنْ المُضْمَرَة وجوبًا.
- بعد فاء السببية، وهي تأتي بعد النهي أو النفي أو الاستفهام أو الترجي أو الدعاء، ومن الأمثلة ما يلي:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}؛ حيث يُعتبر (يموتوا) فعلًا مضارعًا منصوبًا بأنْ المُضْمَرَة وجوبًا. أيضًا، كما في قوله تعالى: {فَهَل لَنا مِن شُفَعاءَ فَيَشفَعوا لَنا أَو نُرَدُّ فَنَعمَلَ غَيرَ الَّذِي كُنّا نَعمَلُ}؛ حيث يكون (يشفعوا) فعلًا مضارعًا منصوبًا بأنْ المُضْمَرَة وجوبًا.