قصيدة الأم للشاعر عبد الكريم معتوق
أوصى بك الله كما أوصت بك الكتب السماوية
وها هو الشعر يقترب بخوف ثم ينصرف.
ما قلتُ والله يا والدتي بقافيةٍ
إلا وكان مقاماً يعلو ما أصف.
تظهر حروف بثوبها الأخضر عندما تحملها
غيوم لأمي تعبق بالطيب يتجلى.
الأم مدرسة، قالوا وقلتُ بها
كل المدارس ساحات تتوقف لها.
ها قد جئت بالشعر لأعينها بقافيتي
كأنما الأم في صفاتها تتصف بلا حدود.
إنْ قلتُ في الأم شعراً، قام معتذراً،
ها قد جئت أمام الجمع اعترف.
قصيدة أحن إلى خبز أمي للشاعر محمود درويش
أحنُ إلى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي..
تنمو في داخلي روح الطفولة يوماً على صدر الأيام.
أعشق عمري لأنني إذا متُ،
أخجل من دمعة أمي! خذيني، إذا عدتُ يوماً.
وشاحاً لحدائك وغطِّي عظامي بأعشاب
قد طالت من طهر كعبك، واشدّي وثاقي.”
بخصلة شعر.. بخيطٍ يتردد في ذيل ثوبك..
عساني أصير إلهًا إذا ما لمستُ أعماق قلبك!
ومتى عدتُ، ضعي وقوداً لنار تنورك،
وحبل غسيل على سطح دارك.
لأني فقدتُ الثبات دون صلاة نهارك.
هرمت، فردّي نجوم الطفولة لي
لأشارك صغار العصافير درب الرجوع
لعش انتظارك!
قصيدة أمي للشاعر عبد الله البردوني
تركتني هنا بين العذاب
ومضت، يا لطول حزني واكتئابي.
تركتني للشقاء وحيداً هنا
واستراحت وحدها بين الأتربة.
حيث لا جور ولا بغي، ولا
تنبيه ينذر بالخراب.
حيث لا سيف ولا قنبلة،
حيث لا حرب، ولا لمع حراب.
حيث لا قيد ولا سوط، وما عدا
ألمٌ يغمرني ومظلوم يحابي.
خلّفتني أستذكر الصفو كما
يذكر الشيخ خيالات الشباب.
ونأت عنّي وشوقي حولها
الماضي بي – أوّاه – دون جواب.
ودعاها حاصد العمر إلى
حيث أدعوها فتعيى عن جيابي.
حيث أدعوها فلا تسمعني
غير صمت القبر واليأس القابل.
موتها كان مصابي كله
وحياتي بعدها فوق مصابي.
أين مني ظلها الحاني وقد
ذهبت عنّي إلى غير إياب؟
سحبت أيّامها الجرحى على
لفحة البيد وأشواك الهضاب.
ومضت في طرق العمر، فمن
مسلك صعب إلى دنيا صعاب.
وانتهت حيث انتهى الشوط بها
فاطمأنّت تحت ستار الغياب.
آه ” يا أمّي ” وأشواك الأسى
تلهب الأوجاع في قلبي المغبّر.
ففيك ودعت شبابي والصبا
وانطوت خلفي حلاوات التصابي.
كيف أنساك وذكراك في
سفر أيامي كتاب في كتاب.
إن ذكراك وراءي وعلى
وجهتي حيث مجيئي وذهابي.
كم تذكرت يديك وهما
في يدي أو في طعامي وشرابي.
كان يجهدك نحولي، وإذا
مسّني البرد، كان زينداك ثيابي.
وإذا أبكاني الجوع، ولم
تملكي شيئاً سوى الوعد الكذاب.
هدّأت كفّاك رأسي مثلما
هدّأ الفجر ريَاحين الرّوابي.
كم هدّدتني يدي السمرا إلى
حقلنا في (الغول) في (قاع الرحاب).
وإلى الوادي والظل، حيث
يُلقي الورد أنفاسه المُحبة.
وسواقى النهر تلقي لحنها
ذائبة كاللطف في حلو العتاب.
كم تمنينا، وكم دلّلتني
تحت صمت الليل والشهب الخوابي.
كم بكيت عيناك لمّا رأتا
بصري يطفى ويُطوى في الحجاب.
وتذكرت مصيري والـجوى
بين جنبيك جراح في الالتهاب.
ها أنا يا أمّي، اليوم فتى
طائر الصيت بعيد الشهاب.
أملأ التاريخ لحناً وصدى،
وتغني في ربى الخلد رباي.
فاسمعي يا أمّ، صوتي وارقصي
من وراء القبر كالحوراء الكعاب.
ها أنا يا أمّ أرثيك وفي
شجو هذا الشعر شجوي وانتحابي.
قصيدة الأم تَلثُم طفلها وتضمّه لأبي القاسم الشابي
الأم تَلثُم طفلها وتضمه،
حرَمٌ سماوي الجمال مقدس.
تتأله الأفكار وهي جواره،
وتعود طاهرةً هناك الأنفس.
حرَم الحياة بطهرها وحنانها،
هل فوقه حرَم أسمى وأقدس؟
بوركتِ يا حرَم الأمومة والصبا،
كم فيكِ تكتمل الحياة وتقدس.
قصيدة أوجب الواجبات إكرام أمي بمعروف الرصافي
أوجب الواجبات إكرام أمي،
إن أمي أحق بالإكرام.
حملتني ثقلاً ومن بعد حملي،
أرضعتني إلى أوان فطامي.
ورعتني في ظلمة الليل حتى
تركت نومها لأجل منامي.
إن أمي هي التي خلقتني،
بعد ربي فصرت بعض الأنام.
فلها الحمد بعد حمدي إلهي،
ولها الشكر في مدى الأيام.
قصيدة الأم لحافظ إبراهيم
الأم مدرسة إذا أعددتها،
أعددت شعباً طيب الأعراق.
الأم روض إن تعهده الحيا،
بالري يورق أيما إيراق.
الأم أستاذ الأساتذة الألى،
شغلن مآثرهم مدى الآفاق.
قصيدة أغرى امرؤ يوماً غلاماً جاهلا بنقوده حتى ينال به الوطر لأحمد شوقي
أغرى امرؤ يوماً غلاماً جاهلاً بنقوده حتى ينال به الوطر،
قال: ائتني بفؤاد أمك يا فتى، ولك الدراهم والجواهر والدرر.
فمضى وأغرز خنجراً في صدرها،
والقلب أخرجه وعاد على الأثر.
لكنه من فرط سرعته هوى، فتدحرج القلب المعفر إذا عثر.
ناداه قلب الأم وهو معفر: ولدي، حبيبي، هل أصابك من ضرر؟
فكأن هذا الصوت رغم حنوه، غضب السماء على الوليد قد انهمر.
ورأى فظيع جناية لم يأتها، أحد سواه منذ تاريخ البشر.
وارتد نحو القلب يغسله، بما فاضت به عيناه من سيل العبر.
ويقول: يا قلب انتقم مني ولا تغفر فإن جريمتي لا تغتفر.
واستل خنجره ليطعن صدره طعنا، سيبقى عبرةً لمن اعتبر.