التدين لا يُختصر في الزهد أو النفور من الحب. حيث أن القرآن الكريم يحتوي على آيات تتحدث عن الحب بين الزوجين، مُشيرةً إلى أهمية أن يختار الرجل الزوجة التي يميل قلبه إليها وتتوافق روحه معها، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة.
وقد وصف الله عز وجل المشاعر بين الزوجين بالمودة والرحمة. ومن خلال السطور التالية، سنستعرض بعض الآيات التي تعكس هذه المشاعر، مع تقديم تفسير مبسط يساعد كل من الرجل والمرأة على الوصول إلى السعادة الزوجية.
الحب بين الزوجين
الحب هو شعور فطري وغريزي يختلج في كل نفس بشرية. فعندما يلتقي الرجل بامرأة، يميل قلبه إليها وكأنه يعرفها منذ زمن بعيد.
وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة. وهذه من النعم العظيمة التي منحها الله للبشر:
- الحب الحلال: هو الحب الذي يُعنى بالعلاقة الشرعية ويباركه الله من خلال الرابط الزوجي.
- يساعد على تحمل المسؤوليات وعبء الحياة.
- وقد أوصى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالنكاح لكل المحبين، لتجنب الوقوع في كبيرة الزنا.
- الزواج: هو العقد الذي يُربط بين الرجل والمرأة في الحلال.
- يساهم في استمرار النسل وزيادة التكاثر، وهو واجب على كل من يمتلك القدرة الجسدية والمالية.
- الزواج لا يُعتبر عائقًا للفقير، بل يمكن أن يكون له مصدر رزق يفتح أمامه أبواب الثروة.
- الاختلافات بين الجنسين: خلق الله الذكر والأنثى مع خصائص تختلف عن بعضها البعض.
- تتضمن هذه الخصائص العقلية والجسدية والاجتماعية والنفسية.
- هذا الاختلاف يدعم فكرة تكامل كل جنس مع الآخر، فهو باعث على التجاذب وليس التنافر.
- وصف الحب في القرآن: الحب الذي أوجده الله بين الجنسين يشمل معاني المودة والرحمة.
- يظهر هذا من خلال السلوكيات الإيجابية التي تعبر عن المشاعر مثل الكلمات الطيبة والابتسامة.
- كما يشمل احترام الاختلافات الشخصية والطموحات العالية.
- وصف الزواج في القرآن: الزواج هو علاقة ألفة وسكن، حيث يجد كل طرف الأمان والسكينة مع الآخر.
- تخلق العلاقة الطمأنينة والمشاركة في الجيد والسيئ، والتعاون على تحقيق مستوى معيشي أفضل وتنشئة أبناء صالحين.
آيات قرآنية عن الحب بين الزوجين
القرآن هو دليل المسلم في العبادات والعلاقات الأسرية. وفيما يلي نستعرض بعض الآيات التي تتحدث عن كيفية التعامل بين المتزوجين ومشاعر الحب التي تجمع بينهما:
- قال الله في سورة الروم: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.
- تصف هذه الآية المشاعر والعلاقة بين الطرفين بثلاث كلمات: السكينة، المودة، الرحمة.
- السكينة: تعني أن يكمل كل طرف احتياجات الآخر.
- حيث يمتلك الرجل خصائص عقلية تساعده في اتخاذ القرارات بحكمة.
- بينما تمتلك المرأة حنانًا وعاطفة، وفي المقابل يحتاج الطرفان لبعضهما البعض.
- الود والرحمة: تعني أن يراعي كل طرف ضعف الآخر.
- وأن تنمو المحبة بينهما من خلال تقدير نقاط القوة لكل طرف.
- قال الله في سورة آل عمران: “زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ”.
- تشير هذه الآية إلى أن النساء من الشهوات الفطرية، ويمثلن نوعًا من المتع في هذه الحياة.
- قال الله في سورة النحل: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ”.
- تشير هذه الآية إلى أهمية العدل والإحسان في الحياة الزوجية، حيث يجب على الزوج أن يكون عادلًا مع زوجته ويعاملها بالحسنى.
أسباب الاختلافات والشقاق بين الزوجين
تظهر الآيات المتعلقة بالحب والعلاقة الزوجية أن الشياطين تعتمد دائمًا كطرف ثالث في العلاقات، تسعى للتفريق بين الأزواج بطرق متنوعة. ولفهم هذه الأمور والتغلب على الاختلافات، يجب إدراك الأسباب التالية:
- هدف الشيطان: تسعى الشياطين لزرع العذاب في نفوس البشر.
- كما تروج للابتعاد عن عبادة الله والتفريق بين الأزواج.
- وساوس الشيطان للرجل: تشكِّل التجارب مع نساء أخريات وسيلة للوسوسة، مما يجعله ينفر من زوجته.
- مما يؤدي إلى زيادة الكراهيّة والمشكلات بين الزوجين.
- وساوس الشيطان للمرأة: المقارنة الدائمة بين حياة الزوج وحياة صديقاتها، والتي قد تؤدي إلى توجيه انتقادات للزوج.
- وهذا يتنافى مع مفهوم الإحسان الذي يحافظ على استمرارية العلاقة.
- التفكير بما يتعارض مع قيم الدين: الفساد يظهر نتيجة لسلوك البشر.
- مع توفر وسائل الإعلام والتواصل الحديثة التي تغذي الأفكار السلبية.
- قد تُؤدي هذه المشاهدات إلى مقارنة الزوج لزوجته بأخريات، أو العكس.
- ويبدأ التوتر الناتج عن هذه المقارنات، مما يؤدي إلى تفكيك العلاقة وزيادة المشاكل في الأسرة.
فن التعامل بين الزوجين في الإسلام
تساعد الآيات في القرآن على توجيه المسلمين بطرق التعامل في الحياة الزوجية، بهدف تحقيق السعادة والراحة. وفيما يلي نوضح بعض الأساليب:
- غلق باب وساوس الشيطان: يتحقق ذلك من خلال التقرب إلى الله وقراءة القرآن، وخاصة سورة الناس لأخذ الحماية من الوساوس.
- هذا يساهم في إشغال العقل عن الانشغالات السلبية.
- أسلوب التغاضي والخدمة: ينبغي على الرجل تجاهل التصرفات التي تسلبه السعادة تجاه زوجته، ويعمل على خدمتها.
- وعلى المرأة أن تتجاوز عن تصرفات زوجها التي تزعجها، وتعمل على إسعاده.
- أسلوب المشاركة في التعلم: يفضل أن يشارك الزوج زوجته معلوماته الدينية، خاصة من الأمور التي تخص الدين.
- هذا يساعدها على فهم الدين بشكل أفضل ويعزز العلاقة بينها وبين زوجها.
- التعامل بحذر مع وسائل الإعلام: من المهم توخي الحذر عند مشاهدة المسلسلات والبرامج.
- ينبغي تجنب ما يُثير الغيرة أو عدم الرضا تجاه الحياة الزوجية.
آيات لزيادة المحبة بين الزوجين
- إن المحبة والرحمة تُعتبر أسسًا لبناء علاقة قوية بين الزوجين.
- القرآن الكريم يحتوي على آيات تعزز مشاعر المحبة بين الأزواج.
- تؤكد هذه الآيات أهمية الحب والتفاهم والرحمة، وتقدم الإرشادات اللازمة لتعزيز الروابط العاطفية.
من الآيات القرآنية التي يُمكن قراءتها بنية زيادة المحبة بين الزوجين:
- (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّـهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ). “سورة آل عمران، آية: 14”.
- (إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجعَلُ لَهُمُ الرَّحمـنُ وُدًّا). “سورة مريم، آية: 96”.
- (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). “سورة الروم، آية: 21”.
- (وَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِهِم لَو أَنفَقتَ ما فِي الأَرضِ جَميعًا ما أَلَّفتَ بَينَ قُلوبِهِم وَلـكِنَّ اللَّـهَ أَلَّفَ بَينَهُم إِنَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ). “سورة الأنفال، آية: 63”.
- (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ*وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ*الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ*وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ*فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا*إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا*فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ*وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب). “سورة الشرح، آيات: 1-8”.
- (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ. وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم. ولقد علموا لمن اشترى ما له في الآخرة من خلاق، ولَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ). “سورة البقرة، آية: 102”.
- (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّـهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّـهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ). “سورة البقرة، آية: 165”.
- (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). “سورة آل عمران، آية: 31”.
- (لَّا يُحِبُّ اللَّـهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّـهُ سَمِيعًا عَلِيمًا). “سورة النساء، آية: 148”.
- (وَأَلقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنّي وَلِتُصنَعَ عَلى عَيني). “سورة طه، آية: 39”.
- (وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ*سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ*وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ*وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). “سورة الصافات، آيات: 179-182”.
- (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا). “سورة النساء، آية: 128”.
- (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى). “سورة الشورى، آية: 23”.
- (عَسَى اللَّـهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّـهُ قَدِيرٌ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). “سورة الممتحنة، آية: 7”.
- (وَاعتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). “سورة آل عمران، آية: 103”.