أبيات غزل من العصر العباسي
- يقول الشاعر أبو نواس:
إذا غاديتِني بصبوح عَذلٍ
فَشوبيه بتسمية الحبيبِ
فإني لا أعد العَذل فيهِ
عليكِ إذا فعلتِ من الذنوبِ
وما أنا إن عَمِرت أرى جِنَاناً
وإن بَخِلَت بمحبوس النصيبِ
مُقَنَّعةٌ بثوب الحُسن تَرعى
بغير تكلف ثمر القلوبِ
- ويقول أيضاً:
اصدع نَجيَّ همومي بالطربِ
وأنعم على الدهر بابنة العنبِ
واستقبل العيش في غضارتهِ
لا تقف منه آثار مُعتقبِ
من قهوة زانها تقادمها
فهي عجوزٌ تعلو على الحقبِ
دهريّة قد مضت شبيبَتها
واستنشقتها سوالف الحقبِ
كأنها في زجاجها قَبَسٌ
يذكو بلا سورةٍ ولا لهبِ
فهي بغير المزاج من شررٍ
وهي إذا صُفّقَت من الذهبِ
إذا جرى الماء في جوانبها
هيّج منها كوامن الشغبِ
فاضت تحتَه تُزاحِمُهُ
ثم تناهَت تَفتَرُّ عن حَبَبِ
يا حسَنَها من بنان ذي خَنفٍ
تدعوكَ أجفانُهُ إلى الريَبِ
فاذكر صباح العقار واسم بهِ
لا بصباح الحروب والعَطَبِ
أحسنُ من موقفٍ بمُعتَرَكٍ
وركض خيلٍ على هلا وَهَبِ
صيحة ساقٍ بحابسٍ قدحا
وصبر مُستكرِهٍ لمنتحبِ
وردف ظبيٍ إذا امتطيتَ بهِ
أعطاكَ بين التقريب والخَبَبِ
- يقول الشاعر ابن حيوس:
إدراكُ وصفِكَ ليس في الإِمكانِ
ما للمقالِ بِذا الفعالِ يَدانِ
قد دقّ عن فكر الوَرى وتحَيَّرت
فيكَ العقولُ وكلَّ كُل لسانِ
والوصفُ ما لا تستزيد به عُلىً
أَنّى ومجدُكَ واضحُ البُرهانِ
جاوزتَ ما لم تَسعَ في طرقاتهِ
هممٌ ولم تَطمَح إليه أماني
وأبان فضلك للزمان فضيلةً
تبقى إذا درسَت هضابُ أبانِ
قد كانَ من غرَرِ المحاسن مُعدِماً
فالآنَ قد أفضى إلى الوجدانِ
أعطى الرعيةَ سُؤلَها من عدلهِ
ملكٌ عليها بالرعاية حانِ
يغفي وليس ينامُ ناظرُ دينهِ
أعظم به من نائمٍ يقظانِ
فإذا دعوا وتضرعوا لم يسألوا
إلا إدامةَ عِزِّ ذا السلطانِ
قد كانَ هذا الشامُ نُهزةَ ناكثٍ
حيناً فصارَ أعزَّ من خفّانِ
أبيات غزل من العصر الأيوبي
- يقول الشاعر اللواح:
وحسن جمال ليلى أن ليلى
لغاية منيتي وبها مفازي
ولولا حب ليلى ما رمت بي
نوى قذف إلى أرض الحجاز
وحسبي أنني من حب ليلى
وإن عزت الأحبة غير عاز
أحن بها على قرب وبعد
ولست بسامع فيها التعازي
ومن حق الهوى في الحب أن لا
يجوز عليه أحكام المغازي
فصبري عنك يا ليلاء هذا
وسلواني يعد إلى مهازي
وهل ينساك لي قلب ولوع
بذكراك في التقاضي وانغمازي
فمحتفظ بسلوى عنك ليلى
وحزني عنك توديعك نازي
وهل يمحي وداد من فؤاد
به أثر الهوى أثر الحراز
ذكرتك في الوداع ففاض دمعي
وأورثني البكا داء التحاز
هواك هواك في قرب وبعد
يعاصاني الغداف بلون ناز
وهزني إدكارك في خلاء
وفي حشد الملا أي اهتزاز
ولما أن لثمتك حيل حالي
وطاب الجسم لما كان واز
وصالك رد لي ماضي شبابي
وطيب هواك لي عنه المحا
- يقول الشاعر بلبل الغرام الحاجري:
يا من سبي العشاق حسنُهُ
لما رنا بالغنج جفنُه
صل مُدنِفاً قَصُرَت يداهُ
عَنِ السُّلُوِّ وطال حِزبُه
أسهرته فالنجوم في
كَسميره والوجد خدنُه
يا عاذلي في حُبِّهِ
مَهلاً سُلوّي لا تظنّه
أرأيتَ قبل عذارهِ
خدّاً سحيقَ المِسكِ ضمنه
اللَّحظ صارمُهُ الصقي
إذا رنا والقدُّ لَدنَه
كُل له فَنّ وَقلبي المُستَهامُ
هواكَ فَنُّه
ألفَ الضنى لما هجر
تواصلَ التسهيدَ جفنَه
ما كان ظنّي في هَواكَ
بأَنَّ قلبي خابَ ظنُّه
أبيات من الغزل في العصر المملوكي
- يقول الشاعر ابن مليك الحموي:
يا أهيل الحمى وعرب الفريق
عَلّ من نظرة لصب مشوق
مغرم لم يزل أسير هواكم
راح يبكي الأسى بدمع طليق
رقق البين حاله منه حتى
سامه بالهوان سوم الرقيق
ود في العمر لو يراكم طريقا
فتقضى وعينه في الطريق
يسفح الدمع في الخدود عقيقا
حبذا السفح مؤذناً بالعقيق
حيث كان الشباب بالوصل غضا
باسماً عن رضاب غصن وريق
لم يرعني من حادثات الليالي
طارق ما سوى الخيال الطروق
يا نزولاً بالمنحنى من ضلوعي
هل إلى الصبر عنكم من طريق
ناركم في الحشا تشب لهيبا
وخفوق البروق بعض خفوقي
كيف أسلو وحبكم في فؤادي
ساكن في مفاصلي وعروقي
فيما بيننا جرى من عهود
وبما في الهوى لكم من حقوق
لا تحولوا عن الوداد فإني
واثقٌ منكم بعهد وثيق
- يقول الشاعر ابن نباتة المصري:
تركت التغزل من أول
وصيرته بعد مدح مرادي
وقالت ليَ العين ذاك الطعام
ما كان أبهجه في سوادي
أيامن أياديهِ مشهورةٌ
لدى كل وادٍ وفي كل ناد
وما سرق القول فيه الثنا
فحاشاه من قطع تلكَ الأيادِي
أذكِّر مولايَ ما قلتُ في
مقاطيع شعرٍ تجوب البوادِي
عهدت فؤادي ملآن من
شجونٍ ولا موضعٌ لازدياد
إلى أن تعشّقت حلو الكنافا
ت للحلو زاويةً في فؤادي
أبيات غزل من العصر الحديث
- يقول الشاعر فاروق جويدة:
جعلتك كعبة من الأرض يأتي
إليك الناس من كل البقاع
وصغت هواك للدنيا نشيدا
تراقص حالماً مثل الشعاع
وكم ضمتك عيناي اشتياقا
وكم حملتك في شوق ذراعي
وكم هامت عليك ظلال قلبي
وفي عينيك كم سبحت شراعي
رجعت لكعبتي فوجدت قبراً
وزهراً حوله تلهو الأفاعي
عبدتك في الهوى زمناً طويلاً
وصرت اليوم أهرب من ضياعي
- يقول الشاعر محمود درويش:
سألتكِ: هزّي بأجمل كف على الأرض
غصنَ الزمان!
لتسقط أوراق ماض وحاضرْ
ويولد في لمحة توأمان:
ملاك.. وشاعر!
ونعرف كيف يعود الرماد لهيباً
إذا اعترف العاشقان!
أُتفاحتي! يا أحبَّ حرام يُباحْ
إذا فهمتْ مقلتاك شرودي وصمتي
أنا، عجباً، كيف تشكو الرياح
بقائي لديك؟ وأنتِ
خلودُ النبيذ بصوتي
وطعم الأساطير والأرض.. أنتِ!
لماذا يسافر نجم على برتقاله
ويشرب يشرب يشرب حتى الثمالةْ
إذا كنت بين يديّ
تفتّت لحن، وصوت ابتهالهْ
لماذا أُحبك؟
كيف تخر بروقي لديك؟
وتتعب ريحي على شفتيك
فأعرف في لحظةٍ
بأن الليلي مخدة
وأن القمر
جميل كطلعة وردة
وأني وسيم.. لأني لديك!