أدوات النداء ووظائفها
إن أسلوب النداء يُعتبر من أبرز الأدوات اللغوية التي يستخدمها العرب، سواء كان الهدف منه جذب انتباه شخص ما أو تحفيز شخص آخر ليصغي. فعندما يُستخدم النداء، يستجيب الشخص ويتفاعل مع رغبة المتحدث التي تتجلى في العبارة الملقاة.
وغالباً ما يتبع أسلوب النداء أسلوب آخر مثل الأمر أو النهي أو الاستفهام، وقد يرتبط أيضاً بأحكام شرعية كما في النصوص الدينية، مثل قوله تعالى: “يا أيّها المُدث قم فأنذر* وربك فكبر* وثيابك فطهِر”، وكذلك “يا أيّها النبي لِمَ تُحرم ما أحل الله لك”.
مثل: “يا أيها الناس ادخلوا في السِلم كافة.” في هذا المقال، سنتعرف على تفاصيل أسلوب النداء بشكل منظم، بدءًا من:
ما هي مكونات أسلوب النداء؟
ينقسم أسلوب النداء إلى ثلاثة مكونات رئيسية، وهي:
- الأداة المستخدمة “أدوات النداء”.
- المُنادى “الشخص المراد مخاطبته”.
- غرض الجملة، أو مضمون الكلام.
- مثال: “يا محمد أقبِل هنا.”
- في هذا المثال: “يا” هي أداة النداء و”محمد” هو المنادى بينما “أقبل” هو الغرض المستهدف من النداء.
النداء للبعيد والقريب
عند مناداة شخص ما، يكون إما قريبًا أو بعيدًا، ولا يوجد خيار ثالث.
إذا كان المنادى بعيدًا، يمكننا استخدام:
- “أيا”، مثل: “أيا حاصداً للقمح، اعمل جيداً.”، “أيا قارئاً للكتب، حافظ عليها.”، “أيا طالباً للعلم، اسعى.”
- “هيا”، مثل: “هيا متردداً، اتخذ قراركَ.”، “هيا عاملاً، اجتهد.”، “هيا راجياً النجاح، قف.”
أما إذا كان المنادى قريبًا، نستخدم:
- “أي”، مثل: “أي صديقي، قم بِعملكَ.”، “أي أخي، أحضِر الماء.”، “أي أبي، اعطني مالًا.”
- الهمزة (ء)، مثل: “أزيدٌ أطفئ النار.”، “أقرأ الكتاب، أقرأه جيداً.”، “أزائر المريض.”
وهناك أدوات تتناسب مع القريب والبعيد، مثل “يا”، التي تستخدم بكثرة في أحاديثنا، وخاصة في التراث العربي، وهي الأداة الأكثر استخداماً وتنتمي أيضاً إلى أسلوب النداء التعجبي.
- مثال: “يا بُني لا تلهو كثيراً.”، “يا زيد، أجبني.”، “يا رفيق، أعني.”، “يا أبي، اغفر لي.”
- مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الأدوات تحل محل فعل النداء المحذوف، وتقديرها “أنادي” أو “أدعو”.
ما هو أسلوب الندبة؟
- عند ذكر أسلوب الندبة، يتبادر إلى الذهن مباشرة عبارة “واسلاماه!”. فالندبة هي إحدى أدوات النداء.
- تستخدم الندبة للتعبير عن الألم أو الحزن أو مشاعر سلبية تجاه موضوع محدد، مع الاستعانة بالأداة “وا.”
- عند قولنا “واعيناه”، نعبر عن ألم في العيون. كما نقول “وامعتصماه” للشكوى من ألم المعصم، و”وارأساه” عند التعبير عن ألم في الرأس.
ما هي أنواع المنادى؟
يمكن أن يكون المنادى مبنياً أو معرباً، حيث يتكون المبني من نوعين، في حين يحتوي المعرب على ثلاثة أنواع.
أولاً: المنادى المبني ويتكون من نوعين:
-
النوع الأول هو النكرة المقصودة، حيث يُستخدم الاسم النكرة مثل (رجلٌ، جارٌ، تلميذةٌ) في سياق النداء (يا رجلٌ، يا جارٌ).
- هنا يتم مناداة شخص معين لكن دون ذكر اسمه، بل يتم التعرف عليه وفق صفته أو وظيفته.
- مثال: “يا معلمُ، اشرح الدرس.” (معلم هنا منادى مفرد مبني على الضم في محل نصب).
- أما المثنى، فيكون كالتالي: “يا معلمانِ، اشرحا.” (معلمان هنا منادى مثنى مبني على الألف في محل نصب).
- بالنسبة للجمع، نقول: “يا معلّمونَ، اشرحوا.” (معلمون هنا منادى جمع مذكر سالم مبني على الواو في محل نصب).
النوع الثاني: المنادى العَلم المفرد
-
يعد أي اسم يدل عليه سياق الجملة، وقد يكون علماً مفرداً (مثل: “يا سعاد”، “يا علي”، “يا ثناء”).
- “يا أحمد” يعتبر مثالًا على ذلك. قد يكون المثنى (يساوي شخصين) مثل “يا علِيَّانِ”، أو جمعًا كما في “يا عليُّونَ.”
- سُمي علماً مفرداً لأنه يتكون من كلمة واحدة، حتى وإن دلت على أكثر من شخص، كما في المثنى والجمع: “محمدُ”، “محمدانِ”، “محمدونَ.”
أما حكم العلم المفرد فهو كما يلي:
- يدل على المفرد، مثل “محمدُ”: يبنى هنا على الضم.
- يدل على المثنى، مثل “محمدانِ”: يبني على الألف.
- أما الجمع كالحال في “محمدونَ”: فيبني هنا على الواو.
المنادى المعرب
- ثانياً: المنادى المعرب ويتكون من ثلاثة أقسام:
-
النوع الأول: شبيه بالمضاف: أي مضاف يحتاج إلى اسم بعده لإتمام المعنى، وغالبًا ما يأتي منصوبًا كونه مفعول به.
- “يا قارئاً النص.”، “يا مكرماً الفقير، يا راجياً النجاح.”، “يا داعياً لله، يا مسافراً إلى عمان.” (مسافراً هنا منادى منصوب وعلامة نصبه الفتح).
-
النوع الثاني: النكرة غير المقصودة: أصلها نكرة ثم أضيفت إليها أداة نداء.
- لا نقصد شخص معين، مثل: “يا موظفاً”، “يا عالماً”، “يا معلماً”، “يا طالباً، ادرس واجتهد.” (طالباً هنا منادى منصوب وعلامة نصبه الفتح).
-
النوع الثالث: المضاف: هو اسم مضاف لما بعده، مثل: “يا عبد الله”، “يا طالب العلم”، “يا داعي الله.” مثال: “يا سائق القطارِ.”
- (سائق هنا منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتح) ويكون الاسم المضاف إليه مجرورًا (مثل: القطار).
النداء المعرف/ المحلى بـ ال
-
إذا كان المنادى محليًا بـ “ال”، يجب استخدام “أي” للمذكر و”أية” للمؤنث، وما يتبعها يُعرب نعتًا.
- أما عن “أي و أية”، فتعتبر منادى مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
- مثال: “أيتها المرأة، أيها الرجل.”
- ملحوظة: تُعتبر من قبيل النكرة المقصودة.
حذف أداة النداء
يمكن حذف أداة النداء، ونعوض عنها بسياق الجملة، كما في قوله تعالى: “يوسف أعرض عن هذا.”، أو قد نحذف الأداة ونستخدم ميم مشددة مع اسم الجلالة “اللهمَّ”.
أسلوب النداء التعجبي
- باستخدام “يا” فقط، يُصاب المنادى المتعجب منه بـ لام مفتوحة.
مثال: يا لجمال الإيمان.
“يا”: حرف نداء وتعجب مبني على السكون.
“اللام”: حرف جر مبني على الفتح، ولا محل له من الإعراب.
“جمال”: متعجب منه مجرور باللام وهو مضاف.
“الإيمان”: مضاف إليه.
يمكن حذف اللام من المتعجب منه، فنقوم بإعرابه كإعراب المنادى العادي.
مثال: يا عظمة الإسلام.
“يا”: حرف نداء وتعجب.
“عظمة”: منادى متعجب منه منصوب وهو مضاف.
“الإسلام”: مضاف إليه ومجرور.
أمثلة عامة
- “يا أحمد أقبل.”
“يا”: أداة نداء مبنية على السكون لا محل لها من الإعراب.
“أحمد”: منادى مبني على الضم في محل نصب مفعول به لفعل النداء المحذوف وجوباً.
- “يا مدرسان.”
“يا”: أداة نداء مبنية على السكون لا محل لها من الإعراب.
“مدرسان”: منادى مبني على الألف لأنه مثنى في محل نصب مفعول به لفعل محذوف وجوباً.
- “يا مدرسون اتقوا الله.”
“يا”: أداة نداء مبنية على السكون لا محل لها من الإعراب.
“مدرسون”: منادى مبني على الواو لأنه جمع مذكر سالم في محل نصب مفعول به لفعل محذوف وجوباً.
- “يا أيها الرجل انتبه!”
“يا”: أداة نداء مبنية على السكون لا محل لها من الإعراب.
“أي”: منادى مبني على الضم في محل نصب وهو من قبيل النكرة المقصودة.
“ها”: للتنبيه.
“الرجل”: نعت تابع.
“انتبه”: فعل أمر مبني على السكون الظاهر والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت.