في هذا المقال، سوف نقدم لكم أجمل أبيات عمرو بن كلثوم مع تحليلها، مستندين إلى النصوص والأساليب المتنوعة الموجودة فيها. كما سنستعرض قصة المعلقة التي كتبها عمرو بن كلثوم والتي أدت إلى شهرته الواسعة، بالإضافة إلى تقديم لمحة عن الشعر في العصر الجاهلي.
الشعر في العصر الجاهلي
- احتل الشعر مكانة كبيرة في الثقافة الجاهلية، حيث كان يتمتع باهتمام كبير لدى العرب، وله أغراض محددة وأوقات معينة يُكتب فيها.
- يُعتبر إمرؤ القيس بن حجر من الرواد الأوائل في كتابة الشعر الجاهلي، تلاه مهلهل بن ربيعة، كما يشير الجاحظ في كتابه “الحيوان”، حيث يُعتقد أن الشعر كان موجوداً قبل تلك الفترة.
- بلغ اهتمام العرب بالشعر حداً أن كانوا ينصبون القباب في سوق عكاظ لعرضه، وكانت تُسمع قصائد شهيرة مثل قصائد النابغة الذبياني.
- من أشهر الأنواع الشعرية في تلك الفترة المعلقات، والتي دُعيت لاحقاً بـ”السّبع الطوال”، وهناك جدل بين الدارسين حول العدد الحقيقي لها، هل هي سبع أم أكثر.
- وقد اختلفت الآراء حول سبب تسميتها بالمعلقات، حيث قال البعض إنها سبع، فيما ادعى آخرون أنها عشر، ويُعتقد أن هذا الاسم جاء لأنها كانت تُعلق على جدران الكعبة.
عمرو بن كلثوم
- يُعتبر عمرو بن كلثوم من أبرز كتّاب المعلقات في العصر الجاهلي، ويدعى بالكامل عمرو بن كلثوم بن مالك بن عَتّاب، ويشتهر بلقب أبو الأسود التغلبي.
- وصف ابن سلام الجمحي عمرو بأنه شاعر ذو خبرة طويلة، من الصف الأول من الشعراء. وُلد في شمال الجزيرة العربية في قبيلة ربيعة.
- تنقل بين الحجاز والعراق، وعاش فترة في الشام، وكانت والدته ليلى بنت المهلهل، شاعرة جاهلية معروفة. كان عمرو يتمتع بشهرة كبيرة من حيث الشجاعة والعزة، وكان سيداً لقومه من قبيلة تغلب.
- شهد عمرو بن كلثوم معركة مزدحمة، وقتل ملك المناذرة وعاد مع قبيلته في أفضل حال، وكان شاعراً ماهراً ولكنه نادراً ما كتب.
- أشهر أعماله كانت المعلقة الشهيرة التي تضمنت ألف بيت، ولكن للأسف لم يتبقَ منها سوى مئة بيت معروفة.
- توفي عمرو بن كلثوم في الجزيرة الفراتية قبل الإسلام، على الرغم من أنه عاش طويلاً.
قصة معلقة عمرو بن كلثوم
- كتب عمرو عن الفخر والانتصار، وتمحورت معلقة عمرو بن كلثوم حول حروب قبيلته، حيث وصف الدماء والمعارك، متغنياً بأصل قبيلته.
- عمل عمرو بن كلثوم على تعزيز سمعة قبيلة تغلب في معلقتة وأشاد بها، مما جعلها مصدر اعتزاز لجميع أفراد القبيلة، حيث صارت معلقتة متداولة ومعروفة بين الجميع.
- أسس عمرو بن كلثوم في معلقته فخره بقومه، وكانت قصيدته ردًا على حادثة وقعت مع أمه لدى عمرو بن هند.
- حيث أراد عمرو بن هند من أم عمرو أن تخدمه، قام عمرو بن كلثوم بإلقاء قصيدته بحضور عمرو بن هند، مما أدى للتوتر في الأجواء حيث كانت الحروب متجددة بين قبيلتي بكر وتغلب.
- كتب عمرو بن كلثوم معلقتة ردًا على المعاني التي أثارها الحارث بن حلزة، نسياً أنه في حضرة ملك، مما أغضب عمرو بن هند.
- تُشير الروايات إلى أن عمرو كتب أجزاء من المعلقة خلال الوجود في حضرة عمرو بن هند، بينما أضاف أجزاء أخرى بعد قتله لعمرو بن هند في سوق عكاظ بمكة.
أجزاء معلقة عمرو بن كلثوم
- لم تُكتب المعلقة دفعة واحدة، بل كانت تتكون من أجزاء، حيث كان جزء منها قد أُلقي بحضور عمرو بن هند، بينما كان الجزء الآخر جزءاً من فخره بقومه.
- بدأت المعلقة بتصوير مشهد للوقوف على الأطلال، وهو نمط تقليدي لدى الشعراء الجاهليين، ولكن عمرو بن كلثوم تميز بأسلوبه الفريد.
- انتقل عمرو بشكل سريع إلى الفخر والحماسة، مخصصاً العديد من الأبيات للدفاع عن بني تغلب، مؤكداً على شجاعتهم وعدم ترك مجال للخصوم للرد.
أجمل أبيات عمرو بن كلثوم وتحليلها
- في بداية معلقته، يتحدث عمرو بن كلثوم عن الأطلال بحزن:
- أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَـا مُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيه إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخينا قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ.
- ثم يتوجه إلى محبوبته، يتحدث عن شعورها وهي في ريعان الشباب وطول قامتها، مستحضراً شوقه لها.
فيقول عمرو بن كلثوم:
- تُريكَ إِذا دَخَلتَ عَلى خَلاءٍ وَقَد أَمِنَت عُيونَ الكاشِحينا ذِراعَي عَيطَلٍ أَدماءَ بِكرٍ هِجانِ اللَونِ لَم تَقرَأ جَنينا تَذَكَّرتُ الصِبا وَاِشتَقتُ لَمّا رَأَيتُ حُمولَها أُصُلاً حُدينا فَأَعرَضَتِ اليَمامَةُ وَاِشمَخَرَّت كَأَسيافٍ بِأَيدي مُصلِتينا.
- ثم يذكر عمرو بن هند ويستعرض عزة قبيلته، حيث قال:
- Bِأَيِّ مَشيئَةٍ عَمرُو بنَ هِندٍ نَكونُ لِقَيلِكُم فيها قَطينا.
- فَإِنَّ قَناتَنا يا عَمرُو أَعيَت على الأَعداءِ قَبلَكَ أَن تَلينا.
- فَهَل حُدِّثتَ في جُشَمَ بنِ بَكرٍ بِنَقصٍ في خُطوبِ الأَوَّلينا.
باقي أبيات عمرو بن كلثوم وتحليلها
- ثم هدد بني بكر متحدثاً عن شجاعتهم وحروبهم، مستعرضاً الدور البطولي للنساء في قبيلته، حيث عُرف عمرو بن كلثوم بالشجاعة والحمية.
- فقال في معلقته: وَقَد عَلِمَ القَبائِلُ مِن مَعَدٍّ إِذا قُبَبٌ بِأَبطَحِها بُنينا.
- وَنَشرَبُ إِن وَرَدنا الماءَ صَفو وَيَشرَبُ غَيرُنا كَدَراً وَطينا.