لقد سعى رواد الأعمال في البلدان العربية إلى محاكاة تجربة الشركات الناشئة في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع الأسف، لم تكن النتائج كما هو متوقع، حيث تعد ريادة الأعمال، خاصة في مجال التقنية، إحدى أسرع مجالات النمو على مستوى العالم.
تشير الشركات العالمية مثل فيسبوك وغوغل إلى فرص واعدة وتثير حماس رواد الأعمال الشباب.
فالسوق مليء بالإمكانات، خاصة مع زيادة عدد مستخدمي الإنترنت والهواتف الذكية سنويًا، ومع ذلك، لا بد أن نشير إلى أن هناك قلة من المحاولات التي تمكنت من اختراق الحواجز المعتادة.
وربما تكون هذه الحالة فريدة، ولكن عند مقارنتها مع مجتمعات رواد الأعمال في دول نامية أخرى، مثل الهند، نجد أن العالم العربي ما زال متأخرًا.
تفتقر البيئة الاستثمارية في الوطن العربي إلى الحوافز التي تدعم رواد الأعمال.
سنتناول في السطور التالية الأسباب الأساسية التي تقف وراء فشل رواد الأعمال في العالم العربي في إطلاق مشاريعهم الناشئة.
العوامل التي تعكس فشل رواد الأعمال الشباب
غياب الدعم القانوني للشباب المبتكر
تسارع وتيرة تأسيس الشركات الناشئة من قبل رواد الأعمال الشباب في العالم يتم وصفها كوسيلة لحل مشاكل عدة في المجتمع.
فهي توفر فرص عمل، والعديد من الدول الآن تتيح إنشاء الشركات عبر الإنترنت في دقائق.
تمتلك معظم الدول اليوم منصات حكومية إلكترونية تتيح لك تسجيل شركتك بسهولة عبر الإنترنت.
حتى الإجراءات المتعلقة بالملفات الضريبية يمكن إتمامها عبر الإنترنت.
لكن في العالم العربي، ما زال الأمر متأخرًا؛ حيث يظل تغيير القوانين بما يخدم رواد الأعمال الشباب بعيد المنال.
وفي العديد من دول المنطقة، يتطلب الأمر إيداع مبلغ مالي كبير في البنك قبل القدرة على تأسيس الشركة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات المعقدة قد تستغرق أشهرًا، للحصول على التصاريح اللازمة لممارسة النشاط.
ولا تتوقف المعاناة هنا، بل يتعين على البدايات تجديد التراخيص والحصول على موافقات من عدة هيئات كل عام.
كل ذلك يستهلك الوقت والمال، مما لا يناسب رواد الأعمال الذين يحتاجون إلى كل دقيقة في تطوير مشاريعهم.
نقص رأس المال والمخاطر المرتبطة
تحتاج الشركات الناشئة، خصوصًا تلك التي تنشط في المجال التقني، إلى تمويل كبير في مراحلها المختلفة حتى تحقق الأرباح.
على سبيل المثال، قد تحتاج لتطوير تطبيقات الهواتف الذكية إلى عدة أعوام قبل أن تحقق ربحًا.
كمثال على ذلك، شركة “أمازون”، التي لم تحقق أرباحًا حتى الآن، لكنها تستمر في جمع الاستثمارات و ضخها في عملياتها حول العالم.
في الوطن العربي، لا توجد بيئة استثمارية تدعم رواد الأعمال، فلا يتواجد مستثمرون مستعدون للمخاطرة بأموالهم في مشاريع ذات خطر عالٍ.
بدلاً من ذلك، يتجه المستثمرون نحو استثمارات عقارية أو مطاعم أو مشاريع تضمن عوائد منخفضة ولكن مضمونة.
وبهذه الطريقة، يجد رواد الأعمال الشباب صعوبة في تأمين التمويل اللازم للمخاطرة من أجل تطوير مشاريعهم.
أسباب وراء فشل الشباب في ريادة الأعمال
محاولات تقليد نماذج الشركات الناشئة الأمريكية
بالرغم من أن الشركات الناشئة في الولايات المتحدة تعتبر نقطة جذب للعديد من رواد الأعمال الشباب العالميين، إلا أن وادي السيليكون يتمتع بخصائص تجعل من الصعب نقله إلى بيئات أخرى.
فارتفاع نسبة المخاطرة وقبول الأفكار الجديدة ليست سمات موجودة في كل البيئات الريادية حول العالم.
يتوجب على رواد الأعمال الشباب في العالم العربي وقف محاولاتهم لتقليد نماذج الشركات في وادي السيليكون.
ينبغي أن يتم العمل على إنشاء بيئة استثمارية تتماشى مع طبيعة التحديات والفرص المتاحة في العالم العربي.
البنية التحتية غير الملائمة لاستقبال الأفكار الجديدة
تُعَدُّ بنيات الاتصال الحديثة أحد أسباب نجاح العديد من المشاريع التكنولوجية في العالم.
ولكن هذه البنية تمثل تحديًا كبيرًا للعديد من رواد الأعمال الشباب في العالم العربي، الذين يسعون لإنشاء شركات ناشئة.
كما أن أنظمتهم البريدية ضعيفة وقديمة، مما يؤدي إلى عرقلة تطوير التطبيقات التقنية التي تعتمد على هذه الأنظمة.
ضرورة دعم رواد الأعمال الشباب
نقص حاضنات الأعمال
في السنوات الأخيرة، بدأت ثقافة حاضنات الأعمال بالانتشار في جميع أنحاء العالم العربي.
هذه الحاضنات تسهم في تقديم الدعم للرواد الجدد وشركاتهم الناشئة في مراحلها الأولى.
تُعتبَر حاضنات الأعمال جزءًا أساسيًا من نجاح البيئة الاستثمارية لرواد الأعمال الشباب.
الكثير من الشركات الناجحة انطلقت من حاضنات الأعمال، مما ساعد على خلق بيئة استثمارية مناسبة في مناطق مثل دبي والدوحة والقاهرة.
التعليم يشجع على الوظائف التقليدية بدلاً من العمل الحر
تتطلب ريادة الأعمال قدراً كبيراً من الابتكار والإبداع، وهو ما لا يتناسب غالبًا مع أنظمة التعليم السائدة في معظم الدول العربية التي تعتمد على التلقين.
تحتاج ريادة الأعمال إلى المزيد من الجرأة والتحدي لتأسيس مشاريع ناجحة.
كل هذا يبدأ من تعليم يشجع الطلاب على الابتكار وتعزيز روح الريادة، وهو ما ينقص معظم أنظمتنا التعليمية.