عقد الإجارة
الإجارة تُعرف لغويًا بأنها مصدر الفعل أجار، ويعني أيضًا أثاب أو كافأ. أما في الاصطلاح، فهي بمثابة عقد يُمكّن طرفًا من الانتفاع بمسألة محددة ومقصودة، وقابلة للاستخدام والتصرف، مقابل عوضٍ ماليٍ متفق عليه. وقد تمّ إثبات مشروعية الإجارة في القرآن الكريم، حيث جاء في قوله -عز وجل-: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ* قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ). كما تم التأكيد على ذلك في السنة النبوية الشريفة، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أعطوا الأجيرَ أجرَهُ قبلَ أن يجفَّ عرقُهُ). وقد أجمع علماء المسلمين على مشروعية هذه العقود، وها هي بعض الأمور المتعلقة بها:
- تنقسم أنواع عقد الإجارة إلى نوعين:
- أولها: إجارة منفعة جسم معين مثل استئجار منزل مقابل مبلغ محدد.
- ثانيها: إجارة عمل محدد، مثل استئجار شخص للقيام بأعمال معينة مثل بناء جدار أو زراعة أرض.
- لا يجوز إجراء عقد الإجارة إلا على ما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، أو ما يمكن بيعه ما لم يوجد مانع شرعي من ذلك.
- يتحقق أثر عقد الإجارة في حال استيفائه للشروط والأركان المعتمدة على عنصرين أساسيين:
- الأول: ثبوت ملك منفعة المؤجر للمستأجر، مما يسمح له بالتصرف فيها.
- الثاني: ثبوت ملك قيمة المنفعة، وهي الأجرة، للمؤجر.
أركان عقد الإجارة وشروطها
أركان عقد الإجارة
يتكون عقد الإجارة من أربعة أركان، وهي كما يلي:
- العاقدان: وهما المؤجر الذي يعرض المنفعة للإيجار، والمستأجر الذي يقوم بدفع الأجرة.
- الصيغة: تتكون من الإيجاب والقبول، حيث يمثل الإيجاب اللفظ الذي يتفوه به المؤجر للدلالة على تمليك المنفعة مقابل عوض، بينما القبول هو اللفظ من المستأجر الذي يدل على قبوله ورضاه بتملك المنفعة مقابل العوض المتفق عليه.
- الأجرة: وهي المال الذي يدفعه المستأجر مقابل الحصول على المنفعة من المؤجر.
- المنفعة: الشيء المتفق عليه والمتعلق بعقد الإجارة.
شروط عقد الإجارة
لضمان صحة عقد الإجارة، ينبغي توافر الشروط التالية:
- شروط العاقدين: يشترط أن يكون كل من الطرفين مؤهلًا للتصرف والتعاقد؛ أي أن يكونا بالغين عاقلين، إذ لا يصح العقد من شخص مجنون أو طفل.
- شروط الصيغة: هناك متطلبان لهذه الصيغة:
- الأول: ينبغي أن يتطابق القبول مع الإيجاب، فلا يُعتبر العقد صحيحًا إذا قال المؤجر مثلاً: “أجرتك منزلي بمائة دينار”، وأجاب المستأجر: “قبلت بتسعين”.
- الثاني: يجب أن لا يفصل وقت طويل بين الإيجاب والقبول، مثل السكوت أو التحدث بأمور لا علاقة لها بالعقد، لأن ذلك قد يدل على عدم الاهتمام بالصفقة.
- شروط الأجرة: تشمل الأجرة الشرائط التالية:
- أن تكون الأجرة قابلة للتسليم، فلا يُعتبر شيئًا غير موجود مثل الطيور في الهواء أو الأسماك في الماء.
- أن تكون الأجرة متفق عليها ومعروفة للطرفين.
- ألا تكون الأجرة نجسة، إذ لا يُعتبر العقد valid إذا كانت شيئًا غير طاهر ككلب أو خنزير.
- شروط المنفعة: تتمثل شروط المنفعة فيما يلي:
- أن تكون المنفعة لها قيمة شرعية أو عرفية، مثل استئجار منزل للسكن أو سيارة للتنقل.
- أن يكون المؤجر قادرًا على تسليم المنفعة للمستأجر.
- أن تحقيق المنفعة يكون لصالح المستأجر وليس المؤجر.
- أن تكون المنفعة واضحة ومحددة لكلا الطرفين.
- ويجب ألا تتضمن المنفعة استيفاء أو استهلاك العين بشكل متعمد، حيث إن عقد الإجارة يهدف إلى الانتفاع، وليس الاستهلاك، لذا لا يُعتبر صحيحًا استئجار حقل لجني محاصيله، أو شاة لجمع حليبها وصوفها، لأن ذلك يعتبر استهلاكًا بدلاً من الانتفاع.