أصناف المعرفة العلمية

أنواع العلوم الطبيعية

تُعرف العلوم الطبيعية (Natural Sciences) بأنها العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر الطبيعية القابلة للملاحظة، ويخضعها للدراسة والتجارب العلمية. تتعامل هذه العلوم مع المواد الطبيعية والطاقة، وتقوم بدراسة العلاقات بينها وتحولات المواد. وتندرج تحت هذا النوع العديد من التصنيفات، ومن أهمها ما يلي:

العلوم الفيزيائية

تنقسم العلوم الفيزيائية بشكل عام إلى الأقسام الرئيسية التالية:

الفيزياء

تعرف الفيزياء (Physics) بأنها العلم الذي يركز على دراسة الحركة، والمادة، والطاقة، وكل ما يتعلق بالتفاعلات الأساسية التي تحدث في الكون تحت تأثير القوى المختلفة والمجالات المتنوعة مثل الجاذبية الأرضية، والمجال النووي، والمجال الكهرومغناطيسي.

تهدف الفيزياء إلى صياغة نظريات ومبادئ لفهم جميع الظواهر الطبيعية والكونية بشكل عام، وصياغة القوانين التي تحكمها. تلعب الفيزياء دوراً رئيسياً في جميع العلوم الطبيعية الأخرى، وتعتبر جزءاً أساسياً منها.

في السابق، كانت الفيزياء مرتبطة بفلسفة العلوم، لكنها انفصلت لاحقاً لتصبح علمًا مستقلاً. ما زالت الفيزياء ترتبط ببعض العلوم الأخرى، مما أدى إلى ظهور مجالات فرعية متخصصة تجمع بين هذه العلوم. ومن الأمثلة على هذه العلوم:

• الفيزياء الفلكية.
• الجيوفيزياء.
• الفيزياء الحيوية.
• الفيزياء النفسية.

الكيمياء

تُعرف الكيمياء (Chemistry) بأنها واحدة من العلوم الدقيقة المختصة بدراسة المواد وبنيتها، وتصنيفها إلى عناصر ومركبات بناءً على تركيبتها الذرية، سواء أكانت مواد طبيعية أم مصنعة. كما أنها تتعامل مع التحولات الطاقوية الناتجة عن التفاعلات، والتي تظهر على شكل طاقة ممتصة أو مُنبعثة.

تعد الذرة اللبنة الأساسية في الكيمياء، رغم وجود جسيمات تحت ذرية أخرى، وذلك لدورها الحاسم في تحديد خصائص المواد المختلفة، والتي قد تؤدي أحيانًا إلى سلوكيات معقدة وغير متوقعة، تُستخدم في عمليات التصنيع المتنوعة للحصول على مواد متقدمة.

يُعتبر التحدّي الرئيسي في علم الكيمياء هو إيجاد تفسير للسلوك المعقد للمواد، وفهم سبب تواجد خصائص كيميائية دائمة لبعض المواد، وتوضيح العوامل العلمية التي تؤدي إلى إنتاج مواد جديدة نتيجة لتفاعلات معينة.

علوم الأرض

تُعرف علوم الأرض بـ”الجيولوجيا” (Geology)، وهو العلم الذي يدرس كل ما يتعلق بالأرض وتكوينها، وطبقاتها حتى الأعماق، فضلاً عن تقسيم الصخور والمعادن التي تشكلها، لتُصنف هذه الصخور لاحقًا إلى أنواعها المعروفة، مثل الرسوبية، والنارية، والمتحولة.

تتداخل علوم الأرض مع الكيمياء من خلال فرع الجيوكيمياء، نظرًا لأن المعادن الأرضية تتكون من عناصر تتخذ شكل ذرّات، وكذلك تتداخل مع الفيزياء من خلال الجيوفيزياء التي تدرس ظواهر حركة قشرة الأرض، مثل الزلازل، بالإضافة إلى الجيوموفولوجيا التي تدرس تضاريس الأرض مثل الجبال وخصائصها.

علوم الفضاء أو علم الفلك

تهتم علوم الفضاء (Astronomy) بدراسة كل ما هو خارج الغلاف الجوي للأرض، ومن ذلك الأجسام الكبيرة القابلة للرؤية بالعين المجردة مثل النجوم والكواكب والقمر، والجسيمات البعيدة أو الصغيرة التي تحتاج إلى أجهزة خاصة كالتلسكوبات لرؤيتها.

يهدف علم الفلك إلى تعريف المفاهيم والنظريات التي تسعى لفهم تركيبة الكون الواسع، مثل المادة المظلمة والطاقة المظلمة، ودراسة خصائص النجوم، والجاذبية الأرضية، وظواهر الليل والنهار، بالإضافة إلى تغيرات فصول السنة وغيرها من المفاهيم التي أفادت البشرية في هذا المجال.

علوم الحياة

تنقسم علوم الحياة بشكل عام إلى الأقسام الرئيسية التالية:

الكيمياء الحيوية

برز مصطلح الكيمياء الحيوية (Biochemistry) في حوالي عام 1900م، على الرغم من أن مفهومه كان موجودًا قبل ذلك. يركز هذا العلم على دراسة العمليات الحيوية الكيميائية في الكائنات الحية خلال مراحل حياتها ونموها، سواء كانت الحيوانات، أو النباتات، أو الكائنات الدقيقة. تشمل هذه العمليات:

• تحلل المواد للحصول على الطاقة.
• تجمع الجزيئات الأساسية لاستمرار الحياة.

علم الأحياء الدقيقة

يهتم علم الأحياء الدقيقة (Microbiology) بدراسة الكائنات الدقيقة التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ويتطلب ذلك استخدام المجهر. كما يدرس التفاعلات بين هذه الكائنات والمضيفات في البيئة المحيطة بها. ومن أبرز الكائنات الدقيقة:

• الفيروسات.
• البكتيريا.
• الفطريات.
• الأوليات.
• العتائق.

علم النبات

يركز علم النبات (Botany) على دراسة النباتات بشكل خاص، ويشمل ذلك عددًا من الكائنات الحية التي تُصنف في بعض الأحيان في ممالك منفصلة. ومع ذلك، ما زالت الجامعات والمعاهد العلمية تصنفها ضمن مملكة النباتات، ومنها:

• الطحالب.
• الفطريات.
• الأشنات.
• السرخسيات.
• الصنوبريات.
• النباتات المزهرة.

يدرس علماء النبات تفاعل النباتات مع البيئة والكائنات الحية من الممالك الأخرى، بالإضافة إلى سلوك النبات، ونموه، وتطوره. كما يهتم بعض العلماء بالتركيبات الدقيقة المجهرية للنباتات، مما يساعد في تحديد إمكانية الاستفادة منها في الصناعات الكيميائية.

علم الحيوان

يتناول علم الحيوان (Zoology) دراسة جميع أنواع الحيوانات، بغض النظر عن أحجامها وأشكالها، ويركز على المواطن التي تعيش فيها، وطرق تغذيتها، وكيفية تفاعلها مع البيئة المحيطة بها.

تعود بدايات علم الحيوان إلى الفيلسوف أرسطو في القرن الرابع قبل الميلاد، الذي لاحظ أوجه الشبه المحددة بين الحيوانات والتي يمكن من خلالها تصنيفها إلى مجموعات حسب المواطن وطريقة التغذية.

تطور علم الحيوان في العصر الحديث ليشمل مجالات متعددة مرتبطة بالحيوانات، كدراسة الوراثة DNA، والكيمياء الحيوية، بالإضافة إلى دراسات التركيب الداخلي لجسم الحيوان، مثل النظام العضلي والعظمي، والخلايا ومكوناتها.

علم البيئة

يدرس علم البيئة (Ecology) الكائنات الحية وتفاعلها مع البيئة المحيطة بها، وتأثير المواطن الطبيعية على نمو وتواجد الكائنات الحية. يتأثر هذا الأمر بعدد من العوامل، الحية وغير الحية، مما يؤدي إلى استمرارها وازدهارها، أو انهيارها وانقراضها أحيانًا.

يهتم علم البيئة أيضًا بدراسة التغييرات البيئية المفاجئة وتحديد آثارها، ومن هذه التغيرات:

• انتشار الأمراض في مناطق جغرافية معينة.
• ارتفاع درجات الحرارة الملحوظ.
• زيادة الأنشطة البشرية.

أنواع العلوم الشكلية

تستند العلوم الشكلية (Formal Sciences) إلى الوصول إلى المعارف الأساسية التي تشمل العلوم التجريدية. وتشمل هذه العلوم العديد من الفروع، ومن أبرزها:

المنطق

يرتكز المنطق (Logic) على مبدأ الاستدلال لفهم الحقائق المختلفة التي يُطلَب منها استنتاج المسلّمات، وينقسم إلى:

• المنطق الاستنتاجي

وهو الاستنتاج المبني على قواعد صحيحة. المنطق لا يقدم معلومات جديدة ولكن يستند إلى معلومات موجودة مسبقًا.

• التدوين المنطقي

وهو أسلوب لاستخدام الرموز لتسهيل معالجة المعلومات وفهم المفاهيم المنطقية.

• النظم المنطقية

تشير إلى مجموعة من القواعد العامة القابلة للتطبيق، للحصول على المخرجات والنظريات المنطقية، التي تُبنى على استخدام بعض المسلّمات.

الرياضيات

علم الرياضيات (Mathematics) يركز على العد، والقياس، ووصف الأشكال، وتطور لاحقًا ليشكل علاقات تجريدية وموضوعية تعتمد على الحسابات الكمية.

ارتبطت الرياضيات قديمًا بمجالات الحياة اليومية مثل الزراعة والتجارة التي تحتاج إلى مهارات العدّ، كما كانت جزءاً أساسياً من علم الفيزياء منذ القرن السابع عشر وحتى الآن.

يعتمد علم الرياضيات على تنظيم المسلّمات وترتيبها وفق تسلسل منطقي لاستنتاج نظريات معينة، وقد تطور بشكل رئيسي في أوروبا وأمريكا الشمالية بين القرنين الخامس عشر والعشرين.

الإحصاء

علم الإحصاء (Statistics) يُعرف بأنه العلم الذي يُعنى بتنظيم وتحليل البيانات بهدف الوصول إلى استنتاجات مفيدة. ظهرت الحاجة لهذا العلم مع تزايد كميات البيانات وتنوعها، مما يُصعِّب التعامل معها وتوقع النتائج.

يستعرض علم الإحصاء كل من الحقائق والكمّيات، حيث يمكن تقسيم البيانات بناءً على كمّياتها أو أنواعها، مثل تصنيفات الحالة الاجتماعية، التي تشمل خيارات مثل متزوج، أعزب، أو مطلق.

نظرية النظم

تُعرف نظرية النظم (Systems Theory) أحيانًا بنظرية النظم الاجتماعية، وهي مختصة بدراسة الأوضاع الاجتماعية وعناصر المجتمعات المعقدة، وأبرزها الأفراد.

تهدف نظرية النظم إلى فحص معتقدات الأفراد وعلاقتهم بالمجتمع ككل. ظهرت هذه النظرية لأول مرة في القرن التاسع عشر بفضل علماء مثل هربرت سبنسر، وإميل دوركهايم.

يهتم هذا العلم بدراسة كيفية تكيّف أفراد المجتمعات المختلفة مع نظم بيئية متنوعة، وكيفية إحداث تغييرات معينة للتكيف مع هذه الظروف، مما يسهم في تحقيق تحول اجتماعي معقّد يتطلب جهوداً متعددة.

نظرية القرار

يمكن اعتبار نظرية القرار (Decision Theory) جزءًا من علم الإحصاء، ولكن تركز بشكل أساسي على الآليات الإحصائية والكمّية لصنع القرارات المثلى. ويتطلب صنع القرار معرفة بما يلي:

• أن تكون المشكلة الأساسية قابلة للحل.
• القدرة على صياغة القرار بشكل عقلاني ومدروس.
• المعرفة المسبقة بعواقب اتخاذ القرار كاحتمالات متوقعة.
• أفضل قرار هو الذي يحقق أكبر فائدة.

علم الحاسوب النظري

يُعنى علم الحاسوب (Computer Science) بالدراسة النظرية للحواسيب، حيث يشمل دراسة الخوارزميات، والبرامج، والشبكات المتنوعة لمعالجة البيانات. كما ينظر في الذكاء الاصطناعي ويجمع بين المعرفة العلمية والهندسة للوصول إلى الأسس الصحيحة.

تتضمن مجالات علم الحاسوب العديد من التخصصات، من بينها:

• هندسة الحاسوب.
• علوم الحاسوب.
• أنظمة المعلومات.
• تكنولوجيا المعلومات.
• هندسة البرمجيات.

أنواع العلوم الشرعية

تقوم الشريعة الإسلامية على مجموعة من المبادئ الأساسية، منها مبدأ الشورى، والعدالة والمساواة، إضافةً إلى مبدأ “لا ضرر ولا ضرار”. وفي ما يلي أبرز أنواع العلوم الشرعية:

التفسير

يهتم علم التفسير بشرح ما يحتويه القرآن الكريم من مفاهيم تتعلق بالتوحيد والمسائل العقائدية، فضلاً عن الفروض التي يجب على المسلم معرفتها. كما يدرس الناسخ والمنسوخ وأحكامه، وأسباب نزول الآيات.

ينقسم علم التفسير إلى نوعين رئيسيين، وهما:

• التفسير بالمأثور

وهو التفسير المعتمد على نقل الصحابة والتابعين، الذي قد يتضمن تفاسير مقبولة وأخرى مردودة.

• التفسير بالرأي

وهو الاستنتاج المبني على المعرفة باللغة العربية الفصحى، مثل الإعراب والبلاغة.

الحديث

يشمل علم الحديث دراسة الناسخ والمنسوخ من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويشتمل هذا العلم أيضًا على:

• دراسة الأسانيد

وذلك لتحديد ما إذا كانت الأسانيد تتوافق مع الشروط المعمول بها، مع تحديد رواة الحديث المعروفين بخاصية العدالة والدقة. كما يدرس هذا العلم مراتب ناقلي الحديث، ومن بينها؛ الصحيح، والحسن، والضعيف، وغيرها من الدرجات.

• دراسة المتون

تتعامل هذه الدراسة مع ألفاظ الأحاديث لتحديد الألفاظ المقبولة أو الغريبة، بغرض القبول أو الرد.

العقيدة

تعني العقيدة لغةً اليقين الجازم الذي لا يتطرق إليه الشك، بينما اصطلاحًا تشير إلى الإيمان الراسخ بكل الغيبيات التي بُنيت عليها الشريعة الإسلامية، مثل الإيمان بالله والملائكة، التصديق بأخبار السابقين، ورسلهم.

تُعد العقيدة الأساس الذي يُبنى عليه الدين الإسلامي، وتحتوي على:

• أركان الإسلام.
• أركان الإيمان.
• أصول الإيمان.

أصول الفقه

يُعرف علم أصول الفقه بأنه العلم الذي يبحث في الأدلة الشرعية التي تُستنبط من القرآن والسنة لتحديد الأحكام المختلفة، مثل الوجوب والإباحة. وقد تتعدد الأحكام للمسألة الواحدة، وذلك بسبب اختلاف تفسير معاني الألفاظ العربية بين أهل اللغة.

يواجه علماء أصول الفقه بعض المسائل الفقهية المستحدثة التي لم تكن موجودة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وحينئذٍ يمكنهم الاستدلال باستخدام القياس لإيجاد حكم مشابه.

تُعد هذه الطرق أدوات مهمة تربط مختلف الآراء الفقهية وتعطي للحكم الشرعي مبرراته، مما ساهم في ظهور المذاهب الأربعة، وهي:

• المذهب المالكي.
• المذهب الشافعي.
• المذهب الحنبلي.
• المذهب الحنفي.

ينقسم علم أصول الفقه بشكل عام إلى الأقسام التالية:

• القرآن الكريم.
• السنة النبوية.
• استدلال الصحابة والسلف.
• القياس.

أنواع العلوم الاجتماعية

تعرف العلوم الاجتماعية بأنها كافة العلوم التي تهتم بدراسة السلوك البشري في مجالاته الاجتماعية والثقافية، وتشتمل على علم الاقتصاد، والأنثروبولوجيا، وعلم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي، والعلوم السياسية.

تعتبر العلوم الاجتماعية ضرورية لفهم المجتمعات من جميع زواياها، حيث تدرس النظام الاقتصادي والنفسي للمجتمع، وتقوم بتحليل المعلومات والبيانات التي يمكن استخدامها كمرجع رئيسي للسياسات الحكومية.

على المستوى الأكاديمي، تختص هذه العلوم بدراسة العلاقات بشكل شامل، سواء كانت علاقات الأفراد أو المجتمعات، وتعتمد في دراستها على التحليل والتفسير المنطقي وفق منهجيات بحث خاصة.

أنواع العلوم التطبيقية

تعتبر العلوم التطبيقية نوعًا من العلوم التي تستفيد من المعلومات والبيانات العلمية لتطوير حلول عملية. الفرق الجوهري بين العلوم البحتة والتطبيقية هو أن العلوم التطبيقية تركز أكثر على المعرفة العلمية وترتبط أكثر مجالات الهندسة والتكنولوجيا الحديثة.

بينما تركز العلوم البحتة على النظريات والتنبؤات، وغالباً ما تتم دراسة هذه النظريات في المختبرات. بالرغم من الفروق بين العلمين، فإنهما غالبًا ما يُستخدمان معًا لتحقيق أهداف أو تحليل ظواهر معينة، مما يعكس الترابط الوثيق بين الفروع العلمية.