أسباب وتأثيرات الزلازل على البيئة والمجتمعات

تداعيات الزلازل

يحدث الزلزال نتيجة حركة مفاجئة للكتل الصخرية تحت سطح الأرض، مما يؤدي إلى إفراز كميات هائلة من الطاقة التي تنتقل على شكل موجات تسبّب اهتزازات. تعتبر هذه الحركة واحدة من القوات الداخلية لكوكب الأرض، التي تساهم بشكل مستمر في تشكيل سطحه، حيث تعرضت الأرض للزلازل لأكثر من أربعة مليارات سنة. يمكن أن تحدث آلاف الزلازل يومياً، وبينما تمثل معظمها اهتزازات طفيفة، فإن هنالك زلازل قوية قادرة على تدمير المدن وأخذ الأرواح، إذ أدت الزلازل التي حدثت في القرن العشرين إلى فقدان أكثر من مليون إنسان لحياتهم. يعتمد نوع الخطر المحتمل على مجموعة من العوامل كحجم الزلزال، بُعد المنطقة عن مركزه، قوة النشاط الزلزالي، بالإضافة إلى خصائص المنطقة مثل التضاريس، والتكوين الجيولوجي، تصميم المباني، والمياه الجوفية. ومن المهم أن نلاحظ أن الزلازل الكبيرة عادة ما تتبعها سلسلة من الهزات الارتدادية. وفيما يلي أبرز التداعيات الناتجة عن الزلازل:

الهزات الأرضية

تعتبر الهزات الأرضية من أكثر آثار الزلازل شيوعاً، وقد تختلف في شدتها بناءً على قوة الموجات الزلزالية. تتراوح هذه الاهتزازات من الهزات الطفيفة المرتبطة بالزلازل الصغيرة إلى الهزات القوية التي تصاحب الزلازل الكبيرة، وقد تستمر الهزات القوية لعدة دقائق، مما يتسبب في أضرار جسيمة مثل تدمير المباني والمنشآت، وسقوط الأشياء. في أثناء هذه الهزات، يجد البشر والحيوانات صعوبة في الحفاظ على توازنهم وتحريك أجسادهم.

التشققات والانهيارات الأرضية

تؤدي الزلازل أحياناً إلى حدوث تشققات أرضية، وإن كانت هذه الظاهرة نادرة نسبياً. تتشكل هذه التشققات نتيجة اهتزاز الأرض على طول مناطق ضعيفة مثل الصدوع، مما يؤدي إلى تكسُّر سطح الأرض. وللتشققات الأرضية تأثيرات سلبية على البنية التحتية، حيث تسبب أضرارًا في خطوط الأنابيب، الأنفاق، القنوات المائية، السكك الحديدية، والطرق، الأمر الذي قد يؤدي إلى تدميرها أو تضررها بشكل كبير.

أيضاً، يمكن أن تؤدي الزلازل إلى حدوث انهيارات أرضية نتيجة للتشققات والاهتزازات المستمرة، حيث تجعل هذه الهزات الأرضية المنحدرات غير مستقرة. تساهم الأمطار الغزيرة والصخور الضعيفة في زيادة احتمالية وشدة الانهيارات الأرضية. قد تؤدي هذه الإنهيارات إلى تدمير المباني، ونقل المنازل، وقطع الطرق وخطوط السكك الحديدية، وفي بعض الحالات قد تسد الأنهار.

الحرائق

تمثل الحرائق أحد الآثار المدمرة الناتجة عن الزلازل، حيث يمكن أن تبدأ بسبب تسرب الغاز من أنابيب معطوبة، أو نتيجة لحدوث تماس كهربائي في خطوط متضررة، أو نتيجة لانقلاب مواقد حطب أو فحم مشتعلة. يزداد خطورة الوضع في حال حدوث انقطاع في المياه نتيجة تضرر خطوط المياه، مما يجعل من الصعب إخماد الحرائق التي قد تستمر لفترات طويلة، وهذا قد يؤدي إلى تدمير المنازل وترك العديد من الأسر بلا مأوى.

أمواج تسونامي

في بعض الأحيان، تنتج أمواج تسونامي كأثر ثانوي لأنواع معينة من الزلازل. يُعرَّف تسونامي بأنه موجة مائية ضخمة تنتج نتيجة تغيير مفاجئ في مستوى مياه المحيط بسبب الإزاحة الرأسية التي تحدث في القاع نتيجة الزلازل أو الانهيارات الأرضية أو الأنشطة البركانية. تبدأ موجة التسونامي من منطقة الاضطراب في قاع المحيط، ويمكن أن تشمل مسافات بعيدة، حيث تعتمد سرعتها على عمق المحيط، حيث يمكن أن تصل سرعتها إلى نحو 0.2 كم/ثانية (712 كم/ساعة). ويتراوح ارتفاع موجات التسونامي عادة بين 10 و20 متر، في حين يمكن أن يصل ارتفاع بعض الموجات إلى 90 متراً.

تُعد أمواج التسونامي أقل سرعة من الموجات الزلزالية، مما يعني أن الاهتزازات الزلزالية قد تشير إلى خطر حدوث تسونامي قبل وصول الموجة. ومع ذلك، قد لا يكون هناك وقت كافٍ لإجراء الاحتياطات في المناطق القريبة من الزلزال. وتجدر الإشارة إلى أن موجات التسونامي لا تمثل خطرًا في أعماق المحيط، لكنها تصبح خطراً حقيقياً عند الاقتراب من الساحل، حيث تتركز الطاقة الموزعة على مدى واسع وتتزايد شدة ارتفاع الموجات في المياه الضحلة. وعادةً ما تكون أمواج التسونامي أكثر تدميراً للمناطق والمجتمعات الساحلية مما تتسبب به الزلازل نفسها، حيث يمكن أن تؤدي إلى أضرار جسيمة، وتدمير، وفقدان للأرواح.

تسيّل التربة

يحدث تسيّل التربة عندما تتعرض التربة الرملية المشبعة بالمياه إلى اهتزازات أرضية نتيجة للزلزال. وفي هذه الحالة، تفقد التربة قوتها وصلابتها، مما يجعلها تتحول إلى حالة تشبه السائل. لتحدث ظاهرة تسيّل التربة، يجب توافر شرطين، الأول أن تكون التربة رملية وغير متماسكة، ومشبعة بالمياه حتى عمق تسعة أمتار تحت سطح الأرض، والثاني أن يكون اهتزاز الأرض قويًا بالقدر الكافي لتحقيق التسيّل. يمكن أن يؤدي تسيّل التربة إلى خسائر كبيرة في الممتلكات حول العالم، بما في ذلك غرق المباني، وميلها، وانهيار المنحدرات، وهبوط وتشقّق سطح الأرض.