أفضل قصائد المتنبي
يعتبر الشاعر العظيم المتنبي واحدًا من أبرز الشعراء في الأدب العربي، حيث يتميز بإنتاجه الشعري الغني الذي يعكس عزة النفس وعمق التجربة الإنسانية. إليكم بعض من أجمل قصائده:
وشامخ من الجبال أقود:
وشامِخٍ مِنَ الجِبالِ أقْوَدِ
فَرْدٍ كيأفُوخِ البَعِيرِ الأصْيَدِ
يُسارُ مِنْ مَضِيقِهِ والجَلْمَدِ
في مِثْلِ مَتْنِ المَسَدِ المُعَقَّدِ
زُرْناهُ للأمْرِ الذي لم يُعْهَدِ
للصّيْدِ والنّزْهَةِ والتّمَرُّدِ بكُلِّ
مَسْقيِّ الدّماءِ أسْوَدِ مُعاوِدٍ مُقَوَّدٍ
مُقَلَّدِ بكُلّ نابٍ ذَرِبٍ مُحَدَّدِ عَلى
حِفافَيْ حَنَكٍ كالمِبْرَدِ كَطالِبِ الثّأرِ
وإنْ لم يَحْقِدِ يَقْتُلُ ما يَقْتُلُهُ ولا
يَدِي يَنْشُدُ من ذا الخِشْفِ ما لم
يَفقِدِ فَثَارَ من أخضَرَ مَمْطُورٍ نَدِ
كأنّهُ بَدْءُ عِذارِ الأمْرَدِ فلَمْ يكَدْ إلاّ
لحَتْفٍ يَهتَدي ولم يَقَعْ إلاّ عَلى بَطْنِ
يَدِ فَلَمْ يَدَعْ للشّاعِرِ المُجَوِّدِ وَصْفاً لَهُ
عِندَ الأميرِ الأمْجَدِ المَلِكِ القَرْمِ أبي
مُحَمّدِ ألقانِصِ الأبْطالَ بالمُهَنّدِ ذي النِّعَمِ
الغُرّ البَوادي العُوّدِ إذا أرَدْتُ عَدّها لم
تُعْدَدِ وإنْ ذكَرْتُ فَضْلَهُ لم يَنْفَدِ
قصيدة أظبية الوحش لولا ظبية الأنس
تعد واحدة من أبرز قصائد المتنبي المعروفة، وهي كالتالي:
أظَبْيَةَ الوَحشِ لوْلا ظَبيَةُ الأنَسِ
لمّا غَدَوْتُ بجَدٍّ في الهوَى تَعِسِ
وَلا سَقَيْتُ الثّرَى وَالمُزْنُ مُخلِفَةٌ
دَمْعاً يُنَشّفُهُ من لَوْعةٍ نَفَسِي وَلا
وَقَفْتُ بجسْمٍ مُسْيَ ثالِثَةٍ ذي أرْسُمٍ
دُرُسٍ في الأرْسُمِ الدُّرُسِ صَريعَ مُقْلَتِها
سأآلَ دِمْنَتِهَا قَتيلَ تَكسيرِ ذاكَ الجفنِ
وَاللَّعَسِ خَريدةٌ لوْ رَأتها الشّمسُ ما
طَلَعَتْ وَلوْ رآها قَضيبُ البَانِ لم يَمِسِ
ما ضَاقَ قَبلكِ خَلخالٌ على رَشَإٍ وَلا سَمِعْتُ
بديباجٍ على كُنُسِ إن تَرْمني نَكَباتُ الدّهرِ
عن كَثَبٍ تَرْمِ امرَأً غيرَ رِعْديدٍ وَلا نَكِسِ يَفْدي
بَنيكَ عُبَيْدَ الله حَاسِدُهم بجَبهَةِ العَيرِ يُفدى
حافرُ الفَرَسِ أبَا الغَطَارِفَةِ الحَامِينَ جَارَهُمُ وَتارِكي
اللّيثِ كَلباً غيرَ مُفترِسِ مِن كُلّ أبْيَضَ وَضّاحٍ عِمامَتُهُ
كأنّمَا اشْتَمَلَتْ نُوراً عَلى قَبَسِ دانٍ بَعيدٍ مُحِبٍّ
مُبغِضٍ بَهِجٍ أغَرَّ حُلْوٍ مُمِرٍّ لَيّنٍ شَرِسِ نَدٍ أبيٍّ غَرٍ
وَافٍ أخي ثِقَةٍ جَعْدٍ سرِيٍّ نَهٍ ندبٍ رَضٍ ندُسِ لوْ
كانَ فَيضُ يَدَيْهِ ماءَ غادِيَةٍ عزّ القَطا في الفَيافي
موْضعُ اليبَسِ أكارِمٌ حَسَدَ الأرْضَ السّمَاءُ بهِمْ
وَقَصّرَتْ كلُّ مصرٍ عن طَرَابُلُسِ أيّ المُلوكِ وَهُمْ
قَصْدي أُحاذِرُهُ وَأيّ قِرْنٍ وَهُمْ سَيْفي وهم تُرُسي
أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ أرَقٌ عَلى أرَقٍ
وَمِثْلي يَأرَقُ وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ
جُهْدُ الصّبابَةِ أنْ تكونَ كما أُرَى عَينٌ
مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ يَخْفِقُ مَا لاحَ بَرْقٌ أوْ تَرَنّمَ
طائِرٌ إلاّ انْثَنَيْتُ وَلي فُؤادٌ شَيّقُ جَرّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى
ما تَنطَفي نَارُ الغَضَا وَتَكِلُّ عَمّا يُحْرِقُ وَعَذَلْتُ أهْلَ العِشْقِ
حتّى ذُقْتُهُ فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ وَعَذَرْتُهُمْ
وعَرَفْتُ ذَنْبي أنّني عَيّرْتُهُمْ فَلَقيتُ منهُمْ ما لَقُوا أبَني أبِينَا
نَحْنُ أهْلُ مَنَازِلٍ أبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنْعَقُ نَبْكي على الدّنْيا
وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ جَمَعَتْهُمُ الدّنْيا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ
قصيدة واحرّ قلباهُ
تتميز هذه القصيدة بإحساسها العميق الذي يصل إلى قلب المستمع، وقد جاءت كالتالي:
واحرّ قلباهُ ممّن قلبُهُ شبم
ومن بجسمي وحالي عندهُ سقمُ
مالي أُكتّمُ حُبّاً قد برى جسدي
وتدّعي حُبّ سيف الدّولة الأُممُ
إن كان يجمعُنا حُبٌّ لغُرّته فليت
أنّا بقدر الحُبّ نقتسمُ قد زُرتُهُ
وسُيوفُ الهند مُغمدتٌ وقد
نظرتُ إليه والسُّيوفُ دمُ فكان
أحسن خلق الله كُلّهم وكان أحسن
مافي الأحسن الشّيمُ فوتُ العدُوّ
الّذي يمّمتهُ ظفرٌ في طيّه أسفٌ في طيّه
نعمُ قد ناب عنك شديدُ الخوف
واصطنعت لك المهابةُ مالا تصنعُ
البُهمُ ألزمت نفسك شيئاً ليس يلزمُها
أن لا يُواريهُم أرضٌ ولا علمُ أكُلّما رُمت
جيشاً فانثنى هرباً تصرّفت بك في آثاره
الهممُ عليك هزمُهُمُ في كُلّ مُعتركٍ
وما عليك بهم عارٌ إذا انهزموا أما ترى
ظفراً حُلواً سوى ظفرٍ تصافحت فيه
بيضُ الهند واللّممُ يا أعدل الناس
إلّا في مُعاملتي فيك الخصامُ وأنت
الخصمُ والحكمُ أُعيذُها نظراتٍ منك
صادقةً أن تحسب الشّحم فيمن شحمُهُ ورمُ
وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظره إذا استوت
عندهُ الأنوارُ والظُلمُ أنا الّذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صممُ
أنامُ ملء جُفوني عن شواردها
ويسهرُ الخلقُ جرّاها ويختصمُ
وجاهلٍ مدّهُ في جهله ضحكي حتّى أتتهُ
يدٌ فرّاسةٌ وفمُ إذا نظرت نُيوب اللّيث
بارزةً فلا تظُنّنّ أنّ اللّيث مُبتسمُ ومُهجةٍ
مُهجتي من همّ صاحبها أدركتُها بجوادٍ ظهرُهُ
حرمُ رجلاهُ في الركض رجلٌ واليدان يدٌ وفعلُهُ
ما تُريدُ الكفُّ والقدمُ ومُرهفٍ سرتُ بين الجحفلين
به حتّى ضربتُ وموجُ الموت يلتطمُ فالخيلُ والليلُ
والبيداءُ تعرفُني والسيفُ والرُمحُ والقرطاسُ والقلمُ
صحبتُ في الفلوات الوحش مُنفرداً حتّى تعجّب
منّي القورُ والأكمُ يا من يعزُّ علينا أن نُفارقهُم وجدانُنا كُلّ شيءٍ
بعدكُم عدمُ ما كان أخلقنا منكُم بتكرُمةٍ لو أنّ أمركُمُ من أمرنا