أنواع القدر
يعتبر الإيمان بالقدر أحد الأركان الأساسية للإيمان، حيث لا يُعتبَر الإيمان صحيحاً إلا به. فقد أُثبت وجود سؤال جبريل -عليه السلام- للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حول الإيمان، حيث أجاب النبي قائلاً: (أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وكِتابِهِ، ولِقائِهِ، ورُسُلِهِ، وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ كُلِّهِ. قال: صَدَقْتَ). يُصنف القدر إلى أربعة أنواع رئيسية، على النحو التالي:
- القدر الذي يُحسن من حال الناس في الدنيا والآخرة
هذا النوع يُعرف بالقدر الخير الحلو، حيث يرسله الله لعباده المؤمنين، مما يساهم في تعزيز طاعتهم لله وزيادة سعادتهم. فهذه النعم تُعد كثيرة الفائدة لهم، لأنها تعينهم على التقرب من ربهم، وتكون محبوبة لديهم لأنها تتفق مع تطلعاتهم ورغباتهم.
- القدر الذي يُؤذي الناس في دنياهم بينما يعود عليهم بالنفع في آخرتهم
يُعرف هذا النوع بالقدر الخير المر، والذي يتمثل في الابتلاءات التي يختبر بها الله عباده المؤمنين. هذه الابتلاءات تعتبر بمثابة تكفير للذنوب ووسيلة لتطهيرهم، مما يسهم في رفع درجاتهم في الآخرة. ومع أنها تصفهم بالصعوبة في هذه الحياة، إلا أنها تعود عليهم بالنفع في الآخرة، وذلك لأنها تزيد من طاعتهم لله -سبحانه وتعالى-. يُذكر أن نوعي القدر الخير الحلو والقدر الخير المر يختصان فقط بالمؤمنين.
- القدر الذي يُنعم على الناس في الدنيا ويضرهم في الآخرة
يُطلق على هذا النوع اسم القدر الشر الحلو، حيث يتلقى أعداء الله -عز وجل- ابتلاءات متنوعة في الدنيا تتماشى مع رغباتهم. ورغم كون هذه المسرات تحقق لهم الخير في الدنيا، إلا أنها تُعتبر شراً في الآخرة، حيث تُفضي إلى طغيانهم وبعدهم عن الله -سبحانه وتعالى-.
- القدر الذي يُلحق الأذى بالناس في الدنيا والآخرة
هذا النوع يُعرف بالقدر الشر المر، وهو ما يُسلطه الله على أعدائه من خلال الحروب والفتن وغيرها. تعتبر هذه الأحداث شرًا لهم لأنها تُعجل بهم إلى النار، كما أنها تثقل عليهم في هذه الحياة لأنها لا تتماشى مع رغباتهم.
تعريف القدر وآثار الإيمان به
القدر يُعرف بأنه: علم الله الأزلي، الذي حدد فيه وجود ما شاء أن يوجده، وقد جُرِي القلم فكتبه في اللوح المحفوظ. يقدّر الله -تعالى- مقادير الخلائق، وكل ما سيحدث من أحداث قبل وجودها في الأزل، وقد علم سبحانه أن هذه الأحداث ستحدث في أوقات معينة لديه، ومن بين آثار الإيمان بالقدر:
- الإيمان بالقدر يعدّ وسيلة للخلاص من الشرك، فالمؤمن يؤمن أن هذا الكون وما يحتويه هو من خالق واحد.
- يساعد الإيمان بالقدر على الالتزام بالمنهج الصحيح في السراء والضراء.
- يساهم الإيمان بالقدر في جعل الفرد قادرًا على مواجهة التحديات بروح ثابتة.
مراتب القدر
يتكون القدر من أربع مراتب، وهي كالتالي:
- مرتبة العلم
وتُعتبر العلم من صفات الله الحكيمة، فهو -عز وجل- عالم بكل شيء، بما كان وما سيكون، كما أنه -سبحانه- عليم بمصائر وأعمال وأرزاق الخلق.
- مرتبة الكتابة
تتعلق هذه المرتبة بما علمه الله -سبحانه وتعالى-، إذ كتب ما علمه من أفعال العباد التي سيقومون بها قبل وقوعها، وهذا يعكس علمه المطلق.
- مرتبة المشيئة
تشير المشيئة إلى ما أراده الله أن يحدث في خلقه، فلا يمكن أن يحدث شيء في مخلوقاته من دون إرادته.
- مرتبة الخلق
وهي المرحلة التي تتعلق بخلق أفعال العباد، فالله هو خالقهم وأفعالهم، وقد منح -سبحانه وتعالى- العباد القدرة على الإرادة، مما يجعلهم يقومون بما يفعلونه بإرادة ووعي.