أهمية تأثير العوامل المناخية على إنتاج المحاصيل الزراعية وتربية الماشية

أثر العوامل المناخية على الإنتاجية الزراعية والحيوانية

أثر العوامل المناخية على الإنتاجية الزراعية والحيوانية
أثر العوامل المناخية على الإنتاجية الزراعية والحيوانية

تعتبر التغيرات المناخية والطقس، وما يرافقها من تحولات موسمية وإقليمية، عوامل حاسمة تؤثر على توزيع الثروة الحيوانية والنباتية وتطورها عالمياً. فالكثير من الخضراوات ومنتجات الألبان واللحوم التي نتناولها يومياً قد تكون غير متاحة بالقرب منا بسبب عدم توفر الظروف المناخية المناسبة لإنتاج بعض المحاصيل أو تربية أنواع معينة من الحيوانات. على سبيل المثال، يصعب زراعة جوز الهند قرب البحيرات، كما لا يمكن زراعة الأرز في المناطق الصحراوية.

أهمية العوامل المناخية في الإنتاجية النباتية

أهمية العوامل المناخية في الإنتاجية النباتية
أهمية العوامل المناخية في الإنتاجية النباتية

إن المناخ يعدّ عاملاً أساسياً يؤثر على نمو المحاصيل الزراعية، فتحتاج البذور إلى مستويات معينة من الرطوبة ودرجة حرارة محددة لتحفيز عملية النمو. يعتمد نمو أجزاء النبات مثل الساق والأوراق والجذور على معدل عملية البناء الضوئي، التي تحتاج بدورها إلى ضوء الشمس والحرارة والرطوبة وثاني أكسيد الكربون، ويمكن توضيح هذه العوامل كما يلي:

الضوء

يُعتبر الضوء العنصر الرئيسي في عملية البناء الضوئي، حيث يسهم في تصنيع الغذاء للنبات وإنتاج مادة الكلوروفيل التي تمنح الأوراق لونها الأخضر. كما يؤثر الضوء على انتحاء النبات (توجهه في نموه نحو الضوء) وعملية النتح، بالإضافة إلى امتصاص المعادن والمواد الغذائية ونقلها داخل أجزاء النبات.

بالإضافة لذلك، فإن شدة الضوء ونوعيته (بما في ذلك الأطوال الموجية المناسبة للنبات) ومدة تعرضه تعد عوامل رئيسية في نمو النبات وتطوره.

درجة الحرارة

تعكس درجة الحرارة مستوى البرودة أو السخونة للمادة، حيث يتم قياسها بوحدات سيلسيوس (C) أو فيهرنهايت (F). تؤثر درجة الحرارة على عمليات النمو في النبات منذ التمثيل الضوئي، النتح، التنفس، إنتاج البروتين، وحتى نقل المواد الغذائية داخل النبات.

كما تلعب الحرارة دورًا مهمًا في كسر السكون في البذور وإطلاق عملية إنباتها. تحتاج المحاصيل الزراعية إلى درجات حرارة تتراوح بين 0 إلى 50 درجة مئوية، وتختلف احتياجات النباتات من هذه الدرجات بحسب نوعها.

عند زيادة درجات الحرارة، تزداد عملية البناء الضوئي في النبات، نتيجة لزيادة سرعة التفاعلات الكيميائية ونشاط الإنزيمات. ومع كل زيادة بمقدار 10 درجات مئوية، تضعف التفاعلات الإنزيمية بمقدار الضعف تقريبًا، لكن تجاوز الحدود المناسبة لنوع النبات (سواء ارتفاعاً أو انخفاضاً) قد يؤدي لتأثيرات سلبية على نموه.

فارتفاع الحرارة فوق المعدل الطبيعي يتسبب في انفصال البروتينات والإنزيمات، في حين أن انخفاضها قد يُصعّب حركة الماء، مما يقلل قدرة النبات على امتصاصه، وقد يتجمد الماء إذا انخفضت حرارته دون الصفر، مما يؤدي لتمزق جدران الخلايا النباتية.

الهواء

يتكون الهواء في طبقة التروبوسفير من 21% أكسجين و78% نيتروجين ونسبة ضئيلة من غاز الأرجون وبعض الغازات الأخرى. يعتبر الأكسجين من العناصر الأساسية التي تحتاجها النباتات في عملية التنفس الخلوي لإنتاج الطاقة، في حين تحتاج النباتات لثاني أكسيد الكربون في عملية البناء الضوئي لصنع الغذاء.

الرطوبة النسبية

تعبر الرطوبة النسبية عن كمية بخار الماء في الهواء، وتعكس قدرة الهواء على الاحتفاظ به عند درجة حرارة معينة. فالأجواء الدافئة تحتفظ بكميات أكبر من بخار الماء مقارنة بالأجواء الباردة، حيث تكون نسبة الرطوبة غالبًا منخفضة في المناطق المتجمدة.

والرطوبة النسبية تؤثر على فتح وغلق ثغور النباتات لتنظيم فقد الماء عبر عمليتي البناء الضوئي والنتح. لذا يتم حماية الأشتال المعراة الجذور بواسطة أكياس بلاستيكية لتجنب جفافها، وتغطى العُقل الورقية والساقية بأغطية بلاستيكية لزيادة الرطوبة النسبية حولها.

الرياح

تُعرّف الرياح بأنها حركة الهواء الناتجة عن اختلاف درجات حرارته وبالتالي تغير ضغطه. الهواء البارد يكون أقرب للأرض بسبب كتلته وضغطه العالي، وعندما يسخن، يتمدد ويقل ضغطه، فيرتفع للأعلى ويحل محله هواء أبرد، مما ينتج عنه توازن ضغط الهواء.

تعدّ الرياح ضرورية لعمليات تلقيح النباتات، مما يسهم في نمو الثمار والبذور، حيث يحدث تبادل حبوب اللقاح بين المحاصيل عند نشاط الرياح المعتدلة. ومع ذلك، قد تؤثر الرياح القوية سلبًا على النباتات، مما يؤدي إلى جفاف المياه وتدمير المحاصيل الزراعية، كما يمكن أن تعيق عملية البناء الضوئي من خلال تقليل نسبة ثاني أكسيد الكربون المتاحة.

الماء

يعتبر الماء عنصراً أساسياً في تكوين الخلايا النباتية، حيث يشكل 80% من الوزن الكلي للنباتات العشبية. والماء هو المذيب الأساسي في العمليات الفسيولوجية حيث تذوب الغازات والمعادن، وينقلها للمناطق المختلفة داخل النبات. كما يلعب دورًا أساسيًا في البناء الضوئي وفي التفاعلات البيوكيميائية الحيوية للنبات، مما يجعل الماء أساساً لسلامة وهشاشة الأنسجة النباتية ونموها.

أهمية العوامل المناخية في الإنتاجية الحيوانية

أهمية العوامل المناخية في الإنتاجية الحيوانية
أهمية العوامل المناخية في الإنتاجية الحيوانية

تؤثر العوامل المناخية على الإنتاجية الحيوانية من عدة جوانب، ومنها:

  • التنظيم الحراري: تحتاج المواشي إلى درجات حرارة ملائمة لنشاطها البيولوجي، مما يتطلب منها التكيف مع المناخ للحفاظ على توازن حرارتها. يمكن التعبير عن التوازن الحراري عبر المعادلة التالية:

M-E ± F ± Cd ± Cv ± R = O حيث تمثل الرموز ما يلي:

  • M: الحرارة الناتجة عن الجسم نفسه.
  • E: الحرارة المفقودة من الجلد والممرات التنفسية عبر التبخر.
  • F: الحرارة المفقودة أو المكتسبة عند وصول الطعام أو الماء للجسم.
  • Cd: الحرارة المفقودة أو المكتسبة نتيجة السطح المحيط.
  • Cv: الحرارة المفقودة أو المكتسبة من حمل الحرارة بسبب تلامس الجلد مع الهواء.
  • R: الحرارة المفقودة أو المكتسبة من الإشعاع.
  • O: الناتج النهائي لاكتساب وفقدان الحرارة في الجسم.

تتعدد طرق فقد الحرارة بالنسبة للمواشي، حيث يكون فقدان الحرارة بالتبخر هو الأعلى، ويعتمد ذلك على درجة حرارة الهواء المحيط، رطوبته وسرعة الرياح. وفي المناطق الاستوائية، يجب توفير أماكن مناسبة للمواشي لحمايتها من التعرض للإشعاع الشمسي الذي يزيد من الحمل الحراري عليها.

  • سلوك الرعي: يؤثر المناخ بشكل مباشر على نمط الرعي، حيث يفضل الرعي في ظل المناطق الاستوائية، ويمتنع عن الرعي في ساعات الحرارة المرتفعة.
  • استهلاك الأعلاف والماء: درجات الحرارة المرتفعة مع ارتفاع رطوبة الهواء تؤدي لانخفاض استهلاك الأعلاف والماء.
  • نمو ما قبل الولادة وما بعدها: يؤثر المناخ بشكل مباشر على نمو العجول قبل الولادة، وكذلك على نمو الحيوانات بعد الولادة.
  • إنتاج الحليب: عادة ما ينخفض إنتاج الحليب بفصل الصيف بسبب الارتفاع المستمر في درجات الحرارة.
  • التكاثر: قد تتسبب درجات الحرارة المرتفعة في فشل عملية الإنجاب وتقزيم الأجنة.

تأثيرات التغير المناخي على القطاع الزراعي والثروة الحيوانية

تأثيرات التغير المناخي على القطاع الزراعي والثروة الحيوانية
تأثيرات التغير المناخي على القطاع الزراعي والثروة الحيوانية

تشكل التغيرات المناخية تهديدًا خطيرًا للأمن الغذائي، حيث يمكن أن تفشل الخطط المعنية بمحاربة الفقر والتنمية المستدامة. كما تؤثر سلبًا على صحة وإنتاجية المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والمساحات الخضراء، ما يزيد من معدلات الجوع وسوء التغذية في مناطق كجنوب إفريقيا وجنوب آسيا. تشير التوقعات إلى أن نحو 5 إلى 170 مليون شخص قد يواجهون خطر المجاعة بحلول عام 2080.

تأثيرات التغير المناخي على الإنتاج النباتي

تأثيرات التغير المناخي على الإنتاج النباتي
تأثيرات التغير المناخي على الإنتاج النباتي

يؤثر التغير في درجات الحرارة وتركّز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي على الإنتاج النباتي. لكل نوع نباتي درجات حرارة مثالية تتيح له النمو والتكاثر. ارتفاع درجات الحرارة قد يفيد بعض النباتات، في حين أن التغيرات الكبيرة قد تؤدي إلى ضرر بأنواع أخرى، ومن آثار التغير المناخي ما يلي:

  • تأثيرات التغير في نسب ثاني أكسيد الكربون على نمو النباتات وجودتها.
  • تأثير تغير كميات الأمطار وتزايد الجفاف على نمو النباتات.
  • زيادة الدرجات العالية للرطوبة ودرجات الحرارة، مما يؤدي لنمو الحشائش والآفات الزراعية.

تأثيرات التغير المناخي على الإنتاج الحيواني

تأثيرات التغير المناخي على الإنتاج الحيواني
تأثيرات التغير المناخي على الإنتاج الحيواني

تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر وغير مباشر على الإنتاج الحيواني، وتشمل هذه التأثيرات ما يلي:

  • زيادة الأمراض التي تؤثر على الثروة الحيوانية وانخفاض الخصوبة.
  • انخفاض كمية الأعلاف المتاحة بسبب الجفاف وتقلبات الطقس.
  • تزايد الطفيليات والأمراض نتيجة الظروف البيئية المتغيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *