تأثير الحرب العالمية الأولى على الدول العربية
كان للحرب العالمية الأولى تأثيرات ملحوظة على البلدان العربية خلال فترة النزاع وبعدها، لا سيما الدول التي كانت تحت السيطرة العثمانية. حيث أدت العمليات العسكرية وأوجه التعاون السياسي إلى تقسيم هذه البلدان وظهور دول مثل العراق وسوريا والأردن وفلسطين ولبنان كدول مستقلة. كما كان للصراع آثار اجتماعية واقتصادية بارزة على المجتمعات العربية، ونلخص ذلك فيما يأتي:
نشأة الثورة العربية الكبرى
انطلقت الثورة العربية الكبرى في يونيو 1916 بتوجيه من الشريف الحسين بن علي، حيث قامت بريطانيا بدعم العرب في اتخاذ خطوة الثورة ضد الإمبراطورية العثمانية. وقد وعدت بريطانيا في نهاية النزاع بمساعدة العرب في إقامة خلافة عربية مستقلة. نجحت الحركة في السيطرة على منطقة الحجاز بدعم بريطاني، لكن للأسف، لم تلتزم بريطانيا بوعودها للشريف الحسين بعد انتصار الثورة.
اتفاقية سايكس بيكو
تم توقيع اتفاقية سايكس بيكو السرية في مايو 1916 بين فرنسا وبريطانيا لتحديد تقسيم البلدان العربية التي كانت تحت الحكم العثماني. وقد ظل تفاصيل هذه الاتفاقية سرية حتى تم الكشف عنها بعد الثورة البلشفية في روسيا عام 1917.
كما تمت الموافقة على وضع الساحل السوري وجزء كبير من لبنان تحت السيطرة الفرنسية، بينما تولت بريطانيا التحكم في بلاد الشام الجنوبية ووسط وجنوب بلاد ما بين النهرين، بما في ذلك بغداد والبصرة، إضافةً إلى وضع فلسطين تحت إدارة دولية.
وعد بلفور
صدر وعد بلفور في نوفمبر 1917، فبعد الانتصار الذي حققه العرب على العثمانيين، لم تفِ بريطانيا مرة أخرى بوعودها للشريف حسين بشأن الخلافة العربية. بدلًا من ذلك، أبدت دعمها للحركة الصهيونية من خلال إقرار إقامة وطن لليهود في فلسطين، وكان لهذا الدور أثر كبير على تشجيع يهود أوروبا على الهجرة إلى فلسطين وتأسيس دولة للصهاينة عام 1948.
عقد مؤتمر سان ريمو
عُقد مؤتمر سان ريمو في أبريل 1920 لوضع الترتيبات الخاصة بالانتداب في المناطق العربية، وذلك بعد المؤتمر السوري في دمشق الذي أعلن فيه العرب استقلال سوريا والمناطق التابعة لها التي كانت تحت الحكم العثماني، إلى جانب لبنان وفلسطين والأردن، مجمعة تحت اسم المملكة السورية العربية، مع تعيين الملك فيصل بن حسين كملك للمملكة.
اختتم مؤتمر سان ريمو باتفاقية وضعت بموجبها سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، بينما وُضعت فلسطين والعراق تحت الانتداب البريطاني.
أسباب نشوب الحرب العالمية الأولى
انطلقت الحرب العالمية الأولى في عام 1914 بعد اغتيال ولي العهد النمساوي فرانسيس فرديناند على يد الطالب الصربي غافريلو برينسيب، حيث تدخلت أكثر من 30 دولة في النزاع، وتنقسم الدول إلى جانب الحلفاء الذين شملوا روسيا وصربيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، مقابل دول المحور المتمثلة في ألمانيا والنمسا والمجر وبلغاريا والإمبراطورية العثمانية، مما دفع النزاع للاشتعال في مختلف أنحاء العالم.
في عام 1918، تَمّ توقيع معاهدة فرساي، مما أنهى الحرب بانتصار الحلفاء، وقد بلغ عدد القتلى من المدنيين والعسكريين أكثر من 10 ملايين، مما أدى إلى تأثيرات اقتصادية جسيمة نظرًا لتكاليف الحرب، مما أسفر عن موجات من الفقر والبطالة في المجتمعات.