الأزد سيفي على الأعداء جميعهم
يُشار إلى أنه قَبْل أحمد الذي أقرته العرب،
تاريخهم يُظهر أنهم قوم إذا واجهوا التحديات، تفوقوا حتى وإن هُزموا؛
إنهم لا يتراجعون ولا يشعرون بالخوف.
هم قوم يرتدون في كل ساحة قتال
دروعاً بيضاء رقيقة وسُحُبهم تمتاز بالنقاء.
تتألق الدروع فوق رؤوسهم، في حين أن ما تحتها هو الصمود.
تتزين أناملهم بالأقلام والأدوات،
وأي يوم من الأيام لا يحمل لهم عملاً يستحق الإعجاب؟
الأزد هم الأكثر حركية حين يخطون خطواتهم،
وهم الأقوى والأسمى قدراً في كل مجالاتهم.
يا معشر الأزد، أنتم جماعة لا تُقهر،
لا تضعفون حين تشتد الصعوبات.
إن الوفاء بالعهد هو جوهرتكم،
لم يُخالط صدقكم كذب قديم.
وعندما تبغضون، يُخشى من قوة بطشكم،
وربما يسهل عليكم شيء من الغضب.
يا معشر الأزد، أجد نفسي من بينكم،
راضيًا، وأنتم تُمثلون قمة الأمور لا ذيلاً.
لن ييأس الأزد من رحمة وغفران،
والله يكلأهم حيثما ذهبوا.
أنتم طيبون في حديثكم كما كان أسلافكم،
فالخيار لا يُقطف إلا من فرعه.
والأزد في كل منافسة يتفوقون،
أو إذا فخروا، فإنهم يفخرون بلا حدود،
أو إن هزموا، فهم أبطال يتحملون الهزيمة.
أو إن جاءتهم استجابة للنصر، فإنهم يصمدون،
إنهم خُلقوا لنقاء بارئهم وحده.
فلا يُشوب صفوهم لهو أو لعب،
فأخلاقهم الرفيعة تُبهج مجالاتهم.
لا يسيطر عليهم جهل في أوقات الهدوء.
وإن الشجاعة تُرهبهم عندما تغضب.
هم أكرم الناس أكفّاً عندما تُسألهم،
وهم أرجح الناس إذا استُدعوا للمساعدة.
فالله يجزيهم عن كل ما قدموه.
سوف يتلقون العطاء من رسول الله، فما من صالح ربحوا بعملهم.
تغيرت المودة والإخاء
يقول علي رضي الله عنه حول خيانة الأصدقاء:
تبدلت المودة والإخاء،
وقل الصدق وانقطع الرجاء.
وأخذني الزمن إلى صديق،
كثير الغدر، ولا رعاء له.
ورب أخٍ وفى له وفاء،
لكن الوفاء لا يدوم له.
إخوة إذا استغنيت عنهم،
وهم أعداء مستقبلاً عند البلاء.
يُظهرون الود ما دام اللقاء،
لكن إذا استغنيت عن أحد، قَلَّت مشاعري إليه.
سغني من الذي أغنى عني،
فلا فقر يدوم ولا ثراء.
وكل مودة لله صفاء؛
ولا يمكن أن تكون للصداقة قيمة مع الفسق.
لكل جراحة دواء،
لكن سيئ الخلق لا دواء له.
وليس هناك نعيم يدوم،
وكذلك البؤس ليس له بقاء.
إذا نقضت عهداً مع الأعزاء،
ففي نفسي تكرم وحياء.
إذا ولى رأس أهل البيت،
ظهرت أمامهم من الناس الجفوة.
يا حسين، إنني واعظ ومؤدب
يقول رضي الله عنه موعظًا ابنه الحسن:
يا حسين، إني واعظ ومؤدب،
فاعقل فإنك العاقل المتأدب.
احفظ وصية والدك الحنون،
يغذوك بالآداب كي لا تعطب.
يا بني، إن الرزق مكفول به،
فعليك بالإجمال فيما تطلب.
لا تجعل المال كسبك مؤقتاً،
واتقِ إلهك فاجعل ما تكسب حلالاً.
وقد كفل الله برزق كل مخلوق،
والمال عارية تأتي وتذهب.
والرزق أسرع من لمحة عين،
يأتي للإنسان دون استئذان.
مثل السحاب إذا انحدرت،
أو الطائر إلى أوكاره عند هطول المطر.
يا بني، إن الذكر فيه مواعظ،
فمن يقرأ بعظاته يتأدب.
اقرأ كتاب الله جهدك، وتلوه،
فمن يقوم به فاز وسعد.
بتفكر وتخشع وتوجه،
إن المقرب ينال قربه.
وأعبد ربك ذو المعارج مخلصًا،
وأنصت للأمثال حيث تُضرب.
وإذا مررت بآية وعظية،
تصف العذاب، فقف ودمعك تسكب.
يا من يعذب من يشاء بعدله،
لا تجعلني في الذين تعذب.
إني أعترف بمنا زلاتي،
فرارًا إليك وليس لك من مهرب.
وإذا مررت بآية في وصفها،
تصف الوسيلة والنعيم العجيب،
فاسأل إلهك بالتوبة مخلصا،
دار الخلود سؤال من يتقرب.
واجتهد لعلك أن تحل بأرضها،
وتنال روح مساكن لا تُخرب.
وتنال عيشًا غير مقطوع لوقته،
وتنال ملك كرامة لا تُسلب.
بادِر هَواكَ إذا هَمَمْتَ بصالح،
خوفًا من الغوائل أن تجيء وتغلب.
وإذا هممت بسيئ، اغمد له،
وتجنب الأمر الذي يتجنبه الناس.
واخفض جناحك للصديق وكون له،
كأبٍ على أولاده يتحابب.
وأكرم الضيف ما استطعت بجواريه،
حتى يعدّك وارثاً يتنسب.
واجعل صديقك من إذا آخيتَهُ،
حفظ الأخوة وكان دونك تضرب.
واطلبهم كما يطلب المريض شفائه،
وادع الكذوب، فليس بممن يصحب.
واحفظ صديقك في المواطن كلها،
وعليك بالرجل الذي لا يكذب.
وأقل الكذب، وقربه، وجواره،
إن الكذوب ملطخ من يصحبه.
يعطيك فوق المنى بحلاوة لسانه،
ويروغ منك كما يروغ الثعلب.
واحذر ذوي الملقي اللئام، فإنهم،
في النائبات عليك ممن يخطبون.
يسعون حول الرجل ما طمعوا به،
وإذا نبا دهر، جفّوا وتغيبوا.
وقد نصحتك إن قبلت نصيحتي،
والنصح أرخص ما يُباع ويُوهب.
قطعت حبالك بعد وصلك زينب
قطعت حبالك بعد وصلك زينب،
والدهر فيه تصرف وتبدل.
نشرت ذوائبها التي تزينها،
سوداء ورأسك كالنعامة أشيب.
واستنفرت لما رأتك، وقد طالما
كانت تحن إلى لقاك وترهب.
وكذلك وصال الغانيات، فإنه،
تعود بمفاجأة وخدع.
فدع الصبا، فقد ولّى زَمَانه،
وازهد، فإن عمرك منه قد ولى.
ذهب الشباب فلا عودة له،
وأتى المشيب، فأين逃 منه المهرب؟
ضيف ألمَّ إليك، لم تحفل به،
فترى له أسفاً ودمعاً يسكب.
دع عنك ما فات في زمن الصبا،
واذكر ذنوبك وابكِها يا مذنب.
واخشَ مناقشة الحساب، فإنّه،
لا بد يحصى ما جنيت ويكتب.
لم ينسَ الملكان حين نسيتَه،
بل اثبتاه وأنت لاهٍ تلعب.
والروح فيك أمانة أودعتها،
سنردّها بالرغم منك وتسلب.
وغرور دنياك التي تسعى لها،
دارٌ حقيقتها متاعٌ يذهب.
والليل فاعلم والنهار كلاهما،
أنفاسنا فيها تُعد وتُحسب.
وكل ما حصّلته وجمعته،
حقاً يقيناً بعد موتك يُنهب.
تباً لدار لا يدوم نعيمها،
ومشيدها لن يلبث أن يخرب.
فاسمع نحوها، قد أوضحت نصائح،
برٌ لبيبٌ عاقلٌ متأدب.
صحب الزمان وأهله مستبصرًا،
ورأى الأمور بما تؤوب وتُعقب.
أهدت النصيحة فاتعظ بمقالته،
فهو التقي اللوذعي الأدرب.
لا تأمن الدهر الصروف، فإنه،
لا زال قدماً للرحال يهدد.
وكذلك الأيام في غدواتها،
تمرّ إذ يذل لها الأعزّ الأنجب.
عليك بتقوى الله، فالزمها تفز،
إن التقِي هو البهي الأهيب.
واعمل لطاعته تنل منه الرضا،
إن المطيع لربه لمقرب.
فاقنع ففي بعض القناعة راحة،
واليأس مما فات هو المطلب.
وتوقّ من غدر النساء خيانة،
فجميعهن مكائد لك تنصب.
لا تأمن الأنثى حياتك، فإنها،
كالأفعوان تُخشى منه الأنائب.
لا تأمن الأنثى زمانك كله،
يوماً ولو حلفت يمينًا تكذب.
تغري بطيب حديثها وكلامها،
وإذا سطت، فهي الثقيل الأشطم.
والقَ عدوكَ بالتحية ولا تكن،
منه زمانكَ خائفًا تترقب.
واحذرَه يوماً إن أتى لك باسمًا،
فالليث يظهر نابَه إذا يغضب.
وإذا الحقود وإن تقدّم عهده،
فالحقْد باقٍ في الصدور مغيّبِ.
إن الصديق رأيته متعلقًا،
فهو العدو وحقُّه يُتجنّب.
لا خير في ودّ امرئ متملق،
حلو اللسان وقلبه يتلهب.
يلقاه يحلف أنه بك واثق،
وإذا توارى عنك، فهو العَقرب.
يعطيك من طرف اللسان حلاوة،
ويروغ منك كما يروغ الثعلب.
اختر قرينك واستفِهِ مُفاخرا،
إن القرين إلى المقارن ينسب.
إن الغني من الرجال مكرّم،
وتراه يُرجى ما لديه ويُخشى.
ويُبشّ بالشرف عند قدومه،
ويُقام عند سلامه ويُقرب.
والفقر شين يعيب الرجال،
فإنه يزري بالشهم الأديب الأنسب.
واخفض جناحك للأقارب كلهم،
بتذلل واسمح لهم إن أذنبوا.
ودع الكذب فلا يكون لك صاحبًا،
إن الكذوب لبئس خليل يُصحب.
واذر الحاسد ولو صفا لك مرة،
أبعِدْهُ عن رؤياك، لا يُستجلب.
وازن الكلام إذا نطقت ولا تكن،
ثرثارًا في كل نادي تخطب.
واحفظ لسانك واحترز من لفظه،
فالمرء يسلم باللسان ويعطب.
والسر فاكتمه ولا تنطق به،
فهو الأسير لديك إذ لا ينشب.
واحْرِصْ على حفظ القلوب من الأذى،
فرجوعها بعد التنافر يصعب.
إن القلوب إذا تنافر ودها،
شبه الزجاجة كسرها لا يُشفَر.
وكذلك سرُ المرء إن لم يطوه،
نشرته ألسنة تزيد وتكذب.
لا تحرصنّ، فالحِرص ليس بزائد،
في الرزق بل يشقي الحريص ويتعب.
ويظل ملهوفًا يروم تحيلاً،
والرزق ليس بحيلة يُستجلب.
كم عاجزٍ في الناس يؤتى رزقُهُ،
رغدًا ويحرم كيس ويخيب.
أدِ الأمانة والخيانة فاجتنب،
واعدل ولا تظلم، يطب لك مكسب.
وإذا بُليت بنكبة فاصبر لها،
من ذا رأيت مسلماً لا ينكب.
وإذا أصابكَ في زمانك شدة،
وأصابكَ الخطب الكريه الأصعب،
فادعُ لربكَ إنه أدنى لمن،
يدعوه من حبل الوريد وأقرب.
كن ما استطعت عن الأنام بمعزل،
إن الكثير من الورى لا يُصحب.
واجعل جليسك سيدًا تحظى به،
حبْرٌ لبيبٌ عاقلٌ متأدب.
واحذر من المظلوم سهمًا صائبًا،
واعلم بأن دعاءه لا يُحجب.
وإذا رأيت الرزق ضاق ببلدة،
وخشيت فيها أن يضيق المكسب،
<pفارحل فأرض الله واسعة الفضاء،
طولاً وعرضًا، شرقها والمغرب.
فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي،
فالنصح أغلى ما يباع ويوهب.
خذها إليك قصيدة منظومة،
جاءت كنظم الدر، بل هي أعجب.
حِكَم وآداب وجُل مواعظ،
أمثالها لذوي البصائر تُكتب.
فاصغِ إلى وعظ قصيدة أولاكها،
طود العلوم الشامخات الأهيب.
أعني عليًا وابن عم محمد،
من ناله الشرف الرفيع الأنسَب.
يا رب، صلِّ على النبي وآله،
عدد الخلائق، حصْرها لا يُحسب.
وما طلب المعاش بالتمني
وما طلب المعاش بالتمني،
ولكن ألق دلوك في الدلاء،
تأتيك بملئها يومًا ويومًا،
تأتيك بحمأةٍ وقليل ماء.
ولا تقعد على كل التمني،
تحيل على المقدر والقدر.
فإن مقادير الرحمن تجري
بأرزاق الرجال من السماء.
مقدرةً بقبض أو بسط،
وعجز المرء أسباب البلاء.
لنعم اليوم يوم السبت حقًا،
لصيدٍ إن أردت بلا امتياز.
وفي الأحد البناء لأن فيه،
تبدّى الله في خلق السماء.
وفي الاثنين إن سافرت فيه،
ستظفر بالنجاح وبالثراء.
ومن يُرد الحجامة فالثلاثاء،
ففي ساعته سفك الدماء.
وإن شرب امرؤ يومًا دواءً،
فنعم اليوم يوم الأربعاء.
وفي يوم الخميس قضاء حاجٍ،
ففيه الله يأذن بالدعاء.
وفي الجمعات تزويج وعرس،
ولذّات الرجال مع النساء.
وهذا العلم لا يعلمه إلا
نبي أو وصي الأنبيا.
فكيف به أني أداوي جراحه،
فيَدوى فلا مُلل الدواء.
الله حي قديم قادر صمد
الله حي قديم قادر صمد،
فليس يشركه في ملكه أحد.
هو الذي عرّف الكفّار منزلتهم،
والمؤمنون سيجزيهم بما وعدوا.
فإن تكن دولة كانت لنا عظة،
فهل عسى أن يرا فيها غير الرشد؟
وينصر الله من والاه إنه،
نصرًا يمثل بالكفّار إن اعتدوا.
فإن نطقتم بفخرٍ لا أباليكم،
فيمَن تضمن من إخواننا اللحد؟
فإن طلحة غادرناه منجدلاً،
وللصفائح نار بيننا تقدُ.
والمرء عثمان أردته أسنتنا،
فجيب زوجته إذ أُخبرت قدَد.
في تسعة ولاء بين أظهُرهم،
لم ينكلوا عن حِياض الموت إذ وردوا.
كانوا الذوائب من فهرٍ وأكرمها،
حيث الأنوف وحيث الفرع والعدد.
وأحمد الخير قد أردى على عجلٍ،
تحت العجاج أبيًا وهو مجتهد.
فظلت الطير والضبعان تركبه،
فحامل قطعة منه ومقعد.
ومن قتلتم على ما كان من عجب،
منا فقد صادفوا خيرًا وقد سعدوا.
لهم جنان من الفردوس طيبة،
لا يعتريهم بها حرٌ ولا سرد.
صلّى الإله عليهم كلما ذكروا،
فرب مشهد صدق قبلهم شهدوا.
قوم وفوا عهد الرسول واحتسبوا،
شمّ العرانين منهم حمزة الأسد.
ومصعبٌ كان ليثًا دونه حرد،
حتى تزمّل منه ثعلبٌ جسد.
ليسوا كقتلى من الكفّار دخلهم،
نار الجحيم على أبوابها الرصد.
الأزد سيفي على الأعداء جميعهم
ويقول علي رضي الله عنه:
الأزد سيفي على الأعداء جميعهم
وسيف أحمد من دانت له العرب.
قومٌ إذا فاجأوا أبلوا وإن غلبوا،
لا يحجمون ولا يدرون ما الهرب.
قومٌ لبوسهم في كل معترك،
بيضٌ رُقاقٌ وداوديةٌ سُلَبُ.
البيض فوق رؤوس تحتها اليلب،
وفي الأنامل سمر الخط والقضب.
البيض تضحك والآجال تنتحب،
والسمر ترعف والأرواح تُنتَهَب.
وأي يوم من الأيام ليس لهم،
فيهِ من الفعل ما من دونه العجب؟
الأزد أزيد من يمشي على قدم،
فضلًا وأعلاهم قدرًا إذا ركبوا.
يا معشر الأزد، أنتم معشرٌ أنفٌ،
لا يضعفون إذا ما اشتدت الحقب.
وفيتم ووفاء العهد شيمتكم،
ولم يُخالِط قديماً صدقكم كذب.
إذا غضبتم يهاب الخلق سطوتكم،
وقد يهون عليكم منهم الغضب.
يا معشر الأزد، إني من جميعكم،
راضٍ وأنتم رؤوس الأمر لا الذنب.
لن ييأس الأزد من روح ومغفرة،
والله يكلؤهم من حيث ما ذهبوا.
طِبتُم حديثاً كما قد طاب أولكم،
والشوك لا يُجتنى من فرعه العنب.
والأزد جرثومة إن سُوبقوا وسبقوا،
أو فخروا فخروا أو غولبوا غالبوا.
أو كوثروا كثروا أو صُوبروا صبروا،
أو سوهِموا سَهَموا أو سُولِبوا سلبوا.
صفوا فأصفاهم الباري ولايته،
فلم يشب صفوهم لهو ولا لعب.
من حسن أخلاقهم طابت مجالسهم،
لا الجهل يعرهم فيها ولا الصخب.
الغيث ما روّضوا من دون نائلهم،
والأسد ترهبهم يوماً إذا غضبوا.
أندى الأنام أكفاً حين تسألهم،
وأربط الناس جأشاً إن هم ندبوا.
وأي جمع كثي
>لا تُفرقهم،
إذا تدانت لهم غسّان والندب.
فالله يجزيهم عما أتوا وحبوا،
بِهِ الرسول وما من صالح كسبوا.