وداعكم أحبتنا
يقول اللواح:
ودعكم، أحبتنا، وداعاً,
قلوبنا تتألم من الشوق والحنين.
نودعكم، ولأوجاع الشوق في نفوسنا,
تتأجج مشاعر الفراق بشغاف الأجساد.
جزء من دمعنا يسقط على الوجنات,
يتسلل خلسة من عيوننا المعبر عنها.
نحفظكم في قلوبنا، سواء كنتم قريبين أو بعيدين,
فأنتم من يستحق الرعاية والاهتمام.
اللهم ارحم قلوباً لا تعرف الراحة,
واحفظنا من كدر الفراق.
ودعكم، أحبتنا، ونأمل أن نلتقي مجدداً,
فسنرى جمعنا فيما بعد.
ولولا حبنا للمكان المهيب،
ما غادرناكم، الواحد تلو الآخر.
دعونا نطلب من الله إعادة لقائنا,
فقد حققنا آمالنا بسعادة.
سنحملكم معنا في مكة خلال الرحلات,
وستظل ذكراكم حاضرة معنا دائماً.
نسأل الله أن يمنحكم رضاه,
وأن يمنحكم شفاعة من تضرع لأجلكم.
نرجو منكم الدعاء,
فهذا ما يفيدنا في سلوك الطريق.
وإليكم ألف تحية منا,
كنثر يزهر أو كالمسك، تسلمون.
الهجران يؤلم قلبي
يقول الجاحظ:
لقد أضنى الهجر قلبي الجريح,
فعبدتني العشق من شوقها البعيد.
أدمت القطيعة لوحي, وحرمتني التواصل,
فما عدت أعرف معنى السعادة.
إذا كنت تُذكّر أحداً مني, فحتى من حولي أصبح غير موجود.
فلقد خنقتني مشاعر الفراق بفعل الهوى.
فقلبي قد أحرقته ذكريات الهجر,
وصرخاتي تشتكي من ألم الهوى.
ذكريات ليالٍ جميلة
يقول حافظ ابراهيم:
كم مضى من ليالٍ أمضيتها معك ولم أشعر,
والتي لا تزال عالقة في ذهني.
ودعت فيه بقايا ذاك الشباب,
الذي لن أنسى ذكرياته العذبة.
أشتاق إليك، وسط مشاعر النسيان,
ذكرياتي تمزق فؤادي المفطور.
تتدفق الدموع من عيني,
ونفسي تهتز في دوامة الشوق.
فكانت تلك اللحظات لي عوناً في معاناتي,
في أوقات مُرّة تعصف بقلب المحب.
إذا خانني الوفاء صديق,
أو قسى عليّ الحبيب الذي أحببته.
غالبني الدمع في صميم مشاعري,
يا للهفتي، وأغلى ما ضاع مني.
كم خفف البكاء عن قلبي, وكم من أحزان غسلتها الدموع,
لم أدرِ ما حدث لي حتى عدت أتأمله.
تحدثوا عن حرية الإختيار,
لكنني ظننتها جحيمًا لو لم أكن لك وفياً.
فأقول، ليت تلك اللحظات دامت,
ما أسهلها على قلبي، وما أشهاها.
صرت أسير محبة لم أستطع تركها,
وكيف أترك حباً صاغه القدر؟
أعيش بين مشاعر الحنين,
والمشيبات تسحب أفراحي.
البعد يعوضني عن قربه
يقول ابن سناء الملك:
لقد عوضني الفراق عن قربه,
وانشغلت بالسهر، غارقاً في ذكرياته.
أنا من أعيش في جنة ذكراه,
وأجري دموعي كالنهر بعد الفراق.
الحزن والجمال
يقول ابن الساعاتي:
بين حزني وجماله اليُسفي,
هناك نسبٌ كالشمس لا يغيب.
لم أنسى نظراته التي توجعه,
فقد تركت لي انطباعاً لا ينسى.
أتذكر ضحكاته، فوحدها تشكلت جروحي,
وآلامه تتحدث عن الضعف والقوة.
يبكيني الذكاء، واتسعت المآسي,
فرحٌ ممزوج بحبٍ ومشاعر رقيقة.
يا من تسجل أحداث قلبي,
بصمتك المحفورة عبر الأزمان.
بالذكر الطيب يزداد أثره,
ويشملني بجويل حلاوة الحاضر.
تلك الأمور التي كانت مرتبطة بالنبي,
صادق الوعد، ثابت العهد، حبيبه في القلب.
لحظة الوداع
يقول ابن عنين:
جاءت لتودعني، والدمع يسبقها,
في لحظة الفراق، وحادي البين يصرخ.
كانت في حالة من الخوف والدهشة,
كالغزال الذي يتخلص من الفخاخ.
لم تستطع تحمل خوف الوشاة وهي تودعني,
توجهت نحو الفراق وأنا في حيرة.
ووقفت هناك، أبكي وهي تبكي,
تبتعد عني قليلاً ثم تعود.
يا قلبي كم من الوجع والحزن,
يا زمن ما أسوأ قسوتك!
عندما يرحل القلب
يقول عبدالرحمن العشماوي:
رحلتُ، ولكن قلبي سافر بعيدًا,
فمن يرحب بي عندما أعود!
ومن يستطيع أن يلامس أحلامي والحب بعيد,
ويراني في تفاصيل الحياة من جديد.
ومن سيحظى برقص الليل مع النجوم,
بعد أن غبنا ولم يحتفل أحد!
ومن يذكرني بلحظات البدر الغائب,
التي تحتفظ بها ذاكرتي خجلاً.
ومن سيكون طمأنينتي في غيابي,
يغير سيل البكاء بعدما هطلت الدموع.
رحلتُ، ولكن ابتسامتي تلاشت,
وكل ما كان يجلب لي الفرح غاب.
ها هو الفجر، جفت ينابيعه,
كأنه شفة لم تذق الأمل.
رحل ضوء الشمس عن مداي,
وفتحت الأيام أذرعها بلا حلم.
يا من تسطر في سجل العشق,
قد أصبح السحر أثره بين الحنايا.
أقفلت باب الرضا بعدما رحلت,
فهل تعلم أن حب الشوق قد توحش؟
وأن الأرض التي تركتها محروقة,
ارتدت ثوب الجفاف بعدك.
وأن ذاكرة قلبه صارت مغلقة,
لا تعطي له مجالاً لغير ذكراك.
فراق بلا عبرات
يقول البحتري:
رحلوا، فهل من عبرة لم تُسكب؟
أسفٌ وأي عزيمة لم تُغلَب؟
قد فصل البين بيننا,
فراق العشق لأيام كانت رائعة.
صادق العينين، عندما رأيت شمسهم,
في الأمس كانت تغرب عن كبد السماء.
لو كنت شهوداً لم أكن لأتمنى,
لأن القلوب كانت تحسد الحبيب.
الأمل الذي كان حاضراً يشتكي,
في هجرٍ مؤلم لا يستطيع الفراق.
فقد تدفق الدمع كالأفكار,
يسرد قصة الهوى بلغة مكشوفة.
تشتكي الفراق إلى قلبٍ مُعذب,
خان الشوق وكان مريراً لهذا الفراق.
هل أطيع العاذلات فيك؟
بينما قلبي لا يستكين لشبابه.
وإذا التفت إلى سنيّ, رأيت فيها,
كل مشاعر الهوى تتردد.
مررتُ بعشرون عاماً من الشغف,
لكن العتاب لم يُدروني عن حال الحب.
ما لي وللأيام التي تمر بي؟
حالي يتأدية مع تقلبات الزمان.
صار صديقي في الظلام,
وأستقبل الصباح بالألم.
فأكون ذات يوم مشرقاً لمشرق بعيد,
وأحياناً مغربًا لمغرب يسير.
عندما يلبس الوقت الثوب الأنيق,
أجمع زينتي وأتحضر للرحيل.
لقد قضيتُ الليالي مع النجوم,
أعزازها بعزيمتي، كالكواكب في الفضاء.