التأثيرات الإيجابية للتكافل والتعاون الاجتماعي على الأفراد والمجتمع
التكافل والتعاون الاجتماعي يُعَّرفان بأنهما عملية تسهم في تحقيق الأهداف التي يتعذر على الأفراد إنجازها بشكل فردي. إذ يتعاون أفراد المجتمع للعمل معًا، متبادلين الخبرات والموارد والمسؤوليات من أجل تحقيق أهداف مشتركة. هذه العملية توفر الخدمات والفرص، مما يساهم في دعم تنمية المجتمع وأفراده، خاصة الفئات الشابة.
تجدر الإشارة إلى أن التكافل الاجتماعي والتعاون ليسا من العمليات السهلة. يعتمد نجاح هذه المبادرات على ثلاث معايير رئيسية: الوقت المستغرق لتحقيق الهدف، العدالة في المساهمة والاستفادة منه، وأخيرًا، الثقة بين الأفراد. هناك العديد من الآثار الإيجابية للتكافل الاجتماعي على الأفراد والمجتمع، والتي يمكن تلخيصها كما يلي:
تحسين الصحة النفسية لأفراد المجتمع
تؤدي تجارب الحياة اليومية إلى إرهاق الأفراد أحيانًا، خاصة عند مواجهة الضغوط التنافسية. قد يسبب القلق الناتج عن المخاوف من الفشل مشاكل نفسية تؤثر على الشخص، كالشعور بالخوف والغضب الناتج عن الرفض أو الخسارة، مما قد يؤدي إلى توتر وعنف.
تشير الأنشطة التكافلية والتعاونية إلى بيئة خالية من التهديدات والأحكام، حيث لا يتحمل الأفراد المسؤولية بمفردهم. هذا التعاون يساهم في خلق بيئة محببة ورائعة، مما يعزز الصحة النفسية للأفراد والمجتمع على حد سواء.
تعزيز التواصل وبناء العلاقات الاجتماعية
عندما يتعاون أفراد المجتمع لتحقيق هدف مشترك، فإنهم يتبادلون المعلومات والخدمات، مما يعزز التواصل والترابط بينهم. يمكن للأفراد مشاركة الموارد مثل العمالة، المعدات، والأماكن، مما يسهم في الوصول إلى أهداف معينة.
التواصل هو العنصر الأساسي لنجاح التعاون. لا يتطلب الأمر أن يكون الفرد مُلمًا بكل الأمور، بل تتوزع المهام حسب القدرات، مما يسهم في زيادة التواصل وبناء علاقات قوية.
زيادة الإنتاجية والكفاءة المجتمعية
يجمع التكافل بين الأفراد ومشاريعهم، مما يعزز فرص العمل وزيادة الكفاءة. تُنشئ بعض المجتمعات أنظمة تكافلية متنوعة لدعم الأفراد وتمكينهم، مما يُحسن من إنتاجية المجتمع سواء في الشركات أو المنظمات، عبر تسهيل عملية المشاركة والوصول إلى المعلومات المتاحة.
خلق فرص عمل جديدة
يلعب التكافل الاجتماعي دورًا هامًا في ابتكار فرص عمل جديدة في مجالات الوظائف والخدمات المجتمعية. من المتوقع أن تزيد هذه الفرص بنسبة تتراوح حول 12% في السنوات العشر القادمة.
من بين الفرص الناتجة عن التكافل المجتمعي، الوظائف المتعلقة بالاستشارات والأخصائيين الاجتماعيين، بالإضافة إلى الإرشاد المدرسي والوظيفي، وغيرها من المجالات التي تُعزز من تماسك المجتمع.
زيادة المعرفة والتبادل الثقافي
يرتبط التعاون بشكل وثيق بتعزيز التعلم والمعرفة، بالإضافة إلى النضج العاطفي وتطوير الشخصية القوية. غالبًا ما يكون أعضاء المجتمع المتعاون أكثر مرونة فيما يتعلق بالتفكير وأكثر استعدادًا لابتكار حلول جديدة، مما يؤدي إلى تعميق مستوى المعرفة.
تعزيز الثقة بين الأفراد
تسبب المنافسة بين الأفراد، سواء في العمل أو الحياة اليومية، في الكثير من الخلافات وزيادة الخوف من الفشل، مما يقلل من شعور الأمان في مختلف البيئات. هنا يتجلى دور التكافل الاجتماعي الذي يعزز من الصراحة والصدق بين الأفراد وينشئ الثقة الضرورية، حيث يقوم الجميع بتقديم الدعم والمساندة لبعضهم لتحقيق أهدافهم المشتركة.
مجالات التكافل الاجتماعي
تتواجد العديد من المجالات التي تُسهم في تحقيق التكافل الاجتماعي، منها:
نظام التعليم والتربية
يتعاون في نظام التعليم كل من الأسرة والمؤسسات التعليمية بهدف تنشئة الأطفال. تتحمل الأسرة مسؤولية التنمية الاجتماعية الأولية عبر نقل قيم ومعايير محددة، بينما تناط بالمؤسسات التعليمية مسؤولية تعليم قيم تسهم في إدماج الأطفال في مجتمع أوسع.
التعاون بين المجتمعات الزراعية والصناعية
يتحقق التكافل الاجتماعي من خلال التعاون بين المجتمعات الزراعية والصناعية. على سبيل المثال، ينتج المزارعون الغذاء اللازم لعمال المصانع، الذين يقومون بدورهم بتصنيع الآليات والجرارات التي تُستخدم في الزراعة.
التعاون بين المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية
يتجسد التكافل بين المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية من خلال الدور الحيوي الذي تقوم به المؤسسات الاجتماعية في توفير فرص العمل، ودور المؤسسات الاقتصادية في تعزيز سبل العيش وتوفير فرص عمل جديدة، مما يُساهم في تقليل الفقر في المجتمع.
مظاهر التكافل الاجتماعي في ظل جائحة كورونا
ظهرت الحاجة الملحة للتباعد الاجتماعي في ظل انتشار وباء كورونا، حيث تجلّى دور التكافل الاجتماعي في تماسك أفراد المجتمع وضمان استقراره. أُكدت منظمة الأمم المتحدة مرارًا على أهمية التضامن والتعاون العالمي لمواجهة هذا الوباء، وخاصة بين المؤسسات الصحية والمجتمعية.
وكانت الحكومات ومؤسسات الصحة العامة قد وضعت إرشادات للتباعد الاجتماعي، مما أدى لظهور التكافل الاجتماعي من خلال استخدام التكنولوجيا الرقمية التي أتيحت للأفراد الالتقاء عبر التطبيقات المختلفة في مواجهة القيود البدنية.
برزت العديد من الأمثلة على التكافل الاجتماعي في مختلف دول العالم، مثل:
- إنشاء الكثير من المنظمات التطوعية غير الربحية لتجنيد المتطوعين في مختلف المجالات، مثل دعم الكوادر الصحية.
- توزيع المتطوعين للغذاء وإيصاله إلى المنازل، وتقديم خدمات التسوق نيابة عن الآخرين.
- تقديم عدد من المعالجين خدماتهم عبر الإنترنت مجانًا.
في الختام، يتضمن التكافل الاجتماعي قبول الطبيعة الاجتماعية وخلق بيئة تشجع الخدمة المتبادلة واحترام حقوق الإنسان. لا غنى عن التكافل والتعاون المجتمعي لتحقيق الاستقرار على الصعيدين المحلي والعالمي، مما يجعل المشاركة المجتمعية ضرورية لتحقيق ديمقراطيات العصر الحديث وتعزيز العلاقات البناءة بين الأفراد والمؤسسات.