صلاة الفجر
يعتبر الحرص على أداء الصلاة من الأمور الأساسية التي يجب على المسلم الالتزام بها، حيث إن مكانة الصلاة عظيمة في الإسلام. يجب أن تكون العبادة خالصة لله وحده، ويجب على المسلم أن يبرأ من كل ما سواه ويؤمن بأن الله -سبحانه وتعالى- هو الرب الحق، بينما ما دون ذلك يعد باطلاً. يقول الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ). تشكل الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، ومن يحافظ عليها فهو محفوظ في دينه، بينما من قصر فيها فقد ضيع دينه.
تمر حياة المسلم بالعديد من الشهوات والشبهات، وهناك كثير من صور التقصير في عبادة الله في عصرنا الحالي. ومن أبرز مظاهر ذلك التقصير هو النوم عن صلاة الفجر، التي تُعتبر ثقيلة على المنافقين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا). وقد أشار ابن العربي رحمه الله إلى أن صلاة الفجر تعد أفضل من باقي الصلوات، ولهذا أقسم الله سبحانه وتعالى بها، حيث قال: (وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا).
أسرار صلاة الفجر
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولو يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ، لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، ولو يَعْلَمُونَ ما في الصَّفِّ المُقَدَّمِ لَاسْتَهَمُوا). إن لصلاة الفجر ووقتها الكثير من الفوائد التي لا يعلمها إلا الله، ومع الأسف فإن الكثير منا يضيع هذا الوقت في النوم والغفلة، مما يجعل المساجد تفتقر إلى المصلين. إذا أدركنا والمشتتين أنفسنا مقدار ما في الصلاة من أجر وثواب، لعملنا جاهدين للالتحاق بركب المصلين حتى ولو حبواً. فيما يلي بعض أسرار صلاة الفجر:
- صلاة الفجر تعادل قيام ليلة كاملة.
- من يؤدي صلاة الفجر يحفظ في ذمة الله -سبحانه وتعالى-، فلا يجرؤ أحد على التعرض له بسوء.
- أداء الفجر في جماعة يعد نوراً يوم القيامة.
- يعد دخول الجنة لمن يُصلي الفجر، كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ).
- تكرم الملائكة برفع أسماء من صلّى الفجر لله عز وجل.
- ركعات الفجر خير من الدنيا وما فيها، فعن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا).
- البركة في الرزق، حيث دعا النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، وكان إذا بعث سرية أو جيشاً، ينطلقون في أول النهار، وكذلك كان رجل من التجار يُرسل في تجارته في الصباح الباكر، مما زاد في ثروته.
عقوبات ترك صلاة الفجر
تعد صلاة الفجر سلاحاً للمؤمن، بينما تُعتبر سلاحاً ضد العاصي. لها أسرار وفضائل عظيمة، وفي المقابل، فإن تركها قد يترتب عليه عقوبات وآثار وخيمة، ومنها:
- التعرض لصفات المنافقين، حيث يقول ابن مسعود: “لقد رأيتنا وما يتخلف عن صلاة الفجر إلا منافق معلوم النفاق”، وكان الفاروق -رضي الله عنه- يقول: “كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر أسأنا به الظن”.
- يكون تارك الفجر عرضة للويل والغي، كما جاء في قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا).
- يبتلى تارك الفجر بوساوس الشيطان، حيث ورد في الحديث أنه: (ذُكِرَ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حتَّى أصْبَحَ، قالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذُنَيْهِ).
وقت صلاة الفجر
لكل صلاة من الصلوات الخمس المفروضة وقت محدد يجب على المسلم الالتزام بأدائها في وقته. تبدأ أوقات صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق، وهو البياض الممتد في الأفق من الشمال إلى الجنوب، وتنتهي بطلوع الشمس. ويعتبر أداء صلاة الفجر قبل طلوع الشمس صحيحاً بإجماع العلماء، لكن اختلفوا حول الوقت الأفضل لأدائها: فرأي الحنفية هو الإفطار -أي عند انكشاف الظلام وظهور النور-، في حين يرى الجمهور أن الوقت الأفضل هو في الظلام قبل الإفطار.
القراءة في صلاة الفجر
من السنة الإطالة في قراءة القرآن بعد الفاتحة في فريضة الفجر، ويُستحب في فجر يوم الجمعة قراءة سورة السجدة وسورة الإنسان. كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في ركعتي سنة الفجر سورة الكافرون في الركعة الأولى وسورة الإخلاص في الركعة الثانية.
الأسباب المعينة لأداء صلاة الفجر
ينبغي على المسلم أن يتخذ من الأسباب ما يساعده على أداء صلاة الفجر في وقتها ويكون مخلصاً في نيته لله عز وجل. ومن هذه الأسباب:
- الإخلاص لله سبحانه وتعالى في النية.
- الدعاء لله -عز وجل- أن يعين العبد للاستيقاظ لأداء صلاة الفجر وغيرها من العبادات.
- النوم على الشق الأيمن.
- النوم على طهارة.
- التبكير بالنوم.
- اختيار فراش مناسب دون تليينه بشكل مفرط.
- الحرص على الأذكار الشرعية قبل النوم.
- من عمل خيرا، حصد خيرا؛ من ينام بعد أداء فريضة أو طاعة مثل صلة الرحم أو بر الوالدين يُكافأ بأن يكون من رجال الفجر.
- تجنب الإسراف في الأكل والشرب ليلاً، حيث إن فرط الأكل يُثقل النوم.
- استخدام وسائل التنبيه الحديثة، مثل المنبه، لكن ينبغي أن يكون بعيدًا عن متناول اليد لتجنب إيقافه والعودة للنوم.
- مؤانسة الأخيار الذين يدعمون الشخص في صلاة الفجر وغيرها من الطاعات.
- الصبر، فمَن ذاق حلاوة الأجر هانت عليه متاعب الصبر.