قصيدة الصبر الجميل
يتناول الشاعر الجواهري في قصيدته معاني الصبر:
لقد رفضتُ صبرَ العاجزين، وأعجبني
على الألم صبرُ الشخص الواثق المتحمس
لديه ثقة بالنفس ستقوده
إلى حالٍ يرجو خيرها أو إلى مصير
والصبر ليس بالأمر السهل إذ تحمله
حتى لو اعتاد عليه كلُّ مُدّعٍ
ولا يُعتبَر شرفاً إذا كانت النهاية
هي مجرد الألم والعذاب
إلا أنه صبر الأسود في مواجهة الجوع
تغطي عليه همة المجاميع
وفي صميم الطبيعة وبلوى النفوس
تجعل الأحرار يسعون نحو الحق بجدية
بينما يخرج الآخرون للتضرع
فإن كنت قلبك جريئاً بطبيعتك
في مواجهة مصائب الدهر فاترك الأمر
لصبرك الذي سيكون درعاً مضاعفاً
وهنيئًا لك من سيكون مُدرِّعًا بهذا الصبر
قصيدة صبرٌ ينفذ
يكتب الشاعر عبد الله الفيصل:
أرى الصبر قد أوشك على النفاد
وكدتُ أبتعد في القريب
وأوشكت روحي أن تُستراح
وكادت عيوني أن ترقد
وكاد قَلبي يُشاهد العالم
بينما عشت بينهم وحيدًا
يبدو لي أنني قد أضعت
شبابي وقلبي وعُمري سدى
ولعل حياتي وما فيها
كانت تبحث عنكم فقد أشعلتُها
تباعدتم فترةً طويلة
وصوتنا كالرَعود يعود
فإذا التقينا اليوم، أشباحنا
فذاك لقاءً بعيد المدى
تقربه خيال هذا العالم
ويبعده كلُّ بعيد عنك
يذكرنا كلُّ أمسٍ مضى
وكل غريبٍ به ندبة
لسنا سوى الأيام التي
عبرت بين البشر على من عبر
نُصور أنفسنا بصورةٍ في الضمير
ونظهر للناس ضعفنا
فيحسبنا الآخرون أقوى من الدهر
بينما عندما نكون بمفردنا
نبحث عن العزاء
وإن ظهر في بابك عاذل
مررنا به ركعاً وسجداً
نحذر من أن ترانا العيون
ونخشى على الفقر أن يُحسد
فرد لي حبيبي كما اعتدتُ عليك
في وقت الأزمات يا سيدي مفرجًا
ودع النحيب ودنيا الأنين
فقد أوشك العمر على النفاد
ومد حبيبي يده إلى من أحبه
بغرامك عطفاً واهديها
أو ازرع كما شئت بالذكريات
فاذهب في الحب ككبش الفداء
قصيدة قلعة الصبر
يكتب إياد حياتلة:
قبلتُ رأسك شوقًا وأعطيني
يا قلعة الصبر إيمانًا يقويني
من وهج عينيك شمسًا أستضيء بها
كي تُطلِع الفجر من ظلمات الأنين
إذا قدر الله في الدنيا تفرقنا
ففي جنة الخلد أرجو أن تُلاقيني
مع سيد الرسل، يا أمّي وعترته
نحظى برؤية رنتيسي وياسين
لا أندم اليوم عن حالة أُعايشها
لكن تمنيت أن أقضي في الميادين
شرف الشهادة حلمٌ سعيته
في الذود عن أقـدس الأقداس والدين
روحي فداءك يا أقصى، يا وطنًا
أسْرى إليه النبي، تِلْكُم شراييني
حتى يُرفرف فوق القدس برايتنا
أو راية النصر تعلو هام حطين
قصيدة أيحلو لمن لا صبر ينجده صبر
يقول أبو فراس الحمداني:
أيحلو، لمن لا صبر ينجده، صبر
إذا ما انقضى فكرٌ ألم بفكره؟
أممعنةً في العذل، رفقًا بقلبه!
أيحمل ذا قلب، ولو أنه حجر؟
عذيري من اللائي يَلُمنَ على الهوى
أما في الهوى، لو ظاق طعم الهوى عذر؟
أطلت عليهنَّ اللوم حتى تركنه
وساعته شهر، وليلته دهر
ما عاينت من شحوبه، ولا عجبٌ
ما عاينته، ولا إنكارُ
ويُحمد في العضل البلى وهو قاطع
ويحسن في الخيل المسمومة، الضمر
وقائلة: “ماذا دهاكَ”؟ ـتعجبًاـ
فقلت لها: “يا هذه أنتِ والدهر!”
أبِالبين؟ أم بالهجر؟ أم بكلتيهما
تشارك، فيما ساءني، البين والهجر؟
يُذكرني نجدٌ بحبيب، بأرضه،
أيا صاحبي نجواي، هل ينفع الذكر؟
تطاولت الكثبان بيني وبينه
وباعد، فيما بيننا، البلد القفر
مفاوز لا تعجز صاحب همّةٍ
وإن عجزت عنها الغريرية الصبر
كأن سفينة بين فَيْدٍ وحاجِر
يحف به، من آل قيعانه، بحرٌ
عداني عنه: ذود أعداء منهل
كثيرٌ إلى ورود نظره الشرر
ونسور أعاد، تلمع البيض بينهم
وبياض أعادٍ في أكفهم السمر
وقوم متى ما ألقاهم روي القنا
وأرض متى ما أغزاها شبع النسر
وخيل تلوح الخير بين عيونها
ونصل، متى ما شمته نزل النصر
إذا ما الفتى أذكى مغادرة العِدى
فكل بلاد حلّت ساحتها ثغر
ويومٍ كأن الأرض شابت لهوله
قطعت بخيلٍ، حشوة فرسانها صبر
تسير على مثل الملاء منشورة
وآثارها طرز لأطرافها حمر
أشيِّعُه والدّمعُ من شدة الأسى
على خدهِ نظمٌ، وفي نحرهِ نثر
وعدتُ، وقلبي في سجاف غبطةٍ
ولي لفتات نحو هودجه كثر
وفيمن حوى ذاك الحجوج خريدةٌ
لها دون عطف الستر من صونها ستر
وفي الكم كفٌ تراها عديلها
وفي الخدر وجهٌ ليس يعرفه الخدر
فهل عرّفات عارفات بزوره؟
وهل شعرت تلك المشاعر والحجر؟
أما اخضرّ من بطنان مكّه ما ذوى؟
أما أعشب الوادي، أما أنبت الصخر؟
سَقَى الله قَوْمًا، حَلّ رَحلكِ فيهمُ
سحائب، لا قُللٌ جداها، ولا نزر!
قصيدة الطويل
يقول الشاعر محمد حسن أبو المحاسن:
عليك بحسن الصبر، فالصبر منحة
من الله إن الله جمّ مواهبه
فأيسر ما في الصبر تنفيس كربة
وتفريج غم تُعتريك غواره
وليس بمغنٍ عنك بث وعبرة
وشكوى زمانٍ لا ترد نوائبه
وأعظم رزء فقد اصطباره
وإن كثرت أرزاؤه ومصائبه
ومن جد في أمرٍ يعز طلابه
ينل بجميل الصبر ما هو طالبه
قصيدة ودع الصبر محب ودعك
يقول ابن زيدون:
ودع الصبر محب ودعك
ذاعً من سره ما استودعك
يقرع السن على أن لم يكن
زاد في تلك الحُطى، إذ شيعك
يا أخا البد رسنًا وسنا
حفظ الله زمانًا أطلعك
إن يطل، بعدك، ليلي، فكم
كنت أشكو قصر الليل معك!
قصيدة صبراً بني على الزمان
يقول أبو مسلم البهلاني:
صبراً بني على الزمان وصرفه
إن الزمان محارب الأحرار
أين الفرار عن المقدر للفتى
إن الأمور رهائن المقدار
وكل الأمور إلى المهيمن إنّه
تدبيره يقضي على الأفكار
ماذا تريد من الزمان وصرفه
أفلا اتكلت على المعين الباري
أترى الزمان مؤثراً في نفسه
والأمر مرجعه إلى مختاري
واصبر فإنك ناجح إن كنت في
نوب الصروف بمنهج الصبار
واجعل صلاحك مسلكاً لتنال من
بر الكريم مواهب الأبرار
كم كربة نزلت وضاق نطاقها
فتفرجت باللطف والأيسار
ما خاب من وكل الأمور لربه
فهو المُفَرِّج كُربة الأعسار
قصيدة لا الصبر ناصره
يتحدث ابن أفلح العبسي عن الصبر:
لا الصبر ناصره إن ضامه كمدٌ
يوم الرحيل ولا السلوى منجده
فلم أطاع عذولاً ما يسهده
إذا غفا كل طرف ما يسهده
هل حل بالعذل لاحٍ من أخي كمَدٍ
ما ظل بالحب داعي الوجد يعقده
لولا الغرور وما تجني مطامعه
لذم طيف الكرى من بات يحمده
وكل من لا يرى في الأمر مصدره
قبل الورود أراه الحتف موردَه
كحائنٍ ظن مولانا العزيز على
إمهاله مُهملاً من بات يرصدَه
الصادق العزم لا جبن يريّثُه
إن رام أمراً ولا عجز يفنّده
في كل يوم له حمد يجمعه
بما توخّاه من مال يبدده
جمُّ المواهب ما ينفك من سرفٍ
لجينُه يشتكي منه وعسجدُه
غمرُ الرداء وهو ما حوته على ال
أيام من طارف أو تالد يده
يعد بالفضل للعافي ويشكره
كأن عافيته يحبوه ويرفده
موفق السعي والتدبير منجحه
وثاقب الرأي في الجلى مسدده
حسن الرشاد له فيما يحاوله
من المقاصد هاديه ومرشده
فما يطيش له سهم يفوقه
في كل ما يتحرّاه ويقصده
إذا تماثلت الأنساب فاخرةً
أضاء في الحسب الوضاح محتده
يُزْهى بجدّين أضحى سامياً بهما
فما ترى عينه من ليس يحسده
يا أحمد الحمد ما أصبحت تكسبه
بالفضل والفضل ما أصبحت توردَه
ليهن مجدك نعمة ظل حاسدها
يغيظه ما رأى منها ويكمده
جاءتك تسحب ذيل العز من ملك
ما أيّد الله إلا من يؤيده
لم يلقَ غيرك كفؤاً يرتضيه لما
إليك أضحى من التدبير يسندَه
ألقى إليك زمام الأمر معتقداً
أن الأمانة فيمن طاب مولده
فاجعل عياذك شكر الناس تحرزه
وانظر لنفسك من ذكر تخلده
وليهن جدك أعداء ظفرت بهم
وقد عراهم من الطغيان أنكدَه
نووا لك المكر غدراً فاستزل لهم
عن ذاك أيمن تدبير وأحمده
من كل أخيب خانته مكايده
فيما نواه وأرداه ترددُه
ما أبرموا الرأي في سوء بغوك به
إلا وعاد سحيلاً منك مُحصدُه
ولا ورى زند كيدٍ منهم أبداً
إلا وحدك بالإقبال يُصلدُه