من يتحتم عليه أداء أضحية العيد؟
تعتبر الأضحية فريضة على كل من تنطبق عليه الشروط المتفق عليها، والتي تشمل: الإسلام، والعقل، والحرية، والإقامة، والقدرة المالية. هناك كذلك بعض الشروط التي تختلف حولها الآراء، مثل جواز الأضحية للمسافر، أو للصغير، وغيرها. وفيما يلي توضيح لهذه الشروط:
شروط الأضحية المتفق عليها
اتفق الفقهاء على بعض الشروط التي يجب توفرها في المضحي، وتفصيلها كالآتي:
- الإسلام والعقل والحرية؛ حيث لا يُطالب بذلك غير المسلم أو المجنون، كما أن الأضحية ليست واجبة على الشخص المملوك.
- القدرة على ثمن الأضحية؛ وقد اختلف الفقهاء حول تعريف القدرة كما يلي:
- حدد الحنفية أن الحد الأدنى للقدرة هو امتلاك مئتي درهم، أو مئة درهم فوق ثمن المسكن والملبس والاحتياجات الأساسية.
- بينما رأى المالكية أن القدرة تتعلق بوجود ثمن الأضحية دون الحاجة إليه إذا كانت هناك ضرورة، وفي حال كانت هناك حاجة، فلا تُسن له.
- وفق الشافعية، فإن القادر على ثمن الأضحية هو من يملك ما يكفيه وأسرته في يوم العيد وأيام التشريق.
- أما الحنابلة، فقد حددوا القدرة بالحصول على ثمن الأضحية حتى لو كان بمسار الدين، بشرط العلم بأنه قادر على سداده.
شروط الأضحية المختلفة عليها
تنوعت آراء الفقهاء حول بعض الشروط المطلوبة في المضحي، منها:
شرط البلوغ
اختلاف الفقهاء حول شرط البلوغ في المضحي كان كالآتي:
- فالحنفية اعتبروا أن الصبي غير مكلف ولا تجب عليه الأضحية.
- بينما المالكية ذهبوا إلى أن البلوغ ليس شرطًا للأضحية؛ حيث يجوز للصبي أن يضحي، ويستحب لولي أمره أن يضحي عنه حتى لو كان يتيمًا.
- في حين أن الشافعية اشترطوا البلوغ كشرط لأداء الأضحية، فلا يجوز لولي الصبي التضحية عنه من ماله، لكن يحق للأب أو الجد أن يضحي عنه من مالهما الخاص.
- وقد رواه الإمام أحمد بعدم جواز التضحية من مال الصبي الخاص، بينما في قول آخر، أن ذلك يجوز لتطييب قلبه.
شرط الإقامة
تم توضيح آراء الفقهاء في شرط الإقامة كالآتي:
- رأى الحنفية أن المسافر غير مطالب بأداء الأضحية، مستندين إلى أن أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- لم يضحيّا وهما مسافران، لأن الحصول على الأضحية قد يكون صعبًا على المسافر.
- بينما المالكية اعتبروا أن الأضحية مستحبة لغير الحاج سواء كان مسافرًا أو مقيمًا.
- في حين أن الشافعية والحنابلة أشاروا إلى أن المضحي يجب أن يكون مسلمًا، بغض النظر عن حالته ما بين الإقامة، أو الحج، أو السفر.
ألا يكون المضحي حاجاً
اشترط المالكية أن يكون المضحي غير حاج عند قيامه بالأضحية، وهو شرط لم يُشترط في المذاهب الأخرى؛ وذلك إكرامًا للحاج، نظرًا لأن صلاة العيد ليست واجبة عليه أيضًا.
شروط صحة الأضحية
لتكون الأضحية صحيحة، يجب أن تتوفر فيها ثلاثة شروط، وهي كما يلي:
- النية:
يجب أن تكون هناك نية محددة للأضحية، والتي قد تكون لأغراض متنوعة مثل منح اللحم، أو إتمام نذر، وما إلى ذلك. لذلك، يجب أن تكون النية واضحة، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
ويُشترط أن تكون النية من القلب، ويجوز الإفصاح عنها باللسان، وقد اتفق الفقهاء على هذا الشرط.
- توافق النية مع الذبح:
يشترط أن تكون النية متزامنة مع عملية الذبح، أو القبيل لها، مثل نية الشراء أو الاختيار من القطيع.
- عدم مشاركة المضحي لمن لا يقصد التقرب بالأضحية:
في حالة الاشتراك في الأضحية التي تعود بالنفع لأكثر من شخص، مثل البقر والإبل، يجب أن يكون لدى جميع المشاركين نية التقرب إلى الله، حتى لو اختلفت نواياهم. ولا يجوز الاشتراك مع من يتطلع فقط إلى اللحم دون التقرب إلى الله، حسب رأي الحنفية والمالكية. بينما الشافعية والحنابلة أجازوا ذلك، حتى مع اختلاف نوايا المشاركين.
القيمة الاجتماعية للأضحية
للأضحية قيمة عظيمة في الإسلام؛ حيث تُعتبر من الشعائر الدينية التي تدعو إلى التكافل الاجتماعي، حيث يتبادلون الناس لحوم الأضاحي ويتصدقون بها، مما يسهم في نشر الفرح والسرور في يوم العيد. هذه الشعيرة لا تُحرم الأغنياء من فرحتها، ولا يشعر الفقراء بالنقص، مما يعزز من مشاعر الألفة والمحبة في المجتمع.
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قدوة للمسلمين في هذه الشعيرة، حيث ضحى بكبشين، واحد عن نفسه وآخر عن فقراء أمته. وقد ورد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (ذبح النبي – صلى الله عليه وسلم- يوم الأضحى كبشين أملحين، فقال: إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، على ملة إبراهيم حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، عن محمد وأمته، باسم الله والله أكبر، ثم ذبح).