أحكام زكاة الفطر في المذهب الشافعي
تعد زكاة الفطر، والتي تُعرف اصطلاحًا بصدقة الفطر، واجبًا على كل مسلم وفقًا لمذهب الإمام الشافعي. تستند أحكام وجوبها إلى ما رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- حيث قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين.”
يشترط لوجوب زكاة الفطر أن يكون الشخص مسلمًا، حرًا، وقادرًا على إخراج مقدار الزكاة، الذي يجب أن يكون زائدًا عن احتياجاته واحتياجات من يعولهم في ليلة عيد الفطر ويومه، بالإضافة إلى توفر مسكن وديون وعبيد يحتاجهم.
لا يُلزم المسلم إخراج زكاة الفطر عن نفسه، وذهب بعض الفقهاء إلى أنها واجبة، بينما اعتبرها البعض عملاً مستحبًا، ورُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قوله: “تجب على من يطيق الصلاة والصوم.”
دليل وجوب زكاة الفطر
تعددت الآراء بين فقهاء المذهب الشافعي حول دليل وجوب زكاة الفطر؛ حيث رأى بعضهم أنها وجبت بناءً على السنة النبوية، بينما اعتبر البعض الآخر أن الوجوب يستند إلى القرآن الكريم. وفقًا للرأي الأول، يستند الدليل إلى حديث عبد الله بن عمر: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر على الصغير والكبير، والحر والمملوك.”
أما الرأي الثاني، فيذهب إلى أن زكاة الفطر وردت في القرآن الكريم، وذلك استنادًا لقوله تعالى: “قد أفلح من تزكى”، حيث فسر كل من سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز أن المعني بها هو زكاة الفطر. كما تنص الآية الأخرى: “وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة” على وجوب الزكاة بشكل عام.
الأشخاص الذين تؤدى زكاة الفطر عنهم
تتطلب زكاة الفطر أن تُخرج عن الشخص نفسه وكل من يلزمه نفقتهم، حيث تحتسب زكاة الفطر وفقًا للنفقة كما يسير عليه المذهب الشافعي. وتتنوع أوجه النفقة إلى سبب ونسب، حيث تشمل السبب العبودية، بينما تشمل النسب العلاقات الأسرية مثل الأب والأم والزوجة.
يجب أن يكون الأشخاص الذين تُخرج الزكاة عنهم مسلمين، ويجب أن يملك المتصدق ما يؤديه عنهم. وعلى الرغم من أنه ملزم بنفقة زوجته، إلا أنه غير ملزم بزكاة فطرها. في حال كان صاحب الزكاة ملزمًا بزكاة الفطر، فإنه يخرج عن نفسه أولًا، ثم عن زوجته، ثم عن أطفاله الصغار، وأخيرًا عن والديه.
وقت وجوب زكاة الفطر
يمكن إخراج زكاة الفطر طوال شهر رمضان، لكن يُفضل إخراجها في يوم العيد قبل الصلاة، ومن يتأخر دون عذر يتحمل الإثم ويلزمه قضاء الزكاة. بالنسبة للوقت المحدد، يوجد رأيان:
- الرأي الأول:
وهو المعتمد في المذهب الشافعي، حيث تجب زكاة الفطر مع غروب شمس اليوم الأخير من رمضان، مما يعني وجوبها على كل من أدرك غروب شمس ليلة العيد، حتى لو توفي بعد الغروب بلحظة. يستند هذا الرأي إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث”، مما يدل على أن زكاة الفطر تجب على من أدرك جزءًا من الصوم، كذلك الحديث السابق لعبد الله بن عمر يوضح هذا المعنى.
- الرأي الثاني:
وفقا لهذا الرأي، تجب زكاة الفطر عند طلوع فجر يوم العيد، وهو ما يُرَجح في الرواية القديمة عن الشافعي. يستند أنصاره إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم”، ويشيرون إلى أن الحديث يتعلق بيوم العيد، على الرغم من أن هذا الحديث ضعيف.
مقدار زكاة الفطر
المقدار الواجب لزكاة الفطر عن كل شخص هو صاع، وهو يساوي خمسة أرطال وثلث بغدادي، أو أربعة ونصف وربع وسبع أوقيات في القياس المصري، ومعادلته 2.5 كغم. يُفضل أن تُخرج الزكاة من غالب قوت أهل البلد، مثل القمح، وتُقبل أيضًا الأقط واللبن إذا كانا يُعتمد عليهما كغذاء.
لا يجوز إخراج زكاة الفطر من أقل من قوت أهل البلد، ويجوز إخراجها من الأفضل. وفقًا للمذهب الشافعي، لا يجوز إخراج الزكاة بقيمتها المالية، بل يتعين إخراجها كغذاء من غالب قوت البلد، ومع ذلك، في العصر الحديث، قد تجد القيمة استحسانًا أكبر لدى الفقراء، لذا يُمكن اتباع رأي الإمام أبي حنيفة بإخراج الزكاة بالقيمة.