العيد أنت وهذا عيدنا الثاني
- يتحدث ابن نباتة المصري:
العيد أنت وهذا عيدنا الثاني
ماللهنا عن قلوب الخلق من ثاني
عيدان قد أطربا ملكاً فراسلها
بمطرباتٍ من الأقلام عيدان
فاهنأ به وبألف مثله أمماً
وأنتما في بروج السعد إلفان
مفطرًا فيه أكباد الأعداء كما
فطرت أفواه أحباب بإحسان
في عمر نوح لأن الفال أفهمنا
لما أتى جودك الأوفى بطوفان
تجري بأمداحك الأقلام نافذة
بالمبدعات لأسماع وآذان
يا ناصر الدين والدنيا لقد نفذت
أقلام مدحك في الدنيا بسلطان
مقام ملكك في عز ومنتسب
كسرى بنسبته من آل ساسان
فضلته بأواوين ومعدلة
زادت فكيف بتوحيد وإيمانِ
لك المفاخر في عجم وفي عرب
وهيبة الملك في إنس وفي جان
فلا حسود لشان قد بلغت فقد
عظمت عن حاسد فيه وعن شاني
وهل يقايس بهرام الزمان بمن
علا على قدر بهرام وكيوان
وهل يماثل بالنعمان ذو خدمٍ
له على كل باب ألف نعمان
دانت لك الخلق من بدو ومن حضر
وفاض جودك في قاص وفي داني
هذي المدائن من أقصى مشارقها
لمنتهى الغرب في طوع وإذعان
والسدّ تسرح أسراب الوحوش به
بالأمن ما بين آساد وغزلان
لا تقطع الطرق عن سارٍ إلى بلدٍ
إلا منازه أنهار وغدران
إن يسم سلطان مصر في حمى بلدٍ
ترجف على أنها آذان حيطان
كأنّ جودك قد قالت سوابقه
الأرض ظلي وكل الناس ضيفان
روعة العيد
- يقول إيليا أبو ماضي:
يا شاعر، ها هي روعة العيد
فاستجد الوحي واهتف بالأناشيد
هذا النعيم الذي قد كنت تنشده
لا تله عنه بشيء غير موجود
محاسن الضيف في سهل وفي جبل
ونشوة الصيف حتى في الجلاميد
ولست تبصر وجها غير مؤتلق
ولست تسمع إلا صوت غرّيد
قم حدّث الناس عن لبنان كيف نجا
من الطغاة العتاه البيض والسود
وكيف هشّت دمشق بعد محنتها
واسترجعت كل مسلوب ومفقود
فاليوم لا أجنبي يستبد بنا
ويستخف بنا استخفاف عربيد، يا أرز صفق، ويا أبناءه ابتهجوا،
قد أصبح السرب في أمن من السيد
ما بلبل كان مسجونا فأطلقه
سحانه، بعد تعذيب وتنكيذ
فراح يطوي الفضاء الرحب منطلقاً
إلى الربى والسواقي والآماليد
إلى المروج يصلّي في مسارحها،
إلى الكروم يغني للعناقيد
مني بأسعد نفساً قد نزلت على
قومي الصناديد أبناء الصناديد
سماء لبنان بشر في ملامحهم
وفجره في ثغور الخرّد الغيد
إن تسكنوا الطود صار الطود قبلتنا
أو تهبطوا البيد لم نعشق سوى البيد
(هيوز) وقد كان قبلاً (موشح).. شكوت إليه انقلاب الأمور
العيد أقبل باسم الثغر
- يقول مصطفى لطفي المنفلوطي:
العيد أقبل باسم الثغر
ومناه أن تحيا مدى الدهر
حتى تعيش بغبطة أبداً
ويُعد من أيامك الغر
فاهنأ به واسعد بطالعه
ماضي العزيمة نافذ الأمر
وافاك يحمل في بشائره
ما شئت من عز ومِن عمر
والوفد يتلو الوفد مستبِقاً
أم العطاش مواقع القطر
والساحة الفيحاء مزدحمٌ
كالموج يلقى الموج في بحر
وكأنما القصر المنير وقد
أشرقت فيه هالة البدر
فإذا طلعت وضاء بدرُك في
أفق الأريكة وافر البشر
يجدون من رحماك ما يجد ال
ابن الوحيد من الأب البر
ويرون كل الناس في ملك
ويرون كل الأرض في قصر
عباس يا أغلى الملوك يداً
وأعزهم في موقف الفخر
لم يبق قلبٌ ما حللت به
وسكنت منه موضع السر
والحب ليس بصادق أبداً
إن لم يكن في السر كالجهر
فسلمت للعلياء تحرسها
وتصونها من أعين الدهر
وبقيت للنماء تمنحها
وبقيت للإحسان والبر
أو ليتني ما كنت آمله
وحبوتني بالنائل الغمر
وعفوت عني عفو مقتدر
والذنب فوق العفو والغفر
والصفح أجمل ما يكون إذا
ما الذنب جلى وضاق عن عذر
فمتى أقوم بشكر أنعُمك الجلى وقد جلت عن الشكر
هنئت بالعيد بل هني بك العيد
- يقول صفي الدين الحلي:
هنئت بالعيد بل هني بك العيد،
فأنت للجود، بل إرثٌ لك الجود
يا من على الناس مقصور تفضله،
وظل رحمته في الأرض ممدود
أضحت بدولتك الأيام مشرقة،
كأنها لخدود الدهر توريد
أعطيت في الملك ما لان الحديد له،
حكماً، فأنت سليمان وداود
لك اليدان اللتان امتاحت برهما
بنو الزمان، وريعت منهما الصيد
قضى وجودهما فينا وجودهما
تكذيب من قال: إن الجود مفقود
ماذا أقول، ومدحي فيك ذو قصر،
وأنت بالفعل ممدوح ومحمود
إذا نظمت بديع الشعر قابلني
من السماح بديع منك منقود
فلا معانيه في الحسنى مغلغلة،
ولا بألفاظ في البر تعقيد
فعشت يوليك طيب العيش أربعة:
عز، ونصر، وإقبال، وتأييد
ولا خلت كل عام منك أربعة:
نسك، وصوم، وإفطار، وتعييد
هدية العيد
- يقول إيليا أبو ماضي:
أي شيء في العيد أهدي إليك
يا ملاكي، وكل شيء لديك؟
أسوار؟ أم دملجا من نضار؟
كالتي تسكبين من لحظيك
أم ورودا؟ والورد أجمله عندي
الذي قد نشقت من خدّيك
أم عقيقا كمهجتي يتلظى؟
والعقيق الثمين في شفتيك
ليس عندي شيء أعز من الروح
وروحي مرهونة في يديك
قالوا غدا العيد ماذا أنت لابسه
- يقول أبو الحسن النوري:
قالوا غدا العيد ماذا أنت لابسه
فقلت خلعة ساق عبده جرعاً
فقر وصبر هما ثوباتي تحتهما
قلب يرى ربه الأعياد والجمعا
أحرى الملابس أن تلقى الحبيب بها
يوم التزاور في الثوب الذي خلعا
الدهر لي مأتم إن غبت يا أملي
والعيد ما دمت لي مرأى ومسمعاً