ما عز من لم يصحب الخذما
ما عز من لم يصحب الخذما،
فاركض دواتك، واكسر القلما.
وارحم صباك الغض فإنهم
لا يحملون بينما تحمل الألما.
كم ذا تُنادِيهم وقد هجعوا،
أحسبت أنك تسمع الرّمما؟
ما قام في آذانهم صمم،
وكأن في آذانهم صمما.
القوم حاجتهم إلى همم،
أو أنت ممن يخلق الهمما؟
تالله لو كنت ابن ساعدة،
أدبا “وحاتم طيء” كرما.
وبذذت جالينوس حكمته،
والعلم لا رسططي فهو ليس بالشيم.
وسفقت كولمبوس مكتشفا،
وشأوت آديسون معتزما.
فسلبت هذا البحر لؤلؤه،
وحبوتهم إيّاه منتظما.
وكشفت أسرار الوجود لهم،
وجعلت كل مبعّد أمما.
ما كنت بينهم غير متهم،
إنّي وجدت الحر متّهما.
هانوا على الدنيا فلا نعما،
عرفتهم الدنيا ولا نقما.
فكأنما في غيرها خلقوا،
وكأنما قد آثروا العدما.
أو ما تراهم كلما انتسبوا،
نصلوا فلا عربا ولا عجنا.
ليسوا ذوي خطر وقد زعموا،
والغرب ذو خطر وما زعما.
متخاذلين على جهالتهم،
إنّ القوي يهون منقسما.
فالبحر يعظم وهو مجتمع،
وتراه أهون ما يرى ديما.
والسور ما ينفك ممتنعا،
فإذا يناكر بعضه نهدم.
والشعب ليس بناهض أبدا،
ما دام فيه الخلف محتكما.
يا للأديب وما يكابده،
في أمة كل لا تشبه الأمما.
إن باح لم تسلم كرامته،
والإثم كل إن كتما.
يبكي فتضحك منه لاهية،
والجهل إن يبك الحجى ابتسما.
جاءت وما شعر الوجود بها،
ولسوف تمضي وهو ما علما.
ضعفت فلا عجب إذا اهتضمت،
الليث، لولا بأسه، اهتضما.
فلقد رأيت الكون، سنّته،
كالبحر يأكل حوته البلما.
لا يرحم المقدام ذا خور،
أو يرحم الضّرغامه الغنما.
يا صاحبي، وهواك يجذبني،
حتّى لأحسب بيننا رحما.
ما ضرنا، والود ملتئم،
أن لا يكون الشمل ملتئما.
النّاس تقرأ ما تسطّره،
حبرا ويقرأه أخوك دما.
فاستبق نفسا، غير مرجعها،
عض الأناسل بعدما ندما.
ما أنت مبدلهم خلائقهم،
حتّى تكون الأرض وهي سما.
زارتك لم تهتك معانيها،
غرّاء يهتك نورها الظّلما.
سبقت يدي فيها هواجسهم،
ونطقت لما استصحبوا البكما.
فإذا تقاس إلى روائعهم،
كانت روائعهم لها خدما.
كالرّاح لم أر قبل سامعها،
سكران جد السكر، محتشما.
يخد القفار بها أخو لجب،
ينسي القفار الأنيق الرسما.
أقبسته شوقي فأضلعه،
كأضالعي مملوءة ضرما.
إن الكواكب في منازلها،
لو شئت لاستنزلتها كلما.
ليس الصديق الذي تعلو مناسبه
ليس الصديق الذي تَعلُو مناسبه،
بل الصديق الذي تَزكُو شمائله.
إن رابك الدهر لم تفشل عزائمه،
أو نابك الهم لم تفتُر وسائلُه.
يرعاك في حالتي بعد ومقربة،
ولا تُغِبُّكَ من خيرٍ فواضلُه.
لا كالذي يدّعي ودّا وباطنه،
بجمر أحقاده تغلي مراجله.
يذم فِعل أخيه مظهِراً أسفاً،
ليُوهم الناس أن الحزن شامله.
وذاك منه عداء في مجاملة،
فاحذره واعلم بأن الله خاذله.
لا يحسب الجود من رب النخيل جداً
لا يحسب الجود من رب النخيل جَداً،
حتى تجود على السّود الغرابيب.
ما أغدر الإنس كم خشّف ترببهم،
فغادرّوه أكيلاً بعد تَربيب.
هذي الحياة أجاءتنا بمعرفةٍ،
إلى الطعام وسَترٍ بالجلابيب.
لو لم تحس لكان الجسم مطّرحاً،
لذع الهَواجِر أو وقع الشآبيب.
اهجر صديقك إن خِفت الفساد به،
إن الهجاء لمبدوء بتشبيب.
والكف تُقطع إن خيف الهلاك بها،
على الذراع بتقدير وتسبيب.
طرق النفوس إلى الأخرى مضللة،
والرعب فيهنّ من أجل الرعابيب.
ترجو انفساحاً وكم للماء من جهةٍ،
إذا تخلص من ضيق الأنابيب.
أما رأيت صروف الدهر غادية،
على القلوب بتبغيض وتحبيب؟
وكل حي إذا كانت له أذنٌ،
لم تُخلِه من وشاياتٍ وتخبيب.
عجبت للروم، لم يهد الزمان لها،
حتفاً هداه إلى سابور أو بيب.
إن تجعل اللجّة الخضراء واقية،
فالملك يُحفظ بالخضر اليعابيب.
هي فرقة من صاحب لك ماجد
هي فرقة من صاحب لك ماجد،
فغداً إذابة كل دمعٍ جامد.
فافزع إلى مخزون الشؤون وغربه،
فالدَمْعُ يُذْهب بعض جهد الجاهد.
وإذا فَقَدْتَ أخاً ولم تَفقد له،
دمعاً ولا صبراً فلستَ بفاقد.
أعليّ يا بن الجهم إنكَ دفت لي،
سماً وخمراً في الزلال البارد.
لا تَبْعَدَنْ أَبَداً ولا تَبْعُدْ فما،
أخلاقك الخضر الربا بأباعد.
إن يكد مطرف الإخاء فإننا،
نغدو ونَسري في إخاء تالد.
أو يختلف ماء الوصال فماؤنا،
عذب تحدر من غمامٍ واحد.
أو يفتَرق نسب يؤلف بيننا،
أدب أقمناه مقام الوالد.
لو كنت طرفاً كنت غير مدافعٍ،
للأشقر الجعدي أو للذائذ.
أو قدمتك السنّ خلت بأنه،
من لفظك اشتُقّت بلاغة خالد.
أو كنت يوماً بالنجوم مصدقاً،
لزعمت أنكَ أنت بكْرُ عطارِد.
صعب فإنْ سومحتَ كنتَ مسامحاً،
سلساً جريركَ في يمين القائد.
ألبستَ فوق بياض مجدكَ نعمةً،
بيضاء حلت في سواد الحاسد.
ومودة لا زهدت في راغبٍ،
يوماً ولا هي رغبتْ في زاهد.
غنّاءٌ ليس بمنكرٍ أن يَغْتدي،
في روضها الرّاعي أمام الرائد.
ما أدّعي لك جانباً من سؤدٍ،
إلا وأنتَ عليه أعدلُ شاهد.
واستبق ودك للصديق ولا تكن
واستبق ودّك للصديق ولا تكن،
قتبا يعض بغارب ملحاحا.
فالرفق يمن والأناة سعادة،
فتأنَّ في رفق تنال نجاحا.
واليأس مما فات يُعقِب راحة،
ولربما مطعمة تعود ذباحا.
يَعِدُ ابن جفنة وابن هاتك عرشِه،
والحارثين بأن يزيد فلاحا.
ولقد رأى أن الذي هو غالهم،
قد غال حميَر قيلها الصباحا.
والتبعين وذا نؤاس غدوةً،
وعلا أذينة سالب الأرواحا.
عدوك من صديقك مستفاد
عدوك من صديقك مستفاد،
فلا تستكثرن من الصحاب.
فإن الداء أكثر ما تراه،
يحول من الطعام أو الشراب.
إذا انقلب الصديق غدا عدواً،
مبيناً والأمور إلى انقلاب.
ولو كان الكثير يطيب كانت،
مصاحبة الكثير من الصواب.
وما اللجج الملاح بمرويات،
وتلقى الريّ في النطف العذاب.
يا من قربت من الفؤاد
يا من قربت من الفؤاد،
وأنت عن عيني بعيد.
شوقي إليك أشدّ من،
شوق السليم إلى الهجود.
أهوى لقاءك مثلما،
يهوى أخو الظمإ الورود.
وتصدّني عنك النوى،
وأصد عن هذا الصدود.
وردت نميقتك التي،
جمعت من الدر النضيد.
فكأنّ لفظك لؤلؤ،
وكأنما القرطاس جيد.
أشكو إليك ولا يلام،
إذا شكى العاني القيود.
دهرا بليدا ما ينيل،
وداده إلا بليد.
ومعاشرا ما فيهم،
إن جئتهم غير الوعود.
متفرّجين وما التفرنج،
عندهم غير الجحود.
لا يعرفون من الشجاعة،
غير ما عرف القرود.
سيّان قالوا بالرضى،
عنّي أو السخط الشديد.
من ليس يصّدق في الوعود،
فليس يصدّق في الوعيد.
نفر إذا عدّ الرجال،
عددتهم طيّ اللحود.
تأبى السماح طباعهم،
ما كلّ ذي مال يجود.
أسخاهم بنضاره،
أقسى من الحجر الصلود.
جعد البنان بعرضه،
يفدي اللجين من الوفود.
ويخاف من أضيافه،
خوف الصغير من اليهود.
تعس امرؤ لا يستفيد،
من الرجال ولا يفيد.
وأرى عديم النفع إن،
وجوده ضرر الوجود.
ألا إنّما الإخوان عند الحقائق
ألا إنّما الإخوان عند الحقائق،
ولا خير في ود الصديق المماذق.
لعمرك ما شيء من العيش كلّه،
أقر لعيني من صديق موافق.
وكل صديق ليس في الله ودّه،
فإني به في وده غير واثق.
أحب أخاً في الله ما صح دينه،
وأفرشه ما يشتهي من خلاّق.
وأرغب عما فيه ذل دنيّة،
وأعلم أن الله، ما عشت رازقي.
صفي من الإخوان كل موافق،
صبور على ما نابَهُ من بوائق.