شعر عن الفراق والحنين

شوق له بين الأضلع هاجس

شوق له بين الأضلع هاجس
شوق له بين الأضلع هاجس
  • يقول البحتري:

إن الشوق له، بين الأضلاع، يثير الهواجس،

ويُثير الذاكرة في صدري بعض الوساوس.

وربما نَجى الشاب من همومه،

في ليالي الشجن وساعات الظلام.

لم تنصف بغداد حين قاست وحشتها،

من نزلها، وهي موطن الأنس والسعادة.

لم يراعِ لي حق القرابة طيء،

ولا حق الصداقة فارس.

أعلّي! من يأمل فيك بعد مودّةٍ،

ضاعت مني، فأنا في قلة اليأس.

أوعدتني يوم الخميس، وقد مرّت،

بعد موعدك يوم الخميس الماضي.

قل للأمير، فهو القمر الذي،

تضحك به الأيام، وهي عابسة.

قدمت أمامي رجالاً، جميعهم،

متخلفون عن غايتي، متقاعدون.

وأذللتني، حتى أضحكتني،

من كانوا يحسدونني ويتنافسون.

وأنا الذي وضحت، غير مدافع،

نهج القوافي، وهي علامات بارزة.

تغيب فأسرج خيل ظنوني

تغيب فأسرج خيل ظنوني
تغيب فأسرج خيل ظنوني
  • تقول سعدية مفرح:

تغيب،

فتمضي التفاصيل التي نجهل كيف،

تأتي نثيثاً وتروح حثيثاً تغني.

كسراب قطة عالقة في شراك النوى، فتجتاح،

صمتي هذا الغريب، المريب، تخالط وُجدي.

هذا السليب تنوح ولا تنثني إذ مغريات،

القَطا المصفى عبر فيافي الضنى قد تلوح.

بجبهة مهر جموح صبوح،

يدق غيابك جرس حضوري،

فيُلغيه،

وحين تغيبين، يجمع حزني أطرافه نافذاً،

ويغرق فيّ،

وينداح حين تأتي،

فأغرق فيه.

ألا برزخ بين هذا وذاك،

نمارس لا حزننا في جانبيه؟

تغيب،

فأسرج خيل ظنوني.

غيابك نهر غاضب،

وحين يكون،

أخضب كل عرائس شوقي ملائكة الحب، وأفرش،

كل عرائش قلبي أراكي لعبةً لهن، فأجلوهن،

وألبسهن خلخالهُن وأبرزهن نهاراً جهاراً.

يصرن شمساً يراقصن موجكَ منتشياتٍ،

بهذا العلي الأبِي الفتي، وينثرن حناءهن الجميل،

طيورًا على الماء تنقر سبع نوافذٍ خضرٍ، وتُشعل،

سبع شموعٍ وينداح فيض الهديل العليل صلاةً،

لطقس النخيل المخضب بالعود والورد والند والطّلل،

الموسمي البليل والخلاخيل هذه التي فضضت ليل،

وجهك تدعوك سبعًا،

فهل ستفيض، وقد غيض مائي؟

وحين تغيب،

يكون حضور غيابك أشهى، وحين يغيب،

يغيب، يكون حضورك أبهى، فكيف،

يكون الحضور غياباً، وكيف يكون الغياب،

حضوراً، والغِياب سراب؟

الذكريات،

جرح الغياب،

وليس لذاكرتي أن تغيب.

سما لك شوق بعدما كان أقصر

سما لك شوق بعدما كان أقصر
سما لك شوق بعدما كان أقصر
  • امرؤ القيس:

سمَا لك شوقٍ بعدما كان أقصر،

وحلت سليمي بطن قَو، فعرعرا.

كنانيةٌ بانت وفي الصدر ودُّها،

وريح سَنا في حُقّةٍ، حميريةٍ.

بعينيَّ ظعنُ الحي لمّا تَحمّلوا،

لدى جانب الأفلاج من جنب تيمورا.

فشبهتهم في الآل لمّا تَكَمّشُوا،

حدائقُ دُومٍ أو سفينًا مقيرًا،

أو المُكرّعاتِ من نخيلِ ابن يامنٍ.

دوين الصفا اللائي يلينَ المشقرا،

سوامقَ جبارٍ أثيثٍ فروعه،

وعالين قنوانًا من البسر أحمرا.

حمته بنوا الربداء من آل يامن،

بأسيافهم حتى أقر وأوقرا.

وأرضى بني الربداءِ واعتمَّ زهوهُ،

وأكمامه حتى إذا ما تَهصرا.

أطافت به جيلان عند قطاعه،

تردد فيه العين حتى تحير.

كأن دمي شغف على ظهر مرمر،

كسى مزبد الساجوم وشياً مصورا.

غرائرُ في كِنٍّ وصونٍ ونعمةٍ،

يحلين يا قوتًا وشذرًا مفقرا.

وريح سَنا في حقه حميرية،

تُخص بمفرُوكٍ من المِسك أذفرَا.

وبانًا وألويا من الهند دانيًا،

ورندًا ولُبنى والكِباء المُقَتَّرًا.

غلقن برهن من حبيب به ادعت،

سليمى فأمسى حبلها قد تبترا.

شوق إليك تفيض منه الأدمع

شوق إليك تفيض منه الأدمع
شوق إليك تفيض منه الأدمع
  • يقول البحتري:

شوق إليكِ يفيض منه الأدمع،

وجوى عليكِ تضيق منه الأضلع.

وهَوًى تجددُهُ الليالي، كلما،

قدمتْ، وترجعه السنون فيرجع.

إني وما قصد الحجيج، ودونهم،

خرقٌ تخُبّ بها الركاب، وتُوضِع.

أصفيكِ أقصى الودّ، غير مُقلّلٍ،

إن كان أقصى الودّ عندك ينفع.

وأراكِ أحسن من أراها، وإن بدا،

منكِ الصدود، وبان وصلك أجمعُ.

يعتادني طربٌ إليك، فيغتلي،

وجدّي، ويدعوني هواكِ، فأتبعُ.

كَلَفٌ بحبك، مولعٌ، ويُسَرُّني،

أنّي امرؤ كَلَفٌ بحبكِ، مولعُ.

شرف بني العباس، إن أباؤكم،

عمُّ النبي، وعيسوه متفرعُ.

إن الفَضيلةَ للذي استسقى به،

عُمرٌ، وشُفِّعَ، إذ غدا يُستشفَع.

وأرى الخلافة، وهي أعظمُ رُتبةٍ،

حقًا لكم، ووراثةً ما تُنزَعُ.

أعطاكم الله عن علمٍ بكم،

والله يعطي من يشاء ويمنع.

من ذا يُساجلكم، وحوض محمد،

بسقايَة العباس فيكم يشفَعُ.

ملكٌ رضاهُ رضا الملوك،

وسخطه حتف العداء، وردهم المتوقعُ.

متكرِّمٌ، متورعٌ عن كل ما،

يتجنبه المتكرم المتورع.

يا أيّها الملك الذي سقتِ الورى،

من راحتيه، غمامةٌ ما تُقلِعُ.

يَهنيك في المتوكليّة أنها،

حسنَ المصيفُ بها، وطابَ المربعُ.

فيحاءُ مشرقةٌ يرقُّ نسيمُها،

ثُمَ تُدرِّجها الرياحُ وأجْرَعُ.

وفسيحة الأكناف ضاعفَ حسنها،

برٌّ لها مُفضًى، وبحرٌ متْرَعُ.

قد سُر فيها الأولياء حين التقوا،

بفناء منبرها الجديد، فجمعوا.

فارفع بدار الضرب باقي ذِكرها،

إن الرفيعَ محلُّهُ مَنْ تَرْفَعُ.

هل يجلبن إليّ عطفك موقفٌ،

ثابتٌ لديك، أقول فيه وتسمعُ.

ما زال لي من حسن رأيك مُؤوَّلٌ،

آوي إليه، من الخطوب، ومفزعُ.

فعلامَ أنكرتَ الصديق، وأقبلتْ،

نحوَيَ رِكابُ الكاشحين تطلَّعُ.

وأقام يطمع في تَهَضّم جانبي،

من لم يكُن، من قبلُ، فيه يطمعُ.

إلاّ يكن ذنبٌ، فعَدْلُكَ واسعٌ،

أو كان لي ذنبٌ، فعفوك أوسعُ.

غيابك موت

غيابك موت
غيابك موت
  • يقول ياسر الأقرع:

من الليل أصحو،

تنزف جروحي،

وأصرخ: أنتِ،

بلا وعي روحي.

أفتش عنكِ،

وأغضب منكِ،

كما لا أريد.

أحس الفراغ اختناقًا،

أعود …

كمسّ الجنون،

أجرح باسمك صمت السكون.

ألم تسمعيني؟

إذا أنتِ غبتِ،

تصير المنافي ضفافًا لحزني،

تسير الجهات إلى اللاجهات،

تضيق البلاد،

إذا أنت غبتِ.

يضيع عمر من الأمنيات،

ولا يُستعاد.

إذا أنتِ غبتِ، … وحيدين نبقى،

أنا … والرماد.

ضجرتُ،

من الليل ينسج صمتًا،

ويقطر موتًا.

ومنّي ضجرتُ،

فماذا أقول … لموال صبري،

على باب قبري؟

أقول … انهزمتُ؟

ومن أين آتي،

بضحكة عينيكِ؟

من أين آتي،

بوجهك يُشرق في عمق روحي؟

إذا ما انكسرتُ.

من الليل أصحو، تنزف جروحي،

وينزف وقت،

وأصرخ: “أنتِ …… “

فتهمس روحي:

غيابك موت،

غيابك موت،

غيابك موت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *