نَسَب أبي صخر الهُذليّ وحياته
هو عبدالله بن سَلْم السهميّ، من قبيلة مرمض، وهو ما أوردته المصادر عن نَسَبِه، رغم كونه مختصراً بشكل غير معتاد في سياق الحديث عن الأنساب. وقد أكد أبو الفرج هذا النسب في ترجمته، حيث اعتمد في ذلك على نسخة السكري التي تعتبر من أتم النسخ. يجدر بالذكر أن تفاصيل حياة الشاعر لا تزال غامضة، حيث أشار نوري القيسي في كتابه إلى أن الشاعر عاش حتى عام 126هـ، وكانت أخبارٌ عن حياته متفرقة في عام 127هـ. كما يُذكر أن له ولداً يدعى داوود، الذي توفي في حياته، مما جعل أبا صخر يحزن عليه حزنًا شديدًا، حيث أنشد في رثائه قصيدة تتكون من أربعٍ وستين بيتاً.
وفي البيت الثاني من تلك القصيدة، ذكر الشاعر أيضًا ابناً آخر يُدعى محمد، إلا أن الأخبار المتعلقة به لم تكن متوفرة، حيث أشار أبو الفرج إلى أنه لم يكن لأبي صخر الهذلي سوى ابن واحد. ومن المثير للاهتمام أن أبا صخر الهذلي كان عاشقًا لامرأة من قبيلة بني قضاعة تُدعى ليلى بنت سعد وتكنى بأم حكيم، حيث كان بينهما تواصل لفترة من الزمن، إلا أنها تزوجت من رجل آخر ورحلت إلى قومها، مما أثار في نفسه مشاعر الشوق والحنين، ليدفعه ذلك إلى كتابة قصائد في حبها. يُعتبر أبو صخر الهذلي شاعراً إسلامياً بارزاً من شعراء الدولة الأموية، وكان معروفًا بتعصبه لبني مروان، حيث نظم قصائد مدح في عبد الملك بن مروان وأخيه عبد العزيز.
موضوعات شعر أبي صخر الهذلي
يُعتبر أبو صخر الهذلي من الشعراء الذين تميزت مواقفهم، حيث دافع عن آرائه حتى تحمل الكثير من التبعات. ورغم تصنيفه كشاعر إسلامي، إلا أن القارئ عندما يتصفح الشعر الإسلامي لا يجد الكثير من المشاركات لشعره أو تحليل لمضامينه. كما أن صوره الشعرية لم تُدرج ضمن مجموعة من الشعراء الذين تجمع بينهم خصائص معينة. الأمر ذاته ينطبق على السِير الأدبية للأدب الأموي، حيث لم يتم دراسة حياته ضمن الاتجاهات الخاصة بالشعر الأموي بالرغم من شهرته الكبيرة.
جُمعت أشعار الهذلي ضمن ديوان الهذليين، ونُشرت في شروح أشعار الهذليين لأبي سعيد السكري. الأمر الملفت هو أن بعض قصائده اتخذت الشكل التقليدي للقصيدة، حيث تناول فيها موضوع الغزل، مع ذكر المرأة التي يحبها باستخدام رموز وأسماء خيالية تدل عليها، مما يعكس عاطفة حساسة وصادقة تتجلى في قلوب من يقرأ شعره. من ناحية أخرى، نجد أن أبا صخر الهذلي برع في شعر الوصف، حيث صوّر طبيعة هُذيل بما تحويه من ثرى وأراضٍ ورياحٍ وندى، كما ذكر الأماكن التي كانت لها أثر في حياته، إذ ارتبطت بأيام عزيزة على قلبه. كما أنه كان من الشعراء الذين استغلوا شعرهم في مدح الأمويين، ولقد كان الرثاء جزءًا من أشعاره، حيث يمكن للقارئ أن يستشعر الألم والحسرة في مرثيته لابنه، والتي بلغت عدد أبياتها أربعًا وستين.
قطوف من أشعار أبي صخر الهذلي
مدح أبو صخر أبا خالد عبد العزيز بن خالد بن أسيد بقوله:
أَرَائحٌ أنتَ يَوْمَ اثنَينِ أمْ غَادي ولم تُسَلِّم عَلى ريحانَةِ الوَادي وما ثَناكَ لَها والقومُ قَدْ رَحَلُوا إلّا صَبَابةُ قلبٍ غَيرِ مِرْشادِ إنّي أَرَى مَن يُصاديني لأهْجرَها كزَاجرٍ عَن سَبيلِ اللهِ صَدَّادِ ...
وقال أبو صخر الهذلي في الغزل:
أَمَا والذي أَبْكَى وأَضْحَكَ، والذي أَماتَ وأَحيا، والذي أَمْرُه الأَمْرُ لَقَد تَرَكَتْنِي أَغْبِطُ الوَحْشَ، أَن أَرى أَلِيفَيْنِ منها، لا يَرُوعُهما الزَّجْرُ ...
هذا هو الشكل الجديد للموضوع، الذي يحافظ على المعاني الأساسية مع تقديمه بطريقة مهنية وقابلة للتصفح.