قصيدة عن السعادة للشاعر عمارة اليمني
الشاعر عمارة بن علي بن زيدان الحكمي المذحجي، من أبرز شعراء اليمن، حيث وُلِد في تهامة وسافر إلى زبيد ثم إلى مصر حيث حظي بتكريم الفاطميين الذين مدحهم بقصائده. كتب عمارة اليمني قصيدة رائعة تتحدث عن السعادة، جاء فيها:
إن السعادة قد أظل زمانها
وافتر عن ثغر الهناء أوانها
وافاك أول عامها بمسرة
لا الفطر أهداها ولا رمضانها
عام كأن شهوره من حسنها
درر تضاحك في السلوك جمانها
فتحت فتوحك بالسعادة بابها
فأسعد بمملكة عظيم شأنها
متقسم يوم الندى معروفها
متبسم يوم الهدى عرفانها
مجداً بني عبد المجيد فإنكم
مندوحة نبوية أغصانها
مذ غاب ناطقها فإنك سوسها
والترجمان لما قراه لسانها
كم آية رويت لكم إسرارها
آل الوصي وللورى إعلانها
درج الزمان وعندكم أسرارها
فيما ترون وعندكم إيمانها
وهب الخلافة شاركوكم في اسمها
أوليس فرق بينكم فرقانها
فكأنما تأويلكم أرواحها
وكأنما تفسيركم أبدانها
كثرت عليها المدعون ومالهم
فيها إمامتكم ولا قربانها
نطقت بآية نصركم عن شيركو
سير يزيد على السماع عيانها
أخبرتمونا عنه قبل مجيئه
أخبار صدق صح منه بيانها
فكأن علم الكائنات وديعة
مخزونة وصدوركم خزانها
تأتي الأمور وقد سطرتم ذكرها
فيكون بعد حديثكم حدثانها
حتى كأن صروفها عن أمركم
تجري وأعنان السماء عنانها
الله أكبر والخلافة فيكم
من أن تلين لحاسد عيدانها
أنى وبيعتك الكريمة جنة ال
مأوى وشاور الرضى رضوانها
هو مقلة الدنيا وأسود عينها
والعاضد بن المصطفى إنسانها
وعد المهيمن أن سيظهر دينكم
عدة على كرم الإله ضمانها
أفتخمد الأعداء جذوة دعوة
قدحت بأنوار الهدى نيرانها
إن بات من عدد الملوك فإنه
لا يستوي نار الغضا ودخانها
راج يقال الصبر يبذل نفسه
حيث المنية ضيق ميدانها
من معشر تغدو السماحة والردى
مما حوت أجفانها وجفانها
ولقد دفعت إلى ثلاث نوائب
كادت تشيب لهولها ولدانها
فعصابة غزية غادرتها
وأجل ما ترجوه منك أمانها
وعصابة رومية عاشرتها
فتأدبت وتهذبت أذهانها
وعصابة مصرية بك أصبحت
فوق البرية راجح ميزانها
خلصت كل قبيلة من ضدها
لما التوت وتعقدت عقدانها
أشبهت نوحاً مدة وهداية
في أمة متزايد طغيانها
وكأنما البرج المنيف سفينة
والنيل يوم كسرته طوفانها
وتداركت بلبيس منك عواطف
يسع الزمان وأهله غفرانها
أقسمت لولا حسن رأيك لاغتدى
الناقوس في بلبيس وهو أذانها
بلد لو انهدمت قواعد سوره
بيد النصارى لم يعد بنيانها
أبقيتها للمسلمين وإنه
ليعز بعد خرابها عمرانها
شفع النساء إليك فيه فشفعت
في سيئات رجالها نسوانها
وهب الجرائم للحرائم قادر
ترضى سطاه ولا يرى إذعانها
رأي حقنت به دماء خلائق
ظنت بأن دروعها أكفانها
كانت وزارتك القديمة مشرعاً
صفواً ولكن كدرت غدرانها
غصبت رجال تاجه وسريره
من بعدما سجدت له تيجانها
أخلى لهم دست الوزارة عالماً
أن سوف ينزغ بينهم شيطانها
قد كان أودع في الرقاب صنائعاً
كفرت فأرداها بها كفرانها
هجر الوزارة حين ينكر عرفها
وكذا النبوة إن نبت أوطانها
وأرى قرانات الكواكب لم تكن
إلا واثر في عداك قرانها
وإذا رميت معانداً بمكيدة
وأردت أن يجني عليه زمانها
هبت عليه من الرياح دبورها
ومن الكواكب طالع دبرانها
فأسلم كفيل خلافة علوية
أضحى بسيفك ظاهربرهانها