قصيدة لقد كذب الآمال من كان كسلانا
يعبّر مصطفى صادق الرافعي عن أفكاره بقوله:
لقد كذب الآمال من كان كسلانا
وأجدر بالأحلام من بات وسنانًا
ومن لم يعانِ الجد في كل أمره
رأى كل أمر في العواقب خذلانًا
وما المرء إلا جده واجتهاده
وليس سوى هذين للمرء أعوانًا
كأن الناس جميعًا يسعون نحو غاية
وقد دُحيت هذه البسيطة ميدانًا
فمن كان مقدامًا فقد فاز جده
وباء بكل الويل من ظل حيرانًا
فلا تتوانى إذا انطلقت إليك فرصة
ولا تستصغر الأمور مهما بدت هزيلة
ولا تُعَد أخلاق الكرام، فإنما
بأخلاقه الإنسان قد صار إنسانًا.
قصيدة لا تسأل الكذاب عن نياته
يقول عبد الله الطيب:
لا تسأل الكذاب عن نياته
ما دام كذابًا عليك لسانه
ينبئك ما في وجهه عن قلبه
إن الكتاب لسانه عنوانه.
قصيدة الصدق قل وذر الكذب
تقول نور الدين السالمي:
الصدق قل وذر الكذب
فالصدق ينجي في العقب
والحق فانشره ولا
تخشَ الدوائر تنقلب
ما قد مضى سيكون إن
هبت الفنا أو لم تهب
قل للذي في زعمه
أبدى النصائح، ويك هب
إن الذي خوفتني
إياه أمر لم يهب
خوفتني ما ليس عنه
مهرب ممن هرب
الموت أخشى وهو في
كل الورى حقًا وجب
الموت أولى من حياة
في المذلة والتعب
الموت عند الحر أحلى
من دني يرتكب
فاركب من العلياء بالعزمات أعلى مرتكب
فإذا استويت على الذي
تهوى فقد نلت الأرب
وإذا المنايا عاجلتك
فقد عذرت لذي الطلب
قد خاب ذو علم إذا
لم يبد لله الغضب
أخذ الإله عهودنا
ألا نزين مخشلب
ربح التجارة من وفى
بالعهد يوم واحتسب
فالله قد ضمن الوفاء
لمن وفى ولمن ندب
فالنفس تفدي ديننا
لا نشري بالدين الذهب
والنفس أكرم عندنا
من أن تهان وأن تسب
فارجع لنفسك وانهها
عن ذا التعرض للعطب
واسمع أحاديث العلا
تملى عليك وتكتتب
إن الذي أوضحته
وذكرت من شيم العرب
عز يغادر كل قلب
في الأعادي مضطرب
عز يذكرهم بما
وجدوه عنا في الكتب
عز يريهم أننا
عن حالنا لم نقلب
عز يريهم أننا
والمجد أهل والحسب
وبه يكون العذر للسُلطان من أقوى سبب
إذ لم يكن عن رأيه
ما كان منا وانتسب
لكننا قوم خشينا
الخدع منه حين دب
أتكون ذمتكم لمن
بالخدع أيانا حرب
والله يأمرنا بأن
ننبذ إليهم إن نهب
فانبذ إليهم عن سواء
إن تخف خدعا تصب
والخصم لا يخفى عليكم
حاله حيث انقلب
سلب الممالك باحتيا
ل قد علمتم ما سلب
وأتى يخادعكم فقلتم إنه الخل المحب
بتم وبات ينوشكم
بمكائد لم تحتسب
شعواء دس إليكم
تحت الليالي والحجب
من هم أن يصطاد من
لم يخشه مكرا وقب
أيبركم ولديه أخراب الأوائل تكتتب
كم وقعة تركت جما
جمهم هشيما مختطف
كم عرصة تركت ملوكهم عبيدا للعرب
كم غزوة تركت ذخائرهم غنائم تنتهب
أيكون مع هذا وداد صفاء مرتقب
أيبر خصم خصمه وله الأمور كما نحب
ما خلفت أسلافكم
إلا الكتائب والكتب
وسياسة تذر البعيد من المعالي مقترب
وبسالة يهتز منها الخصم رعباً مضطرب
لا بالخدائع حربهم والمكر ما كان السبب
لكنّه ضرب المدافع يطير الهام طيران السحب
وترى الأكف به تساقط مثل أوراق تجب
وترى الدماء به تصب كمثل غيث ينسكب
وترى المهند فيه يلمع مثل برق من كثب
مع قلة منهم وخصمهم كأرمال الكتب
فغدوا نجوما يهتدى بهم من العليا طلب
من ينصر الرحمن ينصره ومن يخذل يتب
والله يبلو خلقه ليثيب منهم من أحب
وهو القدير فلو يشاء نصر العباد بلا سبب
لكنه أعطاهم عمرا له حدا ضرب
لا ينقصن ولا يزيد على الذي منه كتب
وإذا مضى في طاعة
فازوا بحسن المنقلب
وإذا مضى في غيرها
كان الهلاك مدى الحقب
والعمر حتماً ذاهب إن لم تداركه ذهب
ولمن عصى نهج المتاب له سبيل فليتب
فأنا النصيح وإن يكن قولي عليكم قد صعب
وأنا الشفيق وإن حسبتم أنني الخصم الحرب
وأن المحب وإن ظننتم أنني أعمى أدب
ما كان نصحي للبريئة بالدراهم مجتلب
لكنه طبع طبع عليه والمولى يهب
بئس المجالس للملوك فتى به للدين جب
ما همّة إلا امتلاء البطن أو نيل النشب
أو كلمة من سيد يعلو بها وهو الذنب
يا رب ألهم رب دولتنا المليك بأن يذب
واكشف له رتب الرجال على اختلافهم رتب
لا يستوي من يطلب العليا ومن يبغي الذهب
فأخو الدراهم عينه حيث الدراهم تجتلب
وأخو المعالي همه يعلو الثواقب والشهب
ما كل من خطب المعالي نالها لما خطب
مثل الكريمة لا تزوج ذا الحكاية والريب
تأبى العلا ينزو عليها كل قاص مجتنب
لكنه من ليس يجرع أنفه مهما وثب
ما المال والدنيا وإن جاءت فليسا بالحسب
إنما تقوى الإله هي العلا المكتسب
فإذا رزقت مع التقوى نسبا فأكرم بالنسب
من كان ذا نسب شريف للمروة يصطحب
تأبى عليه نفسه رعي الوخيم وإن عشب
والكامل الرجل الذي حاز المعالي واكتسب
دارت به العلياء من كل الجوانب والرتب
فنشأ تربيه السعادة والعناية منذ شب
ذو أنفة لا تستطال وعزة لا تستلب
شهم ترى في وجهه أثر البسالة يلتهب.
قصيدة المخلص الكذاب
يقول معين بسيسو:
على صليب
من ورق الزيتون
تمدّد المخلص الكذاب
كالغراب
على بساط نور
” ابكين يا جواري “
” بأدمع الحواري “
يا كل فرسان الوحول
حوطوا عجل الذهب
من قبل في عشائه الأخير
قال لن يخونني منكم أحد
يا إخوتي لحمي لكم قرص عسل
خمر دمي لكم كفرحة الحياة
كذّابتان
عيناه تغمضان
المخلص الكذاب قام
كسارق بين النيام
بخنجر من اللهيب
قد راح يقطع المسعور
لحم إخوتي خبز بنادق
دماء إخوتي بها يسقي المشانق.
قصيدة من ادّعى الخير من قوم، فهم كذبا
يقول أبو العلاء المعري:
من ادعى الخير من قوم، فهم كذبا،
لا خير في هذه الدنيا، ولا خير
وسيرة الدهر ما تنفك معجبة،
كالبحر، تغرق في ضحاحها السير
نمتار، من أمنا الغبراء، حاجتنا
وللبسيطة من أجسادنا ميسر
كم غيرتنا بأمر خط حدثته،
وربنا الله لم تلملم به الغير.