المخاطر الصحية الناتجة عن تكيس المبايض أثناء الحمل
تُعاني النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض (Polycystic Ovary Syndrome) من احتمالية أكبر لمواجهة مجموعة من المشاكل الصحية أثناء الحمل مقارنةً بغيرهن. ومع ذلك، لا تعني هذه الحالة أن جميع النساء المصابات بهذه المتلازمة سيواجهون مضاعفاتٍ خلال حملهن، حيث أن هناك العديد من السيدات اللاتي يتجاوزن فترة الحمل دون مشاكل. فيما يلي نستعرض بعض المخاطر والمضاعفات التي قد تحدث:
الإجهاض التلقائي
يزيد خطر الإجهاض التلقائي (Miscarriage) بين النساء الحوامل اللواتي يعانين من تكيس المبايض، وفقًا لدراسة نشرت في المجلة الهندية للأمراض النسائية والتوليد (The Journal of Obstetrics and Gynecology of India) عام 2020، حيث بلغ معدل حدوث الإجهاض 2.2%. لا تزال الأسباب الكامنة خلف هذا الارتباط غير واضحة تمامًا، ولكن يُعتقد أن هناك عوامل متعددة تُساهم في زيادة خطر الإجهاض لدى هؤلاء النساء، من بينها:
- العامل الأول: تمتاز النساء المصابات بتكيس المبايض بدورات شهرية أطول، مما يؤدي إلى تأخر عملية الإباضة، وبالتالي قد تتعرض البويضة النامية لتأثير الهرمونات التي قد تؤدي إلى تلفها.
- العامل الثاني: تتميز النساء المصابات بزيادة في مقاومة الإنسولين، والتي تلعب دورًا حاسمًا في تنظيم مستويات السكر في الدم. ومع ارتباط ارتفاع مستويات السكر بالإجهاض، قد يؤدي ذلك إلى تراجع جودة البويضات واحتمالية حدوث الإجهاض.
- العامل الثالث: تؤدي مستويات هرمون الأندروجين المرتفعة وضعف بطانة الرحم (Endometrial Dysfunction) إلى صعوبات في زرع البويضة المخصبة، مما يمكن أن يزيد من خطر الإجهاض المبكر.
ارتفاع ضغط الدم الناجم عن الحمل
تشير الأبحاث إلى أن 17.8% من النساء الحوامل المصابات بتكيس المبايض تُعاني من اضطرابات ضغط الدم، وفقًا لدراسة نُشرت في المجلة الهندية للأمراض النسائية والتوليد عام 2020. يُعرف ارتفاع ضغط الدم الناتج عن الحمل باسم ارتفاع ضغط الدم الحملي (Gestational Hypertension) والذي يظهر بعد الأسبوع العشرين من الحمل ويختفي بعد الولادة. قد يُسبب عدم علاج هذا الارتفاع مضاعفات خطيرة مثل مقدمات الارتعاج (Preeclampsia)، وهي حالة تتمثل بارتفاع ضغط الدم مع حدوث أضرار للأعضاء مثل الكبد والكلى. في حالة عدم السيطرة على مقدمات الارتعاج، يمكن أن تتطور الحالة إلى تسمم الحمل (Eclampsia) الذي يرافقه نوبات تشنجية، مما يجعل الولادة ضرورية بغض النظر عن مرحلة الحمل.
سكري الحمل
سكري الحمل (Gestational Diabetes) هو حالة تحدث خلال فترة الحمل عند النساء اللواتي لم يعانين من السكري سابقًا. عادةً ما يظهر هذا المرض في منتصف فترة الحمل، مع ارتباط الإصابة بتكيس المبايض بزيادة فرص تطور سكري الحمل، مما يؤدي إلى إجراء اختبارات مبكرة للتحقق من مستويات السكر. وفقًا للدراسة المذكورة، كانت نسبة حدوث سكري الحمل بين النساء الحوامل المصابات بتكيس المبايض حوالي 13%. قد يشمل علاج سكري الحمل اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة، وقد يحتاج البعض إلى استخدام الإنسولين، حيث غالبًا ما تتغير مستويات السكر بعد الولادة. رغم أن السكري لا يُشكل خطرًا كبيرًا للحامل أو الجنين عند إدارته بشكل صحيح، تبقى النساء المصابات بسكري الحمل أكثر عرضة للإصابة بالنوع الثاني من السكري لاحقًا. من الأعراض المحتملة التي قد تظهر على الطفل إذا كانت الأم مصابة بسكري الحمل:
- انخفاض مستويات السكر في دم الطفل.
- مشاكل في التنفس.
- زيادة احتمال الإصابة بالنوع الثاني من السكري في المستقبل.
- ولادة طفل كبير الحجم وفقًا لعمر الحمل، مما يتطلب عادةً ولادة قيصرية.
الولادة المبكرة
تُعاني النساء الحوامل المصابات بتكيس المبايض من زيادة خطر الولادة المبكرة (Premature Birth)، حيث أظهرت دراسة أن نسبة الولادة المبكرة بين هؤلاء النساء قد تصل إلى 10.4%. تُعزى أسباب ذلك إلى ظهور مقدمات الارتعاج التي تُعتبر إحدى عوامل الخطر للولادة المبكرة. الأطفال المولودون لأمهات مصابات بتكيس المبايض قد يواجهون كذلك مشاكل صحية، مثل:
- ولادة الطفل بحجم أكبر من المتوقع.
- الإصابة بمشكلة شفط العقي (Meconium Aspiration Syndrome) حيث يدخل براز الطفل في رئتيه.
تُعرف الولادة المبكرة بأنها تحدث قبل ثلاثة أسابيع من الموعد المتوقع، وقد تختلف المضاعفات الصحية التي يواجهها الطفل بناءً على مدى توقيت الولادة. تصنف الولادة المبكرة إلى:
- ولادة مبكرة متأخرة: حيث يُكمل الطفل 34-36 أسبوعًا من الحمل.
- ولادة مبكرة متوسطة: حيث يولد الطفل بين الأسبوع 32-34.
- ولادة مبكرة جدًا: حيث يُولد الطفل قبل الأسبوع 32.
- ولادة مبكرة للغاية: حيث يولد الطفل في الأسبوع 25 أو قبله.
الولادة القيصرية
ترتفع احتمالية اللجوء إلى الولادة القيصرية بين النساء الحوامل المصابات بتكيس المبايض نتيجة للمضاعفات المرتبطة بالحمل، مثل ارتفاع ضغط الدم الحملي. تُعرف الولادة القيصرية بأنها جراحة تتضمن شقًا في البطن والرحم لإخراج الجنين. يُمكن أن يتم التخطيط للعملية القيصرية مسبقًا إذا كانت هناك مضاعفات، أو إذا كانت هناك رغبة في عدم إجراء ولادة طبيعية. تحتاج الأم إلى فترة تعافٍ أطول بعد الولادة القيصرية مقارنةً بالولادة الطبيعية.
تأثير تكيس المبايض على صحة الجنين
قد يتعرض الأطفال الذين يولدون لأمهات مصابات بتكيس المبايض لمخاطر صحية متزايدة نتيجة لمضاعفات الحمل. يمكن لمستويات الهرمونات المرتفعة مثل الأندروجينات ومتلازمة الأيض (Metabolic Syndrome) أن تزيد من خطر حدوث مضاعفات تؤثر على trẻ، كما قد يحتاج الأطفال إلى فترات أطول في وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة.
نصائح للحفاظ على حمل صحي للنساء المصابات بتكيس المبايض
رغم المخاطر المحتملة الناتجة عن تكيس المبايض، هناك تدابير يمكن اتخاذها للحد من المخاطر والمضاعفات. ومن أبرز النصائح:
- يجب متابعة الرعاية الصحية قبل الولادة في أقرب وقت ممكن، والتشاور مع الطبيب قبل بدء الحمل لاتخاذ تدابير للحد من المضاعفات.
- يُنصح بالوصول إلى وزن صحي قبل الحمل.
- تحقيق مستويات سليمة من السكر في الدم من خلال اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة.
- تناول حمض الفوليك (Folic Acid) وفقًا لتوجيهات طبية مناسبة.
- يفضل الرضاعة الطبيعية لما لها من فوائد في تقليل خطر السمنة والنوع الثاني من السكري في المستقبل.