قصائد عن الرزق
كتب الشعراء عددًا من القصائد التي تناولت موضوع الرزق، ومن بين هؤلاء الشعراء نجد العديد من الأسماء البارزة في الأدب العربي، ومنها:
الإمام علي بن أبي طالب
يقول الإمام علي بن أبي طالب عن الرزق:
عليك بتــقــــــوى الله إذا كنت غــافـــلا
يأتيك بالأرزاق من حيث لا تـــدري
فكيف تخـــاف الـــفقر والله رازقا
فقد رزق الطـير والحوت في الــبحر
ومــن يظن أن الرزق يأتي بقوة
ما أكل العصفور شيئًا مع النسر
تزول عن الدنيا فإنك لا تــدري
إذا جن عليك الليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علّة
وكم من سقيم عاش حينًا من الدهر
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكًا
وأكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري
فمن عاش ألفًا أو ألفين
فلا بد من يوم يسير إلى القبر
ويقول في قصيدة أخرى:
لو كان صخرةٍ في البحر راسيةٍ صمَّاء ملمومةٍ ملسٍ نواحيها
رزقٌ لعبدٍ يراه الله لانفلقت حتَّى يؤدَّى إليه كلُّ ما فيها
أو كان تحت طباق السَّبع مطلبها لسهَّل الله في المرقى مراقيها
حتَّى تؤدَّي الذي في اللوح خطّ له إن هي أتته وإلاَّ سوف يأتيها
ويقول أيضًا:
لا تَخضَعَنَّ لِمَخلوقٍ عَلى طَمَعٍ
فَإِنَّ ذَلِكَ وَهنٌ مِنكَ في الدينِ
وَاستَرزِقِ اللَهَ مِمّا في خَزائِنِهِ
فَإِنَّما الأَمرُ بَينَ الكافِ وَالنونِ
إِنَّ الَّذي أَنتَ تَرجوهُ وَتَأمَلُهُ
مِنَ البَرِيَّةِ مِسكينُ اِبنُ مِسكينِ
ما أَحسَنَ الجود في الدُنيا وَفي الدينِ
وَأَقبَح البُخل فيمَن صِيغَ مِن طينِ
ما أَحسَنَ الدين وَالدُنيا إِذا اِجتَمَعا
لا باركَ اللَهُ في دُنيا بِلا دينِ
لَو كانَ بِاللُّبِ يَزدادُ اللَبيبُ غِنىً
لَكانَ كُلُّ لَبيبٍ مِثل قارونِ
لَكِنَّما الرِزقُ بِالميزانِ مِن حَكَمٍ
يُعطي اللَبيبَ وَيُعطي كُلَّ مَأفونِ
ابن أبي الدنيا
يقول ابن أبي الدنيا في الرزق:
ومن ظنّ أنَّ الرِّزق يأتي بحيلةٍ
فقد كذَّبته نفسه وهو آثم
يفوت الغنى من لا ينام عن السُّرى
وآخر يأتي رزقه وهو نائم
فما الفقر في ضعف احتيالٍ ولا
الغنى بكدٍّ وللأرزاق في النَّاس قاسم
سأصبر إن دهرٌ أناخ بكلكلٍ
وأرضى بحكم الله ما الله حاكم
لقد عشت في ضيقٍ من الدَّهر مدّةً
وفي سعةٍ والعرض منِّي سالم
ابن الأعرابي
يقول ابن الأعرابي في الرزق:
الحمد لله ليس الرِّزق بالطَّلب
ولا العطايا لذي عقلٍ ولا أدب
إن قدّر الله شيئاً أنت طالبه
يوماً وجدت إليه أقرب السبب
وإن أبى الله ما تهوى فلا طلبٌ
يجدي عليك ولو حاولت من كثب
وقد أقول لنفسي وهي ضيِّقةٌ
وقد أناخ عليها الدَّهر بالعجب
صبراً على ضيقة الأيَّام إنّ لها
فتحاً وما الصَّبر إلاّ عند ذي الأدب
سيفتح الله أبواب العطاء بما
فيه لنفسك راحاتٌ من التعب
ولو يكون كلامي حين أنشره
من اللّجين لكان الصَّمت من ذهب
نور الدين السالمي
يقول نور الدين السالمي في الرزق:
هون عليك فإن الرزق مقسوم
والعمر في اللوح محدود ومعلوم
فلا يزيد على ما خط منه كما
لا يدفع الجبن ما في الغيب محتوم
فبذلك الجهدُ في سعي تروم به
زيادة الرزق جهل منك مذموم
وصونك النفس عن موت تصادفه
وقد تأجل حمقً فيك مرسوم
فهل تعجل عن ميقات موعده
لقادم في الوغى والحرب مضروم
أم هل تأخر عنه لحظة لأخي
جبن تحدر عنه وهو مهضوم
كلا وربك لا يجدي الفرار كما
لا ينقص العمر إقدام وتصميم
ففي الشجاعة نيل المجد قاطبة
وفي الجبانة كل الذم محتوم.
وفي الشجاعة حصن لا انهدام له
وفي الجبانة إلقاء وتسليم
كم قادم عاش بالإقدام أزمنة
وناله في العلى عز وتكري
ومحجم كان في الإحجام مهلكه
وناله منه في الدارين تحريم.
فاختر لنفسك أي الحالتين ترى
إن الكريم عن الإذلال معصوم
واعلم بأنك إن تلق العدو على
صبر تلقاك من عينيه تعظيم
الإمام الشافعي
يقول الإمام الشافعي في الرزق:
تَوَكَّلتُ في رِزقي عَلى اللَهِ خالِقي
وَأَيقَنتُ أَنَّ اللَهَ لا شَكَّ رازِقي
وَما يَكُ مِن رِزقي فَلَيسَ يَفوتَني
وَلَو كانَ في قاعِ البِحارِ العَوامِقِ
سَيَأتي بِهِ اللَهُ العَظيمُ بِفَضلِهِ
وَلَو لَم يَكُن مِنّي اللِسانُ بِناطِقِ
فَفي أَيِّ شَيءٍ تَذهَبُ النَفسُ حَسرَةً
وَقَد قَسَمَ الرَحمَنُ رِزقَ الخَلائِقِ
أبيات شعرية متنوعة عن الرزق
- كم من قويٍّ قويٍ في تقلُّبه
مهذّب الرأي عنه الرِّزق منحرف
وكم ضعيفٍ ضعيف الرأي تبصره
كأنه من خليج البحر يغترف
- توكَّل على الرَّحمن في كلِّ حاجةٍ
ولا تؤثرنّ العجز يوماً على الطّلب
ألم تر أن الله قال لمريم
إليك فهزِّي الجذع يسَّاقط الرُّطب
- يا راكب الهول والآفات والهلكة
لا تعجلنَّ فليس الرِّزق بالحركة
من غير ربَّك في السَّبع العلى ملكاً
ومن أدار على أرجائها فلكه
أما ترى البحر والصَّيَّاد تضربه
أمواجه ونجوم الَّليل مشتبكة
يجرّ أذياله والموج يلطمه
وعقله بين عينه كلكل السمكة
حتَّى إذا راح مسروراً بها فرحاً
والحوت قد شكّ سفُّود الرَّدى حنكة
أتى إليك به رزقاً بلا تعبٍ
فصرت تملك منه مثل ما ملكه
لطًفًا من الله يعطي ذا بحيلته
هذا يصيد وهذا يأكل السَّمكة
- إنّ في الصّبرِ والقُنوعِ غنى الدّهرِ
حِرْصُ الحريصِ فقرٌ مُقيمٌ.
إنمَا الناسُ كالبهائِمِ في الرزقِ
سَواءٌ جَهولُهمْ وَالعليمُ.
ليسَ حزمُ الفتى يجرُّ لهُ الرزْقَ
ولا عاجزاً يُعدُّ العديمُ.
- إني رأيتك قاعداً مستقبلي
فعلمت أنك للهموم قرين
هون عليك وكن بربك واثقاً
فأخو التوكل شأنه التهوين.
طرح الآذى عن نفسه في رزقه
لما تيقن أنه مضمون.